فتاوى ابن جبرين » معاملات » الجنايات » الديات » دية النفس » أسباب وجوب الدية » من أسباب وجوب الدية القتل » أنواع القتل » القتل الخطأ » الدية على العاقلة في القتل الخطأ » [ 6166 ] التعاون بين القبائل في تحمل المغارم

السؤال

س: نفيد فضيلتكم أنه حصل بين شخص من قبيلتنا وشخص من قبيلة أخرى قضية جنائية أدت إلى إصابة الشخص الآخر. وبقيت تلك القضية معلقة حتى تدخل أهل الخير، وقاموا بالإصلاح بيننا على مبلغ مالي كبير دفعته قبيلتنا للقبيلة الأخرى. وقد جرت العادة بين القبائل أنها إذا تحملت مبالغ كبيرة كهذه، تقوم بإقامة مغرم وهو عبارة عن بناء خيام أو ما شابه ذلك، لتراها بقية القبائل الأخرى. وتتوافد لمساعدتها في هذا الشأن. وقد قمنا فعلًا بإقامة ذلك المغرم، وتوافدت علينا القبائل بمساعدات مالية كلٌّ حسب استطاعته وبعد مُضِيِّ أيام قليلة قمنا بإحصاء ما توفر لدينا من مبالغ، فاتضح أن ما وردنا قد غطى المبلغ الذي دفعناه، بل زاد عنه، مما جعلنا نقوم بإنهاء ذلك المغرم، وإشعار القبائل الأخرى التي لم تصل بذلك. وقد تم إيداع المبلغ الزائد في حساب لدى شركة الراجحي باسم القبيلة. إلا أننا أحببنا قبل أن يتم الصرف منه استصدار فتوى شرعية فيه. علمًا أن كافة المبالغ التي وردت لنا في ذلك المغرم تعتبر كالدَّيْن على قبيلتنا لكل قبيلة من تلك القبائل التي قدمت لمساعدتنا، سوف نقوم بِرَدِّها لأي قبيلة منهم قد تكون في حالة كهذه. والسؤال يا فضيلة الشيخ ما يلي: 1ـ ما حكم هذا المبلغ الزائد؟ 2ـ هل يتم إدخاله لصندوق الجماعة الموجود من السابق؟ 3ـ هل تتم تنميته بالبيع والشراء؟ 4ـ هل تجب فيه الزكاة؟ 5ـ سبق لقبيلتنا أن قدمت مساعدات مالية للقبائل الأخرى قبل إقامة هذا المغرم، فهل يحق لنا استعادة تلك المبالغ من هذا المبلغ الزائد؟

الجواب

نرى جواز مثل هذه المُساعدات؛ لأنها من تخفيف الحمالات والمغارم، فإن كان الأصل أنها إذا كانت عمدًا يتحملها الجاني شرعًا، وإذا كانت خَطَأً وبلغت ثلث الدية تحملها عاقلة الجاني، وهم أقاربه وعصباته. ولكن حيث كان هذا المغرم من باب الصلح ، وكان زائدًا على ما قرره الشرع من تحديد دية الأعضاء والمنافع، وكان عادة يشق أن تقوم به عاقلة الجاني جاز- والحال هذه- تقبل المساعدات والإعانات من بقية القبائل. فعلى هذا كان الْأَوْلَى الاقتصار على قدر الحمالة التي التزموا بها، وحيث حصلت الزيادة المذكورة فنعرف أن أهلها غير معروفين بأعيانهم لِتُرَدَّ عليهم، وأنهم قد لا يقبلونها حيث دفعوها كمساعدة وَهَدِيَّة، مع أن الرجوع في الهبة لا يجوز؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: العائد في هبته كالعائد في قيئه . _*فأولًا:*_ هذا المبلغ الزائد يُعتبر مُلكًا لهؤلاء الذين جمعوه وتقبلوه كهدية ومساعدة. _*ثانيًا:*_ يجوز إدخاله لصندوق الجماعة الموجود من السابق، ويُدَّخر لمُساعدة الآخرين فيما قد يحصل عليهم من إصابات وغرامات وحمالات ونحوها، كما يجوز صرفه في ديات الرقاب، ووفاء الديون عن المدينين، ومساعدة المتزوجين، وما أشبه ذلك. _*ثالثًا:*_ يجوز تنميته بالبيع والشراء فيه، وجعله رأس مال في تجارة، والمساهمة به في شركات لها نتاج وفوائد، ثم تُصرف فوائده في المصالح العامة الخاصة بالقبيلة، كالديات والديون، أو التي يُقصد بها التقرب إلى الله، كمساعدة المُجاهدين وتجهيز الغُزاة، ورواتب الدُعاة، ومدارس تحفيظ القرآن، وطبع الرسائل العلمية، والأشرطة الإسلامية وتوزيعها على المستحقين وما أشبه ذلك. _*رابعًا:*_ هذا المبلغ المتوفر في حالة بقائه غير مختصٍّ بأحد من الأشخاص يظهر أنه لا زكاة فيه، أما إذا اختص به أفراد، وأدخلوه في مُلكهم، فإنه يُزكى كسائر الأملاك. _*خامسًا:*_ تلك المساعدات التي قدمتها هذه القبيلة لقبائل أخرى قصدت منها الإعانة لهم، ولم تقصد الرجوع فيها، ولم تعتبرها قرضًا عليهم، بل هي تَبَرُّعٌ من هذه القبيلة لغيرها من القبائل، كما تبرع لها هؤلاء، فعلى هذا لا يحق لهم استعادة تلك المبالغ من هذا المبلغ المُتوفر، بل يعتبرون مُساعداتهم من باب الإعانة والهدية، فلا يحق لهم الرجوع فيها، ولأن هذا المال المتوفر ليس خاصًّا بأولئك الذين حصلت مساعدتهم في السابق، بل قد يكون منهم ومن غيرهم، فيُعمل بهذا المبلغ ما ذكرنا سابقًا، والله أعلم. ,


أجاب علي هذه الفتوى: سماحة الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله -

ملخص الفتوى

س نفيد فضيلتكم أنه حصل بين شخص من قبيلتنا وشخص من قبيلة أخرى قضية جنائية أدت إلى إصابة

عدد المشاهدات

549