فتاوى ابن جبرين » الدعوة الإسلامية والقضايا المعاصرة » قضايا فقهية معاصرة » البنوك والمصارف والمعاملات التجارية الحديثة » البيع والشراء بالتقسيط » [ 4676 ] إيضاح الحكم الشرعي في بعض أشكال نظام التورق لدى البنوك
السؤال
- س: أرجو إيضاح الحكم الشرعي في نظام التورق لدى أحد البنوك وهو على الشكل التالي: يتقدم الشخص للبنك، ويشتري بضاعة لا يشاهدها، ولكن توصف له وصفًا ينتفي به الغرر والجهالة، ويشتري هذه البضاعة من البنك بالتقسيط، ثم يعطي البنك وكالة لبيع هذه البضاعة، ويقوم البنك ببيعها على طرف ثالث، ويضع القيمة في حساب المشتري، ومن ثم يقوم بتسديد الأقساط للبنك، ولشرحها بالأرقام يكون قيمة البضاعة (10000) ريال، يشتريها المستفيد من البنك بـ (13000) ريال تقسيطا، ويقوم البنك ببيعها بـ (9900) ريال، علمًا بأننا لا نرى البضاعة، ولا نضمن بأن البنك لا يبيعها لنفسه.
الجواب
-
قد اختلف العلماء في إباحة التورق: الذي هو شراء السلعة بثمن مؤجل، وبيعها
بنقد أقل من المؤجل لأجل الانتفاع بثمنها، كأن يشتري سيارة بسبعين ألفًا
غائبة، ثم يبيعها بستين ألفًا نقدًا، وليس له غرض في السيارة، وإنما يريد
الانتفاع بثمنها، منع ذلك كثير من العلماء، ونقل ذلك عن شيخ الإسلام ابن
تيمية وتلميذه ابن القيم وقال: ( (إن التورق أخية الربا))، أي مرجعه الذي
يعود إليه، كالأخية: التي هي الوتد، تربط فيه الدابة، ومرجعها إلى ذلك
الوتد، وأباح ذلك الأكثرون، وعليه العمل لأن الإنسان قد يضطر إلى تحصيل بعض
النقود؛ ليوفي دينًا حالًّا، أو لزواج، أو لعمارة سكن، ولا يجد من يقرضه،
فيضطر إلى مسألة التورق، فيجوز ذلك سواء من البنوك، أو من التجار.
وعلى القول بالجواز لا بد أن تكون السلعة مملوكة للبنك، أو للتاجر، ومعلومة
بالوصف، أو بالمشاهدة، ومثال ذلك: إذا أردت شراء سيارة، أو ثلاجة، أو أدوات
منزلية، أو أقمشة، أو نحوها، فلا بد أن تكون مملوكة للبائع، فيقول: لك عندي
هذه الأقمشة، كثياب، وعمائم، وقلانس وقمصان، وسراويل وما أشبهها، وقيمتها
نقدًا عشرة آلاف، وأبيعك مؤجلة لمدة سنة بثلاثة عشر ألفًا، ففي هذه الحال
تكتب في ذمتك له ثلاثة عشر ألفًا مقسطة، أو مؤجلة، ثم تستلم تلك السلع،
وتبيعها مفرقة على المستهلكين، فإنك والحال هذه قد تربح فيها، فتبيعها
بخمسة عشر ألفًا، كما يفعل التجار، ولا يكون عليك خسارة، ولا ضرر.
وهكذا لو اشتريت أكياسًا من البر، أو الأرز، أو القهوة، أو الهيل، أو
القرنفل، أو الزنجبيل، أو ما أشبهها، وكان ثمنها بالجملة عشرة آلاف نقدًا،
فاشتريتها بثلاثة عشر ألفًا مؤجلة، ثم بعتها بالتفريق على المستهلكين، فقد
تبيعها بخمسة عشر ألفًا، أو ما أشبه ذلك، وإذا شق عليك مثل هذه السلع وأردت
شراء سيارة، فلك أن تذكرها للبنك، أو للتاجر، وتقول: تعجبني السيارة رقم
كذا في المعرض الفلاني، أريد شرائها بالمؤجل، فيتصل التاجر، أو البنك بصاحب
المعرض يسأله عن قيمتها، ويأمره بحجزها له، ثم يرسل مندوبا من البنك، أو
التاجر بثمنها يدفعه لمالكها، ويستلم منه أوراقها ومفاتيحها، ثم ينقلها،
ولو من مظلة إلى مظلة لتدخل في ملك المشتري، وينقطع الخيار، ثم بعد ذلك
يعرضها المشتري عليك، فيقول هذه السيارة دخلت في ملكنا، وثمنها ستون ألفًا،
ولا نبيعها بالأقساط إلا بسبعين ألفًا، ولا نلزمك بها، فإذا رغبتك في
شرائها، فإنك تكتب على نفسك أنك مدين لهم بهذا المقدار، فيدفعون لك
أوراقها، ومفاتيحها، ويتصلون بالبنك لتستلمها منهم، ولك الخيار بعد أن تغير
موضعها بين أن تبيعها على صاحب المعرض، أو على غيره، أو تستعملها، ولا
يشترط نقل الملكية، وهو ما يعرف بالاستمارة، فإنه شيء جديد، وليس شرطًا في
الملكية.
وأما إذا كانت البضاعة غائبة فلا بد من وصفها وصفًا ينتفي معه الغرر،
والجهالة برؤية نوعها، والتحقق من سلامتها، والمختار في هذه الحالة: أنك
تستلمها، وتتصرف فيها ببيع، أو استعمال، وأنك لا توكل البنك على بيعها،
فإنه قد يشتريها لنفسه، وذلك لا يجوز وهو ما يسمى بمسألة العينة، فإن وكلت
غير البنك، فله بيعها على طرف ثالث، والمختار أن يبيعها مفرقة، ولا يجوز
بيعها، وهي في مكانها، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع السلع، حيث
تبتاع، حتى يحوزها التجار إلى رحالهم. والله أعلم.
,
أجاب علي هذه الفتوى: سماحة الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله -
ملخص الفتوى
- س أرجو إيضاح الحكم الشرعي في نظام التورق لدى أحد البنوك وهو على الشكل التالي يتقدم الشخص للبنك
عدد المشاهدات
- 506