فتاوى ابن جبرين » معاملات » الجنايات » الردة » ما يوجب الردة » ما يوجب الردة اعتقادا » [ 3660 ] القول في مقالة الكفر المخرج من الملة هو الكفر الاعتقادي والعملي إذا دل على اعتقاد

السؤال

س: نرجو من فضيلتكم التعليق على هذه المقالة وبيان ما فيها من الحق والباطل: قول بعض الناس إن الكفر المخرج من الملة هو الكفر الاعتقادي فقط، أما العملي فلا يخرج من الملة إلا إذا كان يدل على اعتقاد كالسجود لصنم مثلًا، فإنه يعتبر كفرًا لأنه يدل على عقيدة في الباطن، لا لمجرد السجود فقط، ومثله: سَبُّ الله، أو الاستهزاء بالدين، أو نحو ذلك، فلا يكفر الإنسان بعمل مهما كان؟

الجواب

معلوم أن الاعتقاد بالقلب يكون خفيًّا لا يطَّلع عليه إلا الله، أما الخلق فإنهم يُعامِلُون الإنسان بما ظهر لهم، فقد ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "إن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذ بالظاهر، فمن أظهر لنا خيرًا أحببناه وقَرَّبْنَاهُ، وإن كان باطنه فيه شَرٌّ، ومن أظهر لنا شَرًّا أبغضناه وأبعدناه، ولو كان باطنه حسنًا". وإذا كان كذلك، فإن مَنْ سمعناه يسب الله، أو يستهزئ بالدين، أو يسب أهل الإسلام، أو يمدح الكُفَّار ويُثني عليهم، ويصوِّب مُعتقدهم ودياناتهم، فإننا نحكم بكفره، وهكذا كُلُّ ما ذكر الفقهاء من الأعمال والأقوال الكثيرة التي ذكروها في باب حكم المُرتد، فإنه يكفر بها، وإذا ادَّعَى أن قلبه مطمئن بالإيمان!! طلبنا منه أن نَشُقَّ عن قلبه حتى نَنْظُرَ هل هو أسود أم أبيض!! وهذا من باب الإلزام له، وهكذا من أظهر الإسلام، فإنه يُكَفُّ عنه؛ ففي حديث أسامة لما قتل رجلًا من الحرقات بعدما قال: "لا إله إلا الله"، وادعى أنه إنما قالها خوفًا من القتل، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل شققتَ عن قلبه حتى تعلم هل قالها أم لا؟ ! . وبكل حال، فالذين قالوا: إن الكفر المخرج من الملة هو الكفر الاعتقادي.. نقول لهم: صحيح! ولكن الاعتقاد خفي لا يطَّلع عليه إلا الله، وأما الكفر العملي سواء بالأفعال أو بالأقوال فإنه الذي يُشاهد من صاحبه سمعًا أو رُؤية فيُعامل بذلك، فالذين يعكفون عند القبور، أو يتحرون الصلاة عندها، أو يدعون الأموات يُحكم بشركهم، ولو قالوا: إن قلوبنا مؤمنة، نقول لهم: لا نُصَدِّقُكُمْ حتى تُمَكِّنُونَا أن نشق عن قلوبكم!! وإلا فإننا نُعاملكم بما ظهر منكم. وهكذا بقية الأقوال والأفعال الدالة على الكُفر والشرك، فإنها دالة على الكفر في الباطن، فمن ادَّعَى الإيمان بقلبه فلا بد له من علامات ظاهرة، كما أن من ادعى الإيمان الصادق ومحبة الله فلا بد من علامات، ولهذا قال ابْنُ الْقَيِّم رحمه الله ـ في النونية: *أَتُحِبُّ أعــــداء الحبيب وتـدعـي * *حبًّـا لـه مــا ذاك فـي الإمكـــانِ * *حُبُّ الْقُـرَانِ وحُبُّ ألحــان الْغِنَــا * *فـي قَلْــبِ عبــدٍ ليس يجتمعـــانِ * فمن أحب الله وحده عمل له بالطاعة، وكفر بما يُعبد من دون الله، وأبغض الكفر والكفار فهو مؤمن، وأمَّا مَنْ عَمِلَ بالمعاصي، وأظهر موالاة الكفار، وحبَّذ مذاهبهم، وسَبَّ دين الإسلام، فإنه -وإن ادعى الصدق في حب الله- فليس بصادق، ولهذا قال بعض السلف: مَنِ ادَّعَى محبة الله، ولم يوافقه فدعواه باطلة، ويقول بعض الشعراء: *تعصـي الإلــه وأنـت تـزعم حُبَّـه * *هــذا لَعَمْــرِي فـي الفعـال بـديـعُ !! * *لـو كـان حُـبُّك صــادقًـا لأطعتـه * *إن المحــب لمــن يحـــب مطيــع * فعلى هذا يُرَدُّ على هؤلاء الذين يدَّعون أن الكفر المخرج من الملة هو الكفر الاعتقادي بأن الأعمال الكُفرية دليلٌ على الاعتقاد، والله أعلم. ,


أجاب علي هذه الفتوى: سماحة الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله -

ملخص الفتوى

س نرجو من فضيلتكم التعليق على هذه المقالة وبيان ما فيها من الحق والباطل قول بعض الناس إن

عدد المشاهدات

179