فتاوى ابن جبرين » الآداب الشرعية » آداب المعاملة » العلم » أحكام العلم » توقير العلماء وتعظيم حرماتهم » [ 1309 ] التشهير بالعلماء والدعاة
السؤال
- س: ما هو رأيكم حفظكم الله فيمن يتخذ أخطاء وزلات العلماء والدعاة طريقًا للقدح فيهم، بل وتبديعهم، والتحذير منهم، ومن كتبهم، وأشرطتهم لأنها مخالفة لمنهج السلف وما كان عليه ـ مع إننا نعرف هؤلاء العلماء والدعاة في هذه البلاد بسلامة العقيدة والمنهج. كمن يتتبع كتب الْعَلَّامة بكر أبو زيد عضو هيئة كبار العلماء وعرض الأخطاء التي يظنون أن الشيخ وقع فيها، وترويج هذه الأخطاء بين الناس وطلاب العلم، دون الرجوع للشيخ ومعرفة قول الشيخ في المسائل التي يظنون أنه أخطاء فيها ومن ثَمَّ رميه بأنه مبتدع وأنه قُطْبِيٌّ. وكذا الشيخ/ إبراهيم الدويش بتتبع أشرطته وتأويل كلامه تأويلًا فاسدًا ورميه بأنه يهيج أفكار الشباب، ويدعوهم للخروج على ولاة الأمر، ومواصلة ما كان عليه الدعاة الذين كانوا قبله من تلقي الأفكار من الخارج. فسؤالي يا شيخنا: 1ـ هل من منهج السلف فعل ما يقوم به هؤلاء بالطعن في العلماء والدعاة بهذه الصورة؟ 2ـ هل التشهير بالعلماء والدعاة قبل مناصحتهم منهج سلفي؟ 3ـ وهل يجوز لأي شخص أن يقوم بتتبع العلماء والدعاة الذين عُرِفُوا وانتشر خبرهم وأنهم من أهل السنة والجماعة، وزكاهم عدد كبير من العلماء بسبب وقوعهم في خطأ أو أكثر؟ 4ـ ما هي نصيحتكم لمن وقع في هذا الأمر حفظكم الله وبارك الله فيكم؟
الجواب
-
لا شك أن هذا الضرب من الناس مخطئون بعيدون عن الصواب، وأنهم يريدون أن
يُظهروا أنفسهم أمام الناس بأن لهم معرفة واجتهادا ونظرا، وهم أقل وأحقر من
ذلك، وليسوا كفئًا لهؤلاء المشايخ الذين ينتقدونهم، ويخطئونهم، ويقللون من
شأنهم، ويحقرون مكانتهم، وكان الواجب عليهم إذا رأوا خطأ في أحد كتب
المشايخ المشهورين أو في شريط من أشرطتهم أن يُراجعوا ذلك الشيخ، ويتثبتوا
من هذا الخطأ، فإن كان خطأ صحيحًا أقنعوا ذلك العالم بما رأوه، فهو سوف
يتراجع عن خطئه، أما إن كان ليس عليه خطأ فإنه سوف يُبين لهم الصواب، والقول
الصحيح، ويوضح لهم سوء فهمهم. والظاهر أن هؤلاء ليس قصدهم النصيحة ولا
التحذير من الأخطاء، وإنما قصدهم التعصب لبعض مشايخهم الذين اشتهروا بالميل
إليهم، والذين بينهم وبين هؤلاء المشايخ منافسة، حصل من آثارها مقاطعة
وبغضاء وأحقاد وعداوات، بحيث صاروا يُخطئون كل من خالفهم في منهجهم، ويرمونه
بأنه قطبي، كما يقولون !! أو إخواني أو سروري؛ حيث إنهم يطعنون في سيد قطب
لأنه دعا إلى التوحيد، وقُتل بسبب تمسكه بالعقيدة!! فيتهمونه بأنه ثوري،
وخارج عن طاعة ولاة الأمور، وأن كل من أنكر شيئًا من المحرمات وأعلنها فإنه
خارجي. وهؤلاء فرقة يُعرفون بهذا التشدد، وتتبع العثرات، فيجعلون الصغيرة
كبيرة، ويجعلون من الحبة قبة.
فنقول أولًا: ليس من منهج السلف ما يقوم به هؤلاء من الطعن في العلماء
والدعاة، بل إن السلف رحمهم الله يُحبون علماءهم، ويُثنون عليهم، وإذا وقع من
أحدهم خطأ يسير نصحوه فيرجع إلى الصواب.
ونقول ثانيًا: إن التشهير بالعلماء والدعاة قبل مناصحتهم منهج بدعي بعيد عن
الصواب بل إن الواجب محبة علماء الأمة ودُعاتهم، والقيام بنشر علمهم، وقبول
نصائحهم وإرشاداتهم، ونُصحهم إذا وقع منهم شيء من الأخطاء اليسيرة، فإن
العصمة للرسل، وَكُلٌّ يُؤخذ من قوله ويُترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم.
ونقول ثالثًا: لا يجوز لأي شخص أن يُعلن هذه الأخطاء اليسيرة التي وقعت من
علماء ودعاة مشهورين قد انتشر خبرهم وزكاهم أكابر العلماء، وعُرف بأنهم من
أئمة السُنة وجماعة المسلمين، فلا يجوز الطعن فيهم إن وقعوا في خطأ، أو
أخطاء يسيرة، حتى يتحقق من ذلك الخطأ. ومن فعل ذلك، فإنما حمله الحسد، وقد
قال النبي صلى الله عليه وسلم: إياكم والحسد؛ فإن الحسد يأكل الحسنات كما
تأكل النار الحطب .
ونقول رابعًا: ننصح هؤلاء الشباب والطلاب الذين يقومون بمثل هذه الأعمال
ويتجرءون على علماء الأمة أن يقتصروا على أنفسهم وأن يُصلحوا عيوبهم، ففيهم
عيوب كثيرة وأن لا يتعرضوا لعلماء المسلمين ودُعاتهم الذين انتشر خبرهم وظهر
أمرهم. فنقول كما قال الشاعر:
*أقلـوا علي هـم لا أبـــا لأبيــكم *
*من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا *
وكقول الآخر:
*متـى كـنتم أهـلًا لكـل فضيلـــة *
*متى كنتم حـربًا لمن حـاد أو كفـر *
عليكم بالمبتدعة الذين يدعون إلى البدع، كعبادة الأموات، وعمارة المشاهد
التي هي كالأصنام، وإحياء الموالد المبتدعة. وكذلك المبتدعة في العقيدة
كالروافض الذين انتشر شرهم وتمكنوا في كثير من البلاد، وكذلك المعتزلة
والمتصوفة والأشاعرة والإباحية والعلمانية والحداثية والبعثية والإباضية،
ونحوهم من الذين تُحُقِّقَ كفرهم أو ابتداعهم، وعُرف كثرة خطرهم وشرهم على
الإسلام والمسلمين. فهم أولى بأن توجه إليهم الردود ، ويُحذر المسلمون من
شرهم. أما العلماء المجتهدون الذين نفع الله بمؤلفاتهم ومحاضراتهم فإنهم
أولى بنصرهم، والذب عنهم، والاعتذار عن أخطائهم، وبيان اجتهاداتهم ليكون
المسلم قابلًا للحق مع كل من جاء به، فقد قال بعض السلف "اقبلِ الحقَّ ممن جاء
به، ولو كان عدوا، ورُدَّ الباطل على من جاء به، ولو كان صَدِيقًا"، ويقال:
الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل، والله أعلم.
,
أجاب علي هذه الفتوى: سماحة الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله -
ملخص الفتوى
- س ما هو رأيكم حفظكم الله فيمن يتخذ أخطاء وزلات العلماء والدعاة طريقا للقدح فيهم بل وتبديعهم والتحذير
عدد المشاهدات
- 985