فتاوى ابن جبرين » عبادات » الصلاة » صلاة الجماعة » أحكام متعلقة بصلاة الجماعة » صفة الأئمة في صلاة الجماعة » [ 1246 ] الصلاة خلف مستور الحال

السؤال

س: هل يجوز أن لا نصلي خلف مستور الحال إذا كان في دار غلب على أهلها الشرك والجهل بالتوحيد؟ وخصوصًا إذا كان الأئمة والخطباء جُهَّالًا بالتوحيد، وفي مسائل الإيمان، وأغلبهم قد تَلَبَّس بالناقض الثالث، وهو: من لم يكفر المشركين أو يتوقف في تكفيرهم. فهل يجوز أن لا نصلي خلف مستور الحال إذا غلب على حال أهل المساجد ذلك أم لا؟ علمًا أن بعض المسلمين لا يصلون خلف مستور الحال، ويقولون: نحن نحكم على الإمام والخطيب بالإسلام ظاهرًا، لكن لا نصلي خلفه ورعًا، ونخشى أن يكون الإمام قد تلبس بالناقض الثالث، أو عنده شرك، أو لم يكفر المشركين، أو يتوقف في تكفيرهم، وهم لم يحكموا عليهم بالكفر، لأنه لا يجوز الظن، ولكن هو لا يصلي إلا خلف من يعرف أنه موحد، ومن يكفر المشركين، ويخشى الصلاة خلف مستور الحال ورعًا، وخشية أن يكون الإمام جاء بناقض، وليس أن الإمام كافر، وإنما يحكمون عليهم بالإسلام، لكن هم يخشون الصلاة خلفهم، وخصوصًا في دار الكفر، لغلبة الجهل بالتوحيد وانتشار الفتن. أما في دار الإسلام فهم يقولون: نحن نصلي خلف مستور الحال؛ لأن الأصل في دار الإسلام هو حسن الظن مثل الحجاز ؛ لأنها دار غلب على أهلها الإسلام، وخصوصًا الخطباء وأئمة المساجد كلهم على التوحيد والإسلام الصحيح، وكذلك علماؤهم كلهم على التوحيد. فهم يقولون: نحن نحسن الظن في تلك الدار. أما دار الكفر: فالأصل هو سوء الظن، وليس حسن الظن، لانتشار العقائد الهدامة في المدارس والمعاهد والكليات، بل لا يدخل في كلية شريعة، أو علوم إسلامية، أو كلية تربية أو فنون إلا من كان بعثيًّا منتميا إلى الحزب، وإن كان في الظاهر فقط ، وإن كان على الأوراق فقط فهذا لا يجوز. بل كثير من الكليات والمدارس والمعاهد لا تخلو من دروس الثقافة القومية التي فيها دروس ومواضيع البعثية، بل هي مفروضة هذه المواضيع كمناهج يمتحن فيها الطالب. أما الانتماء إلى الأحزاب مثل البعثية، فقد تكون بعض الكليات أهلية ليست حكومية، لا يوجد فيها شرط الانتماء إلى البعث. وأنا واحد من المسلمين بعدما أنعم الله عليَّ بنعمة الإسلام، أو نقول: الهداية، أولًا: تركت الكلية، وتبرأت من البعثية، وعلمت أن الإسلام لا يصح إلا بالكفر بالطاغوت، والإعراض عن الكفار والمشركين. وهذا أقل ما يكون إذا كان لم يكن قادرا على أن يظهر دينه، لأنه مستضعف. ولم يعذر الطالب في دوامه في الكلية وهو منتمٍ إلى تلك الأحزاب، ويقول: أنا كافر بها، لكن كيف أترك الدوام وأنا في باطني لم أحتمِ بها، بل هذا لا يصح، بل لا يصح الإسلام والإيمان إلا بالكفر بالطاغوت، وهذا أصل قبل الإيمان، وهذا مما جعلني أن أخرج من تلك الدار، وأعيش في دار كفر أقل من الأولى، حتى يفتح الله لنا بالموافقة في الدخول في دار الإسلام في الحجاز فكيف يا فضيلة الشيخ أن أُحِسَّن الظن في دار الكفر، والناس هذا حالها، وأئمة المساجد والخطباء ينتمون إلى وزارة الأوقاف، وكلها طواغيت، ولم توافق على كل إمام أو خطيب إلا من كان موافقا لما تريد منه في الخطبة، بل لا يستطيع التكلم بأمور خشية من السلطة، فهل يصح أن نصلي خلف مستور الحال، ونقول: لا نعرف حاله فنصلي خلفه؟ وإذا عرفنا أنه مشرك أو كافر نُعْرِض عنه؟ أم نعتزل في البيوت أفضل وأسلم لديننا، وأقرب للكتاب والسنة؟! كما قال تعالى: وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ هذا عندما اشتد الأمر في المسلمين، وهذا قول الطبري يقول: اجعلوا بيوتكم قبلة، وقوله صلى الله عليه وسلم: إن لم يكن جماعة ولا إمام، فاعتزل الْفِرَق أو كما قال في آخر الحديث" ومعلوم لا توجد جماعة على الحق إلا في الحجاز والجماعة ما كان على الحق، وإن خالف الكثير، وهو موافق لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. أما الإمام فلا يوجد إلا في الحجاز فكيف نصلي خلف مستور الحال، ونقول: إن ظاهره مسلم، والأصل في المسلم حسن الظن؟ أما إذا كان الحق هو أن نصلي خلف مستور الحال، ونأخذ المسلم على ظاهره، فنحن نسمع الحق إن شاء الله منكم، ونريد أن نكون من الطائفة المنصورة التي على الحق، لأن هناك بعض الأمور قد التبست على بعض الإخوة المسلمين، ولم يعرفوا:هل يُصلون جمعة وجماعة أم لا؟

الجواب

إذا كان الأصل في هؤلاء الخطباء والأئمة الإسلام والتوحيد، وحُسن المعتقد، جازت الصلاة خلفهم، وإن لم يُبحث عن عقائدهم وأعمالهم. وطريقة معرفة ذلك: بنشأتهم، وبما يُسمع عنهم في الخطب، وفي الأعمال، وفي المجالس، وما يُشاهد من أعمالهم وأقوالهم في مجالسهم، وعند مناقشتهم، فإذا عُرف عنهم الإسلام والعمل بأركانه، وأداء الصلاة كاملة، ولم يُشاهد عنهم ما يُخِلُّ بالدين جازت الصلاة خلفهم، ولا حاجة إلى سؤالهم عن معتقداتهم. فأما إذا عُرف عنهم أشياء من الشركيات، وفعل المحرمات، كالتوسل بالأموات، ودُعاء الغائبين، وإباحة الأمور الشركية، كالتمائم والحرُوز، أو السحر والكهانة، فلا يجوز أن يُصلى خلفهم ولو كانوا جُهَّالًا ومُقَلِّدين. ويجب في هذه الحال نصيحتهم ودعوتهم إلى التوحيد الخالص، وإذا ادعوا الجهل نُصحوا بأن يتعلموا. ووسائل العلم متوفرة، فبإمكانهم أن يعرفوا الحق، والدين الخالص، وبإمكانهم أن يبحثوا عن كتب أهل العلم، وسوف يجدونها بلغة العرب وبغيرها من اللغات التي يفهمونها. وفي الجملة: تصح الصلاة خلف مستور الحال، وإن غلب على الظن أنه مشرك أو قبوري، فيُصلى خلفه، ثم تُعاد الصلاة. وأما إذا لم يظهر منه ما يُفسد عقيدته، أو يُبطل عمله، فالأصل الحكم عليه بالإسلام. ولا يجوز البحث عن خفاياه، فإن المسلمين يُؤخذون بالظاهر، فمن أظهر لنا خيرًا أحببناه وواليناه، ومن أظهر شرًّا عاديناه وقاطعناه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس، ولا أشق بطونهم وليس التوحيد محصورًا في أهل الحجاز فهناك بلاد كثيرة يوجد فيها جماعات من المُوحدين القائمين بشرع الله، والمطبقين لأحكام الدين، كما يُوجد في أرض الحجاز كثير من الْمُبتدعين والْعُصاة والْمُفسدين، فلا نزكي على الله أحدا، ولا نُقَنِّت الناس من رحمة الله. والله أعلم. ,


أجاب علي هذه الفتوى: سماحة الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله -

ملخص الفتوى

س هل يجوز أن لا نصلي خلف مستور الحال إذا كان في دار غلب على أهلها الشرك والجهل

عدد المشاهدات

329