فتاوى ابن جبرين » الآداب الشرعية » آداب المعاملة » العلم » أحكام العلم » دعاة وعلماء » [ 12217 ] مقارنة بين وقت طلب الشيخ عبد الله للعلم وبين وقتنا الحاضر
السؤال
- س: لو أردنا المقارنة بين ذلك الوقت، وبين اليوم، من حيث إقبال الشباب على العلم فهل نجد فوارق بارزة بين المرحلتين، وهل كانت تتوسطهما مرحلة أخرى تتميز عنهما ؟
الجواب
-
لا شك أن هناك فوارق كبيرة لها تأثيرها في كل من المرحلتين، ولكل منهما
ميزة ظاهرة، فقبل خمسين عامًا كان في هذه المملكة قلة في العلماء الربانيين
البارزين، سيما في القرى والبلاد النائية، وذلك لأن طلاب العلم أفراد
وأعداده قليلون وتغلب العامية على الأكثر، وذلك لأنهم عاشوا في فقر وفاقة،
وشظف عيش، وقلة في الإمكانيات، فالمواطنون يهمهم الحصول على لقمة العيش،
فالبوادي الرحل يتبعون مواضع القطر لمواشيهم التي بها معاشهم ومعاش
عوائلهم، فهم أميون، لا يقرؤون ولا يكتبون، وأكثرهم جهلاء، قد لا يحسنون
قراءة الفاتحة، ولا صفة الطهارة والصلاة إلا ما شاء الله.
وأهل القرى منشغلون بتحصيل الرزق والقوت، إما في حرث وغرس فيعملون طوال
الوقت في السقي والحرث، والغرس والإصلاح وإنما يتفرغون لأداء الفرائض
جماعة، وسماع ما يقرأ في الصلاة، ولا يجدون غالبًا من يلقنهم تعاليم الدين،
وآخرون أهل صناعة من الصناعات اليدوية، كحدادة ونجارة، وخرازة ودباغة،
وحياكة ونحوها مما يتحصلون منه على القوت الضروري، كغذاء وكسوة وسكن يكنهم
عن الحر والقر، وآخرون منشغلون في التجارة التي تتوقف على الرحلات،
والأسفار الطويلة، حيث تستغرق الأشهر، يقطعون فيها المفازات والصحاري، مما
لا يتفرغون معه لتعلم أو تفقه في الدين، وإنما يتلقون من آبائهم العلوم
الضرورية في العبادات قولا أو فعلا.
ومع هذه الأحوال فإن هناك من اهتموا بالطلب والتعليم، فتجشموا الصعاب،
وقطعوا المراحل البعيدة، وتغربوا عن الأوطان، ولازموا العلماء في المدن أو
في بعض القرى، على ملء بطونهم، وكسوة ظهورهم، وأكبوا على التلقي واهتموا
بالحفظ والفهم، واستهموا على الوقت، وأقبلوا بكلياتهم على التعلم، فوفقهم
الله وسدد خطاهم، وأعطاهم ما تمنوا، رغم قلة الإمكانيات، وبعد المسافات،
وكثرة المعوقات، ولكنهم صبروا على المشقة، وركبوا الصعوبات، حتى مكنهم الله
وأعطاهم ما تمنوا، ولكنهم قلة قليلة، يتواجدون في المدن، وحول حملة العلم،
وأكابر العلماء الذين أنزل الله في علمهم البركة، واهتموا بتعليم العقائد
والعبادات والأحكام، وبارك الله في سعيهم، وذلك لحسن النيات والمقاصد، حيث
لا يريدون عرض الدنيا، وإنما قصد والاستفادة وحمل العلم، والتفقه في الدين.
ولا شك أن هذا الجهد الذي يبذلونه، وهذه المشقة التي يتجشمونها، قليلة
بالنسبة إلى ما نسمع ونقرأ عن جهود سلفنا الصالح، وعلماء صدر هذه الأمة، في
القرون المفضلة، ومن سار على نهجهم، الذين يتغربون عن أهليهم عدة سنوات،
للتعلم والاستفادة، ويسافر أحدهم للتحمل والأخذ عن المشايخ الأكابر الشهر
والأشهر، ويسهرون الليالي في طلب المعالي، مما كان سببًا في بقاء علومهم،
والانتفاع بآثارهم، والبركة في مؤلفاتهم، وبقاء لسان صدق لهم فيمن بعدهم،
فرحمهم الله وأكرم مثواهم .
,
أجاب علي هذه الفتوى: سماحة الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله -
ملخص الفتوى
- س لو أردنا المقارنة بين ذلك الوقت وبين اليوم من حيث إقبال الشباب على العلم فهل نجد فوارق
عدد المشاهدات
- 608