فتاوى ابن جبرين » العقائد » الإيمان » حكم أصحاب الكبائر والفاسق الملي » [ 4870 ] حكم من يقول المسلم العاصي دون توبة يخلد في النار

السؤال

س: بعض الناس ممن قصر فهمهم - غفر الله لنا ولهم - يقول: بأن من يدخل النار - عياذا بالله منها - من المسلمين الذين ارتكبوا كبائر دون توبة منها، لا يخرجون منها مخالفين بذلك مذهب أهل السنة، والجماعة القائل: بخروج من كان في قلبه مثقال ذرة من خير، أو إيمان، كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة، وإلى فضيلتكم شُبَههم: 1- في القرآن آيات، فهو من ظاهرها نقض هذا الأصل عند أهل السنة هي:- قال تعالى: فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ولا ثالث، وقوله تعالى: فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ إلى آخر الآيات التي ذكرت خلود أهل الشقاء في النار، وخلود أهل السعادة في الجنة، ولا ثالث، وقوله تعالى: فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ وهل المسلم العاصي ممن ثقلت موازينه؟ وقوله تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا . 2- في أحاديث الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهي كثيرة- أحاديث تنفي دخول الجنة عن المسلم العاصي، كنفيها عن قاطع الرحم، وشارب الخمر، ومسبل إزاره، بل إن هناك أحاديث تثبت أن المسلم العاصي، أو المسلمة العاصية لا يجد ريح الجنة، وأحاديث أخرى فيها وعيد شديد، ولعن، وطرد عن رحمة الله. فكيف التوفيق بين هذه النصوص التي ظن البعض أن بينها وبين الأحاديث الصحيحة التي أثبتت الخروج من النار لأهل الإسلام الذين ارتكبوا معاصي، ولم يتوبوا منها تعارض؟

الجواب

هذا القول: قد قال به الخوارج: الذين يكفرون بالذنوب، ويستحلون دماء أهل الكبائر، وأموالهم، ويحكمون بأنهم مخلدون في النار، وهم الذين ورد فيهم من الأحاديث ما يدل على أنهم كلاب النار، وأنهم يقولون من خير قول البرية، ويحقر الصحابة صلاتهم إلى صلاتهم، وصيامهم إلى صيامهم، وأنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، وأنهم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، وجاء الأمر بقتالهم، وأن في قتلهم أجرا لمن قتلهم، وقال: لئن لقيتهم لأقتلنهم قتل عاد وإرم . وقد تبعتهم المعتزلة إلا أنهم لا يقاتلونهم، ولكن يحكمون بخلودهم في النار، أما قوله تعالى: فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ فلا مانع لمن دخل السعير أن يخرج منها بعد تمحيصه، ويلحق بفريق الجنة، ويكون إدخاله في السعير لأجل ما معه من الذنوب التي لم يتب منها، وأما قوله تعالى: يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ فقد علم أن من دخلها، ولم يكن من الذين حكم عليهم بالخلود، أنه يخرج منها بشفاعة الشافعين، أو برحمة أرحم الراحمين، وذلك بعد أن تكفر خطاياه، ولو كان حمما، ويكون ممن استثنى الله بقوله: إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ . وأما ثقل الموازين وخفتها، فإن الذين تخف موازينهم قد يكون معهم توحيد، ومعهم سيئات، فيدخلون النار بقدر سيئاتهم، ثم يخرجهم الله من النار بما معهم من التوحيد، وأما قوله تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا فالمراد: أن هذا جزاءه إذا جازاه الله، وقد يعفو الله عنه إذا تاب قبل موته، وقد يدخله النار، ثم يخرج منها بعد تمحيصه، وأما عرض النار، أو الجنة على الميت في قبره، فلا مانع من أن يكون هناك من يعرض عليه مقعده من الجنة، ومقعده من النار، فيراهما معا، بمعنى: أنه يعلم أنه سيدخل النار بذنوبه، ثم يدخل الجنة بتوحيده، وأما نفي دخول الجنة عن قاطع الرحم، والنمام، وشارب الخمر، والمسبل إزاره، فإن المراد عند أهل السنة: أنه لا يدخلها على أول وهلة، بل يعذَّب قبل دخولها بقدر ذنبه، ثم يخرج منها، وكفى بذلك عذابا، وهو معنى كونه لا يجد ريح الجنة، يعني: في الموقف، كما يجدها غيره من الموحدين، وكذلك ما ورد من الوعيد الشديد، واللعن، والطرد عن رحمة الله، فإن ذلك من أحاديث الوعيد، تجرى على ظاهرها؛ ليكون أبلغ في الزجر، مع الاعتقاد بأن أهل التوحيد مآلهم إلى دخول الجنة. ,


أجاب علي هذه الفتوى: سماحة الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله -

ملخص الفتوى

س بعض الناس ممن قصر فهمهم غفر الله لنا ولهم يقول بأن من يدخل النار عياذا بالله منها

عدد المشاهدات

599