فتاوى ابن جبرين » الآداب الشرعية » آداب المعاملة » حق المسلم » حب الخير وكراهية الشر للمسلم » [ 3427 ] هل لا بد لتحرير العبد أن يحرر من سيده الشرعي أم تحرير العبيد دوليا يعطيه الحق في الحرية

السؤال

س: مشكلة الرق متفاقمة في بعض دول أفريقيا، وما زالت الأحكام الشرعية تُطبق عليهم تحت ضغط من العلماء التقليديين الذين لا يرون شرعية تحرير العبيد دوليا من غير تحرير من أسيادهم الشرعيين، وكذلك ولد الزنى في بعض تلك المجتمعات لا يُزوج ولا يُعامل معاملة المسلمين ويرونه نجسا ولا يدخل الجنة لأن الجنة لا يدخلها إلا طاهر والمرأة التي زنت تُرمى وتُنبذ حتى من والديها ولا يرون لها توبة، لا تُجالس ولا تُؤاكل، قد تموت جوعًا ولا تُرحم، وقد لا تُدفن، وهذه الطبقات أضعف انتمائهم إلى حب الإسلام ما يلاقونه من الويلات والتهميش الاجتماعي من قبل الأسياد، وقد تفطنت الكنيسة إلى وضعهم وقربوهم إليهم، وخصوهم ببعض المميزات واعتنوا بهم حتى دخل كثير منهم في النصرانية، لأن أهليهم نبذوهم، والدعاة الميدانيون يحرجون كثيرًا من الأسئلة والمشاكل التي تُعرض عليهم في حكم الشرع المُطهر في هذه المسائل وسُبل حلها والقضاء عليها، فنرجو النظر إلى هذه المسائل وإصدار الفتوى مع التوجيه والنصيحة؟

الجواب

اعلم أن الرق في الإسلام سببه الكُفر، فمتى استولى المُسلمون على أولاد الكُفَّار ونسائهم ملكوهم وأصبحوا أرقَّاءً عبيدًا لمن ملكهم بعد أن كانوا عبيدًا للشيطان في حالة الكُفر، وجاء الإسلام بُحسن التعامل معهم ولو بقوا على كُفرهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هم إخوانكم خولكم ـ يعني خدمكم ـ جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يطعم، وليلبسه مما يلبس، ولا تُكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفّتموهم فأعينوهم ثم جاء بعد ذلك بالترغيب في تحريرهم وإزالة الرق عنهم، وأن من أعتق عبدًا مُسلمًا أعتق الله بكل عضو منهم عضوًا منه من النار حتى فرجه بفرجه، ومتى تحرروا وزال الرقُّ عنهم فإنهم يملكون أنفسهم ويصيرون مثل سادتهم الأولين في كمال التصرف وفي كمال الحُرية، فلا يجوز بعد تحررهم مُقاطعتهم ولا يجوز إذلالهم ولا إهانتهم ولا الحجر عليهم ولا منعهم من النكاح ولا من التكسُّب ولا تُضرب عليهم ضرائب لأنهم أصبحوا كالأحرار الذين كانوا يملكونهم، فهم بعد التحرر يبيعون ويشترون ويملكون ويستقّون ويمنعون ويعطون ويتزوجون ويُزوجون. هذا هو حكم الموالي في الإسلام بحيث إنهم يتوارثون على الصحيح مع مواليهم الذين أعتقوهم ولا يضرهم بقاء اسم الولاء عليهم؛ فإن الولاء عُصوبة سببها نعمة المعتق على عبده بالعتق، وقد جاء في الأثر: الولاء لحمة كلحمة النسب، لا يُباع ولا يُوهب ومعنى ذلك أن الموالي العُتقاء ينتسبون إلى مواليهم الذين أعتقوهم كأنهم من أقاربهم، ولا يجوز التبري منهم ولا بيع قرابتهم، كما لا يجوز للآخرين إهانتهم ومنعهم من النكاح ومنعهم من التوارث، والأمة إذا عتقت أصبحت كالحُرة يلزمها أن تستر وجهها ورأسها أمام الرجال الأجانب كما تفعل ذلك الحُرة، وأما ابن الزنا فإنه بشرٌ من جنس بني آدم ولا ذنب له وإنما الذنب لأبويه، وما ورد من الحديث الذي جاء بلفظ: ولد الزنا شر الثلاثة هذا لا يثبت مرفوعًا. وقد صحح العلماء إعتاق ولد الزنا، كما إذا زنت الأمة وأصبح ولدها مملوكًا لسيدها فله أن يُعتقه ككفارة أو يبيعه لمن يعتقه، ومن أعتقه فله أجر متى كان صالحًا لا قدح في عرضه ولا في دينه، وأما الزانية فمتى تابت وأُقيم عليها الحدّ فإنها تطهر من ذلك الذنب ويصح أن تتزوج وأن تُعتق إذا كانت مملوكة، ولا يجوز ذكرها بسوء ولا عيبها بالذنب بعد أن تابت منه، ويجب احترام هؤلاء الذين هم الموالي والأرقَّة والزانية وولد الزنا حتى لا يحتضنهم المُنَصِّرون ويُخرجونهم من الإسلام إذا رأوا المسلمين يُهينونهم ويذلونهم ويحتقرونهم، فإن المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يخذله. والله أعلم. ,


أجاب علي هذه الفتوى: سماحة الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله -

ملخص الفتوى

س مشكلة الرق متفاقمة في بعض دول أفريقيا وما زالت الأحكام الشرعية تطبق عليهم تحت ضغط من العلماء

عدد المشاهدات

815