فتاوى ابن جبرين » العقائد » الإيمان » الكرامات والأولياء » صحابة النبي » فضل الصحابة وعدالتهم » [ 2439 ] عدالة الصحابة

السؤال

س: أنا خريج كلية شريعة، ولله الحمد، وقد قمت فترة في الرَّدِّ على الرافضة والمعتزلة في بعض الأمور، لكن موضوع عدالة الصحابة على إطلاقها عندنا أصعب ما واجهني، أنا لا أتكلم عن عدالة أبي بكر أو عُمَرَ أو عائشة أو غيرهم من الصحابة الأجلاء، لكن أتكلم عن عدالة رجل قابل الرسول عليه الصلاة والسلام ساعة، ثم ذهب إلى قومه، ولم يَرَهُ بعد ذلك، كيف نثبت له العدالة، ولا نتحقق فيه كما نتحقق في باقي الرواة؟! هل رؤية الرسول مرة تمنع الرجل من الكذب؟! هذا أمر. الأمر الثاني: العدالة -كما قرأت في بعض الكتب- تذكر أنَّ الرجل لا بد أن يكون مُتَّقِيًا لله، بالإضافة إلى أَلَّا يرتكب الكبائر، وكلنا نعرف أن بعض الصحابة ارتكبوا كبائر! فكيف أَثْبَتْنَا لهم كُلِّهِم العدالةَ دون تفريق؟! لا يكفي أن نَذْكُرَ كلام ابْنِ حَجَرٍ وغيره في أن الصحابة عُدُولٌ على الإطلاق هكذا...! بل لا بد أن نجيب على كل الإشكالات التي تُوضَعُ على هذا التعريف، أرجو منكم الإجابة.

الجواب

نعتقد أن لصحابة النبي صلى الله عليه وسلم فضلهم، وَمَيْزَتَهُمْ وسبقهم، ومن ذلك القول بعدالتهم، والعدالة مُوجِبُهَا أنهم أسلموا مع النبي صلى الله عليه وسلم طَوْعًا واختيارًا، وتَلَقَّوُا الْعِلَمْ عنه، وصَلَّوْا خلفه، وحَجُّوا معه بدون إكراه، وجاهدوا معه المُشركين، ونحو ذلك من أعمالهم التي تَمَيَّزُوا بها عن غيرهم، والتي مدحهم الله بها في قوله تعالى: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ وهكذا قوله تعالى: لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى فأخبر بأنه تعالى: وعدهم الحُسنى، ولكلهم خير وأجرٌ عند الله تعالى، ويدخل في ذلك كُلُّ مَنْ أسلم مع النبي صلى الله عليه وسلم، ورآه، واجتمع به- ولو مرة واحدة- ولو لم يجتمع معه إلا تلك المرة، فإنه قد تَحَمَّلَ عنه العلم والإيمان، وذلك مما يمنعه من تَعَمُّدِ الكذب، وقد زكَّاه الله تعالى، وقد شهد لهم تلاميذهم من التابعين بتقوى الله تعالى، وترك الذنوب، وإذا كان قد صدر من أحدهم ذَنْبٌ- ولو من الكبائر- كدخولهم في الفتن، ومُقاتلة بعضهم بعضًا، فذلك من باب الاجتهاد الذي يغفره الله لهم، ونتحقق أنهم قد تابوا من ذلك، أو أَتَوْا بحسنات تمحو ذلك؛ فإن الحسناتِ يُذْهِبْنَ السيئات، أو غُفِرَ لهم بِسَبْقِهِم إلى الإسلام، أو يُغْفَرُ لهم بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، فَهُمْ أَوْلَى بشفاعته لكونه يعرفهم. وعلى مَنْ طعن فيهم إثبات تلك المطاعن وبيان صحتها، ولن يجد إلى ذلك سبيلًا! ولا شك أنه يُستثنى منهم المُنافقون الذين نزل القُرآن فيهم، ولم يتوبوا حتى ماتوا، وهم نفر قليل، معروفون في كتب السيرة، ويُستثنى من ذلك الذين ارْتَدُّوا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، وماتوا على الرِّدَّة، وهم الذين ذُكِرُوا في قوله صلى الله عليه وسلم لَمَّا وَرَدُوا على الحوض: أصحابي أصحابي!! فَيُقَالُ: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك! . فَأَمَّا الذين تابوا، أو لم يَرْتَدُّوا فإنهم يُقْبَلُ منهم، وتثبت عدالتهم، ويُنَزَّهون عن تَعَمُّد الكذب، وقد قُبِلَت أحاديثهم، وصَحَّحَهَا العُلماء، وناقشوا مَنْ ردَّ عليهم، أو كفَّرهم مِنَ الرَّافِضَةِ ونحوهم. ,


أجاب علي هذه الفتوى: سماحة الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله -

ملخص الفتوى

س أنا خريج كلية شريعة ولله الحمد وقد قمت فترة في الرد على الرافضة والمعتزلة في بعض الأمور

عدد المشاهدات

386