فتاوى ابن جبرين » الآداب الشرعية » آداب المعاملة » العلم » أحكام العلم » دعاة وعلماء » [ 12431 ] في الدور العلمي الذي كان يقوم به الشيخ
السؤال
- آمل من فضيلتكم التكرم بالإجابة على الأسئلة المتعلقة بإبراز الدور العلمي الذي كان يقوم به سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم [رحمه الله] في مسجده بحي دخنه بمدينة الرياض س: حدثنا عن الدروس العلمية التي كانت تُقام في ذلك المسجد، وإبراز المتون التي شُرحت.
الجواب
-
المسجد المذكور يقع في دُخنة وسط مدينة الرياض كان إمامه في أول القرن
الماضي الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف وفيه كان يُقيم الدروس، ويمكن أن أباه
عبد اللطيف وجده عبد الرحمن بن حسن يُدرسان فيه أيضًا وغيرهم من العلماء في
ذلك الزمان كالشيخ سعد بن حمد بن عتيق والشيخ محمد بن عبد اللطيف والشيخ
حمد بن فارس وقد ذكر لنا والدنا [رحمه الله] أنه حضر دروس الشيخ محمد بن
عبد اللطيف والشيخ سعد بن حمد بن عتيق وغيرهما، وذكر أنها تبدأ من صلاة
الصبح نحو ساعتين ثم يكون هناك فاصل يستريحون فيه بشرب القهوة وتناول تمرات
كغداء، ثم يرجع أحدهم إلى زاويته ويراجعه الطُلاب، وقد يستمر الدرس للضحى
لمدة ساعتين أو ثلاث ساعات يعقبه استراحة وقت القيلولة.
ففي شدة الحر يُؤخرون صلاة الظهر عملا بأحاديث الأمر بالإبراد، وبعد صلاة
الظهر يستأنفون الدروس ولمدة ساعتين أو قريبًا منها، ثم يستريحون، فبعد صلاة
العصر يعودون للدروس إلى قبيل الغروب حيث يذهبون لتجديد الوضوء والاستعداد
لصلاة المغرب، وهكذا بين العشاءين يقرؤون إلى صلاة العشاء، فقراءتهم في وسط
النهار تكون في الشروح والكتب المطولة، ويعتنون بما يتعلق بالعقيدة
والتوحيد، ورسائل أئمة الدعوة، وكذلك بالتفسير وبالأخص تفسير ابن كثير و
البغوي و الطبري ؛ حيث طُبع قديمًا، ويقرؤون أيضًا في كتب الفقه وغالبًا تكون
مخطوطة كالشرح الكبير والإنصاف والمبدع، وهكذا كُتب السيرة والتأريخ
كالبداية والنهاية وزاد المعاد، وهكذا كتب الرُدود لابن تيمية كالمنهاج ونقض
التأسيس والعقل والنقل، ولابن القيم كالصواعق واجتماع الجيوش الإسلامية
والنونية، وهكذا كتب المواعظ كالزواجر للهيتمي والكبائر للذهبي ويقرؤون
أيضًا في كتب الأسانيد كالصحيحين والسُنن والمسانيد، وحيث أنها كُتبٌ واضحة
المعاني فإنهم يقصدون من قراءتها الاستفادة لهم وللقارئ وللمستمع، ويقل
تعليقهم عليها، وينبهون على ما فيها من الأخطاء والمخالفات، والطلاب بدورهم
يُعلقون تلك التنبيهات على النسخ ويرجعون إليها عند الحاجة ويخصصون الدروس
بعد المغرب وبعد الفجر للمتون التي يحفظها الطلاب كمتن كتاب التوحيد
والعقيدة الواسطية والرحبية في الفرائض والأجرومية في النحو، والنُخبة في
المصطلح وما يُشبهها وذلك لفقد الإضاءة قبل وجود الكهرباء، فهم يقرؤون على
سراج صغير ضوئه ضعيف فلا يتمكنون من القراءة والمقابلة في الكتب الطويلة.
ولذلك كان الطُلاب يهتمون بحفظ المتون كما أنهم في الدروس النهارية يحفظون
أيضًا مُتونًا أخرى كمتن زاد المعاد، وعمدة الأحكام، والأربعين النووية، وعُمدة
الفقه، وقد يحفظون أطول منها بحسب قوة الذاكرة وسرعة الحفظ، وقد برز من بين
هؤلاء الطلاب عُلماء أجلاء تخرجوا من ذلك المسجد ونفع الله بهم، ومن أبرزهم
سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف [رحمه الله]، وذلك أنه لما تُوفي
عمه الشيخ عبد الله [رحمه الله] توقف عن الصلاة بذلك المسجد كإمام فسُئل
لماذا توقفت؟ فقال: إن الذي وكلني هو عمي لما كان إمامًا للمسجد فبعد موته
انتهى دوره في هذا المسجد وأصبح الحق لولاة الأمور فلا أقوم بالإمامة فيه
إلا بتكليف منهم وتعيين من قِبل الوالي كما حصل لهم تعيين عمي عبد الله من
قبلي، وكان ذلك في عام تسع وثلاثين وثلاثمائة وألف، فبعد توقفه صدر الأمر
من الملك عبد العزيز [رحمه الله] بتعيينه إمامًا في ذلك المسجد وخطيبًا في
المسجد الجامع الكبير وقد بقي في هذه الإمامة خمسين سنة حيث توفي [رحمه
الله] في سنة تسع وثمانين وثلاثمائة وألف.
وقد استمر طوال هذه السنين في إلقاء الدروس في ذلك المسجد وتوافد إليه
الطُلاب من كل حدب وصوب، وكان هناك رباط يقع جنوب المسجد فيه غُرف مُعدة لسكن
الطُلاب المُغتربين، وتضم تلك الغُرف أكثر من مائة وخمسين طالبًا حيث يكون في
الغرفة ثلاثة أو أربع رغم صغرها، وقد تسبب [رحمه الله] في إعاشة لأولئك
الطلاب تُخفف عنهم مئونة العُزبة والغُربة ولو كانت قليلة .
,
أجاب علي هذه الفتوى: سماحة الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله -
ملخص الفتوى
- آمل من فضيلتكم التكرم بالإجابة على الأسئلة المتعلقة بإبراز الدور العلمي الذي كان يقوم به سماحة الشيخ محمد
عدد المشاهدات
- 437