فتاوى ابن جبرين » الدعوة الإسلامية والقضايا المعاصرة » قضايا الدعوة الإسلامية » الجماعات الإسلامية والدعوة إلى الله » [ 11480 ] جماعة التبليغ ما لها وما عليها

السؤال

نحن أهل قرية في الشرقية كنا في أحوال لا يعلمها إلا الله، لا نرى المنكر إلا معروفًا ولا نرى المعروف إلا منكرًا، فأتتنا جماعة من أهل الدعوة فدعونا للهداية والرشاد فاستجبنا لهم بفضل الله لما رأينا من صدق في دعوتهم نحسبهم كذلك ولا نزكى على الله أحدًا، فارتبطنا معهم ارتباطًا كليًا فخرجنا معهم إلى بلدان الخليج و باكستان و بنغلاديش و الهند ثم لما رأينا فضيلتكم ينهى عن الذهاب إلى بلاد الباكستان و الهند و بنغلاديش لمن ليس له بصيرة في العقيدة، قطعنا الذهاب إلى تلك البلاد لما نعرفه من قله بضاعتنا في العلم الشرعي، ونبشركم إنا نسمع أشرطة فتاوى مشايخ هذه البلاد فانتفعنا ونفعنا غيرنا من أهل البوادي والقرى التي نزورها للدعوة. وفي هذه الأيام أتتنا جماعة من الشباب ممن يظن بهم إرادة الحق والحث عليه، فنهونا عن الارتباط بأهل الدعوة بدعوى أن كل من انتمى لهذه الدعوة من هذه البلاد أو من خارجها فهو ضال مضل يجب تحذيره والتحذير منه، ورموه باتباع البدع والحث عليها سواء من كان في هذه الديار أو خارجها، ثم أخذوا يشهرون بهذه الجماعة على رؤوس المنابر بعد الجمعة والجماعات وفي المجالس حتى اطلع على هذا الخلاف الصغير والكبير والذكر والأنثى، بل بلغ أيضًا فساق وفجار الناس، وبعد أن أمسينا ناصحين ما أصبح الصباح إلا ونحن منصوحون، فأخذ عوام الناس يتضاحكون على الخلاف بيننا فيقولون: كيف تريدون أن تحلوا مشاكل المسلمين وأنتم لم تحلوا مشاكلكم ؟!!. ثم لم يكتفوا بهذا بل ذموا الكثير من طلبة العلم ممن أثنيت عليهم وغيرك، ثم إني أطلعتهم عل فتوى منك تفصل حال جماعة الدعوة فقالوا أن الشيخ لا يعرف حالهم ولا خطورتهم كمعرفتنا نحن بهم، وحضروا إلينا في هذه الأيام فدعونا لاتباع منهجهم وذكروا أنك تؤيد مذهبهم وتحث عليه وترى فيه الحق الذي يجب اتباعه، فلما سمعنا بما نسبوه لك توقفنا فإن صح النقل عنك اتبعنا هذا المذهب، وإن كان غير صحيح فأظهر لنا الأمر ولا نبيح لك كتمانه فإنا نمر بفتنة نخشى أن نكون فيها ممن قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: يمسي الرجل مؤمنًا ويصبح كافرًا وإني أسألك وخلفي قوم ينتظرون الجواب.

الجواب

وبعد فلا يخفى أن الدعوة إلى الله تعالى واجبة على كل قادر بأي نوع من القدرة؛ لقوله تعالى قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وليس الدعوة محصورة في منهج أو أسلوب أو نوع خاص بقول أو فعل، فجماعة التبليغ في هذه البلاد كما نعرف من أهل العقيدة والتوحيد والإيمان، وقد درسوا على العلماء واقتنوا كتب السلف وتأثروا به، إلا أنهم رأوا طريقة خاصة في الدعوة وهي الاستصحاب والسفر إلى البراري أو القرى، ورأوا أيضًا أن الدعوة بالفعل أقرب إلى التأثير من الدعوة بالقول، وقد نفع الله بدعوتهم وهدى على أيديهم خلقًا كثيرًا، وأنقذ بهم أقوامًا من الضلالة وعلمهم بعد الجهالة، ولا يضرهم كونهم يقتصرون على الدعوة إلى النوافل والأعمال البدنية، ويقرءون سيرة السلف ويدعون إلى الاجتهاد في أعمال الخير والتزود من الصالحات، ولا يتعرضون للخلافات فقد كان النبي- صلى الله عليه وسلم- ينهى عن الاختلاف ويوصي بالاتفاق، فالخلاف في الفروع وفي القدر وفي التكفير والتفسيق ونحوه مذموم، وإنما الواجب تحقيق التوحيد ثم العمل بما يقتضيه الدليل. ولا شك أن طرق الدعوة كثيرة، فمن اختار الدعوة بالفعل والقدوة الحسنة كهؤلاء فله ذلك، ومن اختار الدعوة بالتعليم والمواعظ والمحاضرات والخطب فله ذلك، ومن اختار الدعوة بالكتب والنشرات والأشرطة والاتصالات الهاتفية فله ذلك، ومن اختار الدعوة عن طريق الإذاعة فله ذلك، وكل وسيلة فيها منفعة وفائدة لا يمنع من سلوكها والاستفادة منها لدخولها في قوله تعالى ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فأما جماعة التبليغ من الهند و الباكستان فإن فيهم بقايا من البدع كالتصوف والتبرك بالأموات والتمسح بالأضرحة، وكذا في العقائد كإنكار بعض الصفات والتحذير من كتب أهل العلم كابن تيمية و ابن عبد الوهاب فمثل هؤلاء ينهى عن صحبتهم مخافة التأثر بشيء من أعمالهم أو عقائدهم.والله أعلم.وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم ,


أجاب علي هذه الفتوى: سماحة الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله -

ملخص الفتوى

نحن أهل قرية في الشرقية كنا في أحوال لا يعلمها إلا الله لا نرى المنكر إلا معروفا ولا

عدد المشاهدات

820