فتاوى ابن جبرين » الآداب الشرعية » آداب المعاملة » حقوق الأولاد على الآباء » تربية الأبناء وتعليمهم » [ 11327 ] توجيهات في تربية الأولاد

السؤال

س: غاب معظم الآباء اليوم عن عالم أبنائهم، وظنوا أن مجرد توفير متطلباتهم المادية هو كل ما عليهم. ذلك أمر غريب على مجتمعاتنا، مخالف لاحتياجات أبنائنا؛ فالنوابغ في مجتمعنا يدينون بعد الله لآبائهم فيما وصلوا إليه. جميل أن نعرف كيف تأثر نوابغنا بآبائهم، علَّ آباء اليوم يتَّعظون ويتخلون عن تقصيرهم، فوراء كل رجل ناجح قصة تقول: "علمني أبي" ووراء كل توفيق من الله تاريخ يؤكد: وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا اكتب لنا: ماذا علمك أبوك ؟

الجواب

نشكركم على اهتمامكم بأبناء المسلمين، وعلى شعوركم بما رأيتم من الخلل والتقصير من أولياء الأمور في غفلتهم عن أولادهم وذلك أن الكثير من الآباء في هذه الأزمنة قد انشغلوا عن تربية أولادهم بتجارتهم التي شغلت معظم أوقاتهم، وانشغل آخرون بوظائفهم، وآخرون بجلسائهم وأصدقائهم، وانشغل آخرون بأسفارهم وزياراتهم ولم يتفرغوا لتربية أولادهم واكتفوا بما يتلقونه في المدارس وعلى أيدي المعلمين، فحدث أن الأولاد نشئوا على ما يألفونه من العادات، وعلى ما تربوا عليه في البيوت، وعلى ما تلقوه من الجلساء، ولم يتابعهم الآباء متابعة كاملة بل تركوا لهم الحبل على الغارب؛ فكان ذلك من أسباب الفساد والانحراف حيث نشئوا على سماع الأغاني والملاهي والنظر إلى الصور الفاتنة، وصاروا يتتبعون المقاهي والمطاعم التي تحتوي على كثيرٍ من المحرمات، فشرب كثير منهم المسكرات وتعاطوا الدخان والمخدرات واستساغوا النظر إلى الأفلام الخليعة ووقع كثير منهم في الفواحش والمحرمات، وكان ذلك بسبب إهمال الأولياء، وعدم اهتمامهم بأولادهم وفلذات أكبادهم، فأصبح الأولاد لا يعرفون حق آبائهم ولا يعترفون لهم إلا بالتربية البدنية، فنوصي الآباء أن يهتموا بأولادهم وألا يغفلوا عنهم، وأن يعلموهم مما علمهم الله وأن يتابعوهم كل حينٍ بسؤالهم عن المعلومات التي تلقوها وعن كيفية تطبيقها والعمل بها، وأن يحثوهم على الأعمال الصالحة والعلوم النافعة، وأن يحذروهم من المعاصي ومقدماتها، ومن جلساء السوء ومصادقة السفهاء الذين يفسدون من جالسهم، وبذلك تسلم فطرهم وتستقيم أحوالهم وينفعون أنفسهم وينفعون آباءهم في حياتهم وبعد مماتهم؛ فقد ورد في الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم-- : كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته... الحديث. وهذا السؤال من الله تعالى في الدار الآخرة؛ حيث يحاسب العباد على أعمالهم وعلى تفريطهم وإهمالهم، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أي: أنقذوهم وخلصوهم من حر هذه النار، وذلك بتعليمهم الخير وتربيتهم على محبته وتحذيرهم من أسباب الهلاك والدمار. والله أعلم. عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

ملخص الفتوى

س غاب معظم الآباء اليوم عن عالم أبنائهم وظنوا أن مجرد توفير متطلباتهم المادية هو كل ما عليهم

عدد المشاهدات

1023