فتاوى ابن جبرين » الدعوة الإسلامية والقضايا المعاصرة » قضايا الدعوة الإسلامية » شبهات حول الإسلام
التعريف بأهل الشبهات والشهوات والتحصينات مما ينشرونه
س:
فضيلة الشيخ: في هذا العصر صار الناس أكثر عُرضة لأمراض الشبهات والشهوات،
في ظل ما تبثُّه القنوات الفضائية من سموم فما هي التحصينات التي ترونها
كفيلة - بإذن الله - لحفظ الناس من الوقوع في تلك المستنقعات القذرة؟
وهذه هي الإجابة عليه : ـ
يُراد بأمراض الشبهات ما يبثه دعاة الكفار ، النصارى ، واليهود ، والدهريين
، وغيرهم من الكفرة ، وكذا شبهات المُبتدعة ، كالرافضة ، والبعثية ، والدُّروز
، والنصيرية ، والصوفية ، والقبوريين ، المعطلة من المعتزلة والإباضية
والخوارج ، وهكذا الدعاة إلى المعاصي ، وهم الإباحية الذين يدعون إلى
التبرج والاختلاط ، وتعاطي المسكرات ، والأشربة والأطعمة المحرمة ،
والمعاملات الربوية ونحوها ، وقد عمت المصيبة بهؤلاء ، ونشروا سمومهم عبر
وسائل الإعلام ، وكذا في كتبهم المطبوعة ، وأشرطتهم وعلى ألسن دعاتهم الذين
، عمَّت بهم البلوى ، ودخلوا بلاد الإسلام ، وصاروا يشكِّكون في الإسلام، وفي
تعاليمه كما بثوا شُبهاتهم في القنوات الفضائية ، وقد انخدع بهم خلق كثير ،
واستحسنوا ما يدعون إليه ، وعظمت المصيبة بوجود الانحلال من الدين ، وتعظيم
أولئك الكفار، والمُبتدعة، وأهل المعاصي ، وتصويب طريقتهم ، فكثر الذين
وقعوا في حبائلهم ، وصادتهم تلك الشِّباك المُلتوية ، وأصبحوا من جند إبليس
وأعوانه ، حتى تضرر بهم آباؤهم، وإخوانهم، وزملاؤهم .
فنُوصي كل مؤمن تقي أن يحصِّن نفسه بالعلم الصحيح المُستوحى من الكتاب والسنة ،
ومن عقائد سلف الأمة ، فإن من عرف ذلك سهُل عليه معرفة الباطل ، فمتى سمع
شيئا من تلك الشبهات أبطلها وفنَّدها ، وحذر منها من ينخدع بها ، وإنما تَروج
تلك الشبهات، والدعايات على الجهلة، وضعفاء البصائر ممن فاته العلم الصحيح
، وانخدع بتلك الشبهات التي يموه بها دعاة الكفر والضلال ، كما نتواصى
بالابتعاد عن سماع تلك الشبهات ، فيبتعد المسلم الموحد عن قراءة كتب الكفار
والمُبتدعة ، وصحفهم ومجلاتهم ، وسماع إذاعاتهم وأشرطتهم ، ويبتعد عن النظر
في نشراتهم الفضائية ، التي تتلقى عبر الشاشات التلفازية ، فإن سماعها ،
وقراءتها من وسائل تمكنها في القلوب ، فيصعب بعد ذلك تحويلها ومحوها ، لكن
من رزقه الله علما صحيحا ، وأدلة صريحة في إبطال الباطل ، فإنها لا تضره
تلك الشبهات ، فله أن يسمعها ليرُد على أهلها ، وليبين للعامة، وللسُّذَّج ،
والجهلة تهافتها وتناقضها .
وأما من ليس عنده قدرة على تفنيدها ، فإن الأولى صيانة سمعه وبصره عن تلك
المضللات ، حتى لا يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك ، ولقد كان كثير من
العلماء يحذرون من مجالسة المبتدعة وسماع كلامهم ، ولو احتجوا بآيات
قرآنية، وأحاديث نبوية ، لأنهم يحملونها على غير المراد بها ، ويستدلون بها
على باطلهم ، وقد روى الإمام ابن بطة في كتابه: ((الإبانة الكبرى)) آثارا
كثيرة عن السلف في تحذيرهم من مجالسة المبتدعة ، ومن سماع شبهاتهم .
وهكذا نُوصي المسلم المُوحد بمجالسة العلماء من أهل السنة والجماعة ، والأخذ
عنهم ، وقبول نصائحهم ، فإنهم أولى من يُقتدى به ، وإذا حصل بينهم اختلاف ،
فعلى طالب العلم أن يختار من هو أوثق وأقرب إلى الصواب ، وإذا حصل بين
العلماء منافسة تقتضي مقاطعة أو مخالفة ، فعليه أن يحمل ذلك على أحسن
المحامل ، ولا يتعصب لأحدهما لمجرد ميل أو تفضيل بغير دليل ، فإن الإنسان
محلُّ النسيان ، والعِصمة إنما هي للرسل ، كما نُوصي الشاب التقي أن يتحصن
بالدِّين ، وأن يُكثر من الأعمال الصالحة ، ويُكثر من ذكر الله تعالى ،
والاستعاذة به من وساوس الشيطان ، فإن ذلك من أسباب الوقاية من هذه الشبهات .
وهكذا يَحذر كل الحذر من الانخداع بالدعايات إلى اقترف الشهوات المحرمة ،
ويفعل ما يحصنه من ذلك ، فلا ينخدع بالدنيا وزخرفها وزينتها ، ويَركَن إليها
وينسى الآخرة ، ويغبِط أو يُنافس أهل الثروات، وأهل الممتلكات والمخترعات ،
ولا يعجب بهم ، ولا يتمنى ما هم فيه ، فقد قال الله تعالى: وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ
إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ
وَأَبْقَى
فإن هذه الشهوات، وهذه الممتلكات فتنة لكل مفتون ، ولا ينخدع بها وبأهلها
إلا ضعفاء البصائر ، فلو كانت الدنيا تَزن عند الله جناح بعوضة ما سقى منها
كافرا شربة ماء ، وقد جاء في الحديث: الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر كما
أننا نُوصي من يريد نجاة نفسه ، أن يتحصن بما أباح الله له فيبادر إلى
الزواج المبكر ، حتى لا يقع في الفواحش بسبب الفتن التي تُعرض أمامه ، من
النساء المتبرجات، والصور الفاتنة عبر القنوات الفضائية ، وفي الصحف،
والمجلات المحلية والأجنبية ، فمتى حصن نفسه لم تَنبعث له هِمَّة إلى تلك
الشهوات المُحرمة ، وهكذا - أيضا - يبتعد عن سماع الأغاني والملاهي ، فإن
الغِناء بريد الزنا ، وهو يُنبت النفاق في القلب كما يُنبت الماء الزرع ،
وهكذا عليه أن يبتعد عن مجالسة العُصاة والفسقة ، الذين يدعون إلى تعاطي
المُسكرات، والمُخدرات، وشرب الدخان، وأكل القات ، وغير ذلك من المحرمات ،
ويقتصر على ما أباح الله له من المآكل والمشارب ، فإن فيها غُنية عن الحرام.
,أجاب علي هذه الفتوى: سماحة الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله -