فتاوى ابن جبرين » الآداب الشرعية » آداب المعاملة » العلم » أحكام العلم » دعاة وعلماء » [ 2944 ] سيرة

السؤال

س: نأمل منكم التكرم بالمشاركة معنا في هذا الملحق الصحفي الخاص عن ابن قعود شيخ الدعاة" من خلال الإجابة والتعليق على المحاور المرفقة أو إضافة محاور وموضوعات أخرى ترون في عرضها فائدة للقارئ الكريم. 1ـ هل لكم أن تذكروا لنا شيئًا عن بدايات الشيخ في طلب العلم؟ 2ـ ما هي أهم المحطات العلمية والوظيفية التي شغلها الشيخ؟ 3ـ بماذا كان يتميز الشيخ في أسلوب تدريسه وتعليمه في المسجد والجامعة؟ 4ـ عرف الشيخ باستقباله لوفود الطلاب من الجامعات والكليات الشرعية في منزله، لماذا هذا الاهتمام بالتربية من قِبَلِ الشيخ؟ وماذا كان أثره على الطلاب؟ 5ـ يُقال إن فتاوى الشيخ تأخذ غالبًا بالأيسر والأرفق على المستفتين، حدثونا عن هذا الجانب؟ 6ـ اذكروا لنا أهم معالم ومميزات خطب الجمعة التي كان يلقيها؟ 7ـ ماذا أصدر الشيخ من مصنفات ومؤلفات وكتب؟ 8 ـ الجهر بالحق ميّز الشيخ عن غيره، هل من مواقف تذكرونها في هذا الإطار؟ 9ـ موقف حدث لكم مع الشيخ، وتودون ذكره للقارئ؟ 10ـ اذكروا لنا خمس سجايا حميدة لفتت انتباهكم في الشيخ؟ 11ـ ما واجبنا كدعاة وطلاب علم تجاه الشيخ في هذه المرحلة؟

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد فهذه بعض المعلومات التي أعرفها عن الزميل الشيخ: عبد الله بن حسن بن قعود فهو من حملة العلم وأول ما أذكر عنه تعلمه على يدي سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز عندما كان قاضيًا في قرية الدِلم التابعة لمحافظة الخرج حيث هاجر إليها من بلاده الحريق وأطال مُلازمة الشيخ وقرأ عليه في فنون العقيدة والتوحيد والحديث والتفسير والأحكام والآداب، ولازمه حتى نُقل سماحة الشيخ ابن باز -رحمه الله- إلى الرياض عندما فُتح المعهد العلمي، وقد صاحبه وانتظم الشيخ عبد الله في المعهد العلمي واستمر فيه وكان من المُتفوقين، وفي سنة ثلاث وسبعين فُتحت كلية الشريعة فانتظم فيها وواصل الدراسة التي أنهاها في سنة ست وسبعين، وبعدها لم ينقطع عن طلب العلم وتزود من العلماء بمجالسة مشاهيرهم كالشيخ محمد بن إبراهيم الذي كان يثق به، والشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ عبد الرزاق عفيفي ونحوهم، وقد استمر على التزود منهم ومُجالستهم حتى حصل على علم غزير وخير كثير. -وأما الوظائف التي شغلها فضيلة الشيخ عبد الله فأولها قيامه بالتدريس في معهد إمام الدعوة فور تخرجه ـ أي في سنة ست وسبعين ـ حيث أُسند إليه تدريس الكثير من العلوم الشرعية، ثم انتقل في وظيفة مدنية تابعة لديوان المظالم، وهناك برزت إدارته وظهر علمه وفضله في الكثير من القضايا التي تُشْكِل على غيره، ثم طلبه سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز لينضم إلى إدارة البحوث العلمية والإفتاء بعد أن أُسندت إدارتها إلى سماحة الشيخ في سنة أربع وتسعين وثلاثمائة وألف حيث رأى الحاجة الماسة إلى أمثال الشيخ عبد الله وقد تولى العمل في هذه الرئاسة واستمر على ذلك وظهرت جدارته في حل ما يُسند إليه من تلك الفتاوى العامة والخاصة والتي يعرضها بعد الكتابة عليها على اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، والتي هو أحد أعضائها، ولم يزل كذلك حتى أُحيل إلى التقاعد المُبكِّر، فوافق على ذلك. -وأما ما يتميز به في تدريسه وتعليمه فقد كان مثالا يُحتذى عندما كان مُدرسًا في معهد إمام الدعوة وبعد أن اشتغل بالوظيفة المدنية عاقه ذلك كثيرًا عن التدريس ومع ذلك فإنه لم ينقطع عن إلقاء بعض المُحاضرات والاشتراك في الندوات وإلقاء بعض الدروس في المساجد حيث كان يستقبل بعد تقاعده بعض الطُلاب في منزله وفي المسجد الواقع بجوار منزله، وهكذا أيضًا طُلب في إحدى الجامعات لإلقاء بعض المحاضرات فكان يتميز بحُسن الإلقاء وبالعبارات السَلِسَة واستيفاء المواضيع وتفهيم الطُلاب بحيث لا يتجاوز المسألة حتى يفهمها الطُلاب فهمًا كاملا، وعُرف الشيخ عبد الله باستقباله أيضًا في منزله لكثير من الوفود الذين يأتون إليه من الجامعات والكُليات الشرعية، فكان يتلقاهم بصدر رحب ووجه مُنبسط، وكلام لطيف وفوائد وإرشادات وتعليمات يتزودها الطُلاب ويرجعون بخير كثير ويُؤثِّر عليهم في سُلوكياتهم وفي مفاهيمهم ويشعرون منه بالأريحية وحُسن الاستقبال والتشجيع على التعلم والترغيب في طلب العلم. -وأما فتاوى الشيخ عبد الله فإنها موجودة مع فتاوى اللجنة الدائمة التي طُبعت أو أكثرها، وقد وصلت إلى ستة عشر مُجلدًا، ولا يزال بقيتها تحت التصحيح، ويظهر من الفتاوى التي يتولى الإجابة عليها سُلوكه ما فيه اليُسر والرفق والتسهيل على المُسلمين إلا أنه يتمسَّك بالأدلة ويحتاط في إصدار الفتاوى إذا كانت المسألة خلافية فيذكر ما يظهر له، وفي الغالب مُوافقة أعضاء اللجنة لما يأتي به من الفتاوى التي توقع من الجميع. -وأما خُطبه فقد تولى الخطابة في مسجد في الرياض يُعرف بالمُشيقيق وكان يخطب ارتجالا وإذا خطب في موضوع أوفاه حقه، وأتى بما يتعلق به من الأدلة والتعليلات بكلام واضح يفهمه العام والخاص، واستمر على ذلك زمنًا طويلا، ثم اختاره الملك فيصل رحمه الله ـ خطيبًا في مسجد المُربَّع عندما ذُكر عنه جدارته وفصاحته واستيفاؤه للمواضيع واختياره لما يُناسب الحال، وقد استمر على ذلك إلى أن أقعده المرض. -وأما المُصنفات فإنه قد أصدر جزأين من الخطب التي بعنوان (أحاديث الجمعة) ورتَّب تلك الخُطب واختصرها مُقتصرًا على المُهم من مواضيعها، ولم يكتبها كما أُلقيت؛ حيث إنه في الإلقاء يتوسع ويشرح الجمل والأدلة ويُعلق عليها ولم ير إثبات هذا التوسع عندما كتبها وطُبعت في عهد قديم. -وأما المُؤلفات فإنه لم يكن يرى التوسع في التأليف، وقد ذكر لي أنه تأثر بشيخه وشيخنا عبد الرزاق عفيفي الذي لا يرى الفائدة في كثرة المُؤلفات لأن الأولين قد كتبوا فيها ما فيه الكفاية فمن بعدهم لا يأتي بشيء جديد وإنما يختصر من مؤلفاتهم أو يجمع كلمات مُتفرقة موجودة في مؤلفات من سبقه، فلذلك لم يُذكر له مُؤلفات، إلا أن بعض الشباب سجَّلوا له مُحاضرات وفرَّغها بعضهم وصُحِّحت وطُبع بعضها. -وأما جهره بالحق فإنه يجهر بذلك في خُطبه ويقول الحق ولو كان مُرًا، ففي حادثة الحرم المكي سنة أربعمائة ضمَّن أول خُطبة له القول الصريح في أولئك الذين قاموا بهذه الحادثة والذين تضمَّن عملهم تكفير الدولة وتكفير من يعمل معها، فهو صرَّح بأن التكفير قول الخوارج وأن الصحابة لم يُكفروا الخوارج بل قالوا هم إخواننا بغوا علينا، فيقول الشيخ عبد الله إننا لا نُكفِّرهم بهذا العمل ولكننا نأمر بالأخذ على أيديهم ولو أدى ذلك إلى قتالهم كما قاتل الصحابة أولئك الخارجين، وأما الحُكم بكفرهم واستباحة أولادهم ونسائهم وأموالهم فلا نقول بذلك، وكان أيضًا يجهر عند المسؤولين ببعض المنكرات التي تُنشر أو تُذاع في الإذاعة المرئية أو المسموعة أو في الصحف، ويواجه الحكومة بما هو الحق بحيث يقتنعون بقوله ويُبادرون بالإصلاح لما في الإمكان. -وأما مواقفنا معه فإنه كان ـ رحمه الله ـ يتمسَّك بما يظهر له، في سنة من السنين لم يثبت دخول شهر مُحرَّم، وكان الحساب على أن شهر ذي الحجة ناقص، فرأيت أنا العمل بالتقويم لاتفاق التقاويم على ذلك، ورأى سماحة الشيخ وبقية اللجنة إكمال شهر ذو الحجة، فحصل أن تحدثت مع الشيخ عبد الله وأبديت له رأيي، وذكرت له منازل القمر ومنها حديث النُعمان أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُصلي العشاء لمغيب القمر لثالثة ولكنه لم يقبل واستمر على أن القول ما قالته اللجنة. -ومن المواقف أنه بعد أن سكن في منزله الحالي استضاف الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ـ والعاملين في الإفتاء، ولما دخل الشيخ ـ رحمه الله ـ استصغر المجلس وأنكر عليه عدم توسعته، فذكر له ـ وإن كان مازحًا ـ ما يقوله العامة أن الإنسان يمُدّ رجليه على قدر بساطه ـ المعنى أنني لم أتوسع لقلة ذات اليد أو نحوها ـ فضحك الشيخ وقال: إن البساط فيه بركة، ولما فقد بصره رأيته في إحدى السفرات القريبة وإذا هو لا يمشي وحده، ويشتكي فقد بصره فيقول: أنا الآن لا أتصرف لنفسي، ينطبق عليَّ المثل الذي يقول: ضعني تلقاني أو تجدني، وكأنه يتألم من فقد بصره مع أنه قد رضي بقدر الله تعالى وقضائه. -وأما سجاياه فهي كثيرة فمنها سجية الصدق فهو لا يُحدِّث إلا بصدق ولو كان مازحًا ويستنكر على من يقول قولا ليس بصحيح، بل يستغرب أن الإنسان يقول أو يتكلم بما لم يقع. وثانيًا: من سجاياه الصراحة فهو يقول الحق وإن كان على نفسه ويجهر به ولا يخاف في الله لومة لائم، وثالثًا من سجاياه الكرم والجود، وقد تخلَّق بأخلاق شيخه وشيخنا عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ فهو يجود بما يتيسر ويُساهم في الخيرات ويتصدق مما أعطاه الله، ويُكرم من زاره ويستضيف العلماء والطلبة ونحوهم ويُكرمهم بما تيسر ويتلقى الزُوار بصدر رحب وفرح وسرور. ورابعًا من سجاياه النصح لمن استنصحه ولمن لم يستنصحه؛ فهو إذا رأى من أخل بشيء من الواجبات أو فعل ما يقدح في المُروءة تعاهده بالنصح وبيَّن له الحق وأرشده إلى ما فيه الخير والصلاح فيُعاهد إخوانه بالنصيحة ويدلهم على خير ما يعلمه لهم ويحذرهم عن شر ما يعلمه لهم. وخامسًا من سجاياه المحبة لكل مسلم وهي التي تحمله على أن يُواسي إخوانه ويزورهم ويستزيرهم وهو يحب كل مؤمن تقي، وكذلك أيضًا يُحب لكل مُسلم الخير ويدله عليه ويحب للمسلمين أن يسلكوا سبيل النجاة، ويرشد من ذُكر له عنه شيء من الغواية أو شيء من الابتداع كما هي سجايا حملة العلم. -وأما واجبنا كدعاة وطلاب علم تجاه هذا الشيخ فإن علينا الدُعاء له بالشفاء العاجل وإزالة العوائق، وعلينا أن ننشر شيئًا من فضائله ومزاياه وأن نبيِّن لإخواننا طلبة العلم ما كان يتميز به من الخصال الحميدة والتي كان يتخلَّق بها حتى يعملوا بها ويكونوا لهم أجر السبق وأجر الفضل لمن عمل مثل عمله. والله أعلم. ,


أجاب علي هذه الفتوى: سماحة الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله -

ملخص الفتوى

س نأمل منكم التكرم بالمشاركة معنا في هذا الملحق الصحفي الخاص عن ابن قعود شيخ الدعاة من خلال

عدد المشاهدات

561