فتاوى ابن جبرين » العقائد » الإيمان » أركان الإيمان » الإيمان بالله » توحيد الألوهية » إخلاص العبادة والتنزه عن الشرك » الألفاظ المنافية للتوحيد » [ 2761 ] الحكم في بعض الألفاظ التي يتداولها العشاق

السؤال

س: ما الحكم في هذه العبارات والتي تتداولها الطالبات في المدارس ويتراسلون بها: ـ أنت الوردة التي لن تذبل أبدًا ـ أنت النور الذي يُضيء الظلام ـ أنت أصلي في الحياة ـ اصفحي عني. ـ دُمتِ لي ـ الدنيا بدونك لا تساوي شيئًا ـ أحبك يا نظر عيني رضاك ألزم ـ إن تفارقنا ترى موتي دنا ـ لقد قبلتُ أن أكون أسيرتك أنت ؟

الجواب

لا شك أن هذه العبارات فيها مُبالغة، وفيها ألفاظ يُعبر بها عن الحب والعشق الزائد الذي يُؤدي إلى التعظيم وإلى التوقير الزائد. *_فأولا:_* التشبيه بالوردة غير صحيح؛ فإن الورد زهور تُقطع وتذبل وتجف ولا يُتصور وردة لا تذبل أبدًا. والصداقة بين اثنين أو اثنتين كثيرًا ما تتغير وتنقلب عداوة، ولذلك يقول الشاعر: *احـــــذر عـــدوّك مــــــره * *واحــــذر صــديقـك ألف مـــره * *فـلـربمـــا انـقـلب الصـــــديق * *فكـــــان أخـــبر بالمبــــره * *_وثانيًا:_* التشبيه بالنور غير مُطابق ولو أُريد النور المعنوي فلا يكون صحيحًا، والنور هو مثل القمر الذي قال الله فيه: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا ومثل السُرج والأنوار الكهربائية التي تُضيء في الأماكن المُظلمة، وليس الإنسان كذلك، فليس يُضيء الأماكن المُظلمة، وإن أُريد الإضاءة المعنوية إنارة الطريق لمن يسلكه بالأعمال كالعلوم النافعة التي يهتدي بسببها أهل الضلال، فإن هذا غير مُراد عند أهل تلك المُراسلات، وقد لا ينطبق على أولئك الموصوفين بهذه العبارات. *_وثالثًا:_* قول (أنت أصلي في الحياة) هذا لا يجوز فالأصل في الحياة هو الروح التي تعمر الجسد ويبقى بها حيًا مُتحركًا، وأما الصديق والمحبوب فلا يُسمى أصلا ولو أراد القائل أنك الذي تُساعدني في حياتي وتمدني بما أحتاجه، فلا يُسمى ذلك أصلا، كما أن الأصل قد يُراد به الأبوان والأجداد، ولا يُطلق ذلك على بقية الأقارب كالفروع والحواشي، ومن قال (أنت أصلي في الحياة) لا يُريد حقيقة الروح ولا حقيقة الآباء والأجداد، وإنما قصده المبالغة في الاعتماد عليه في هذه الحياة الدُنيا، والواجب الاعتماد على الله، فهو الذي يُحيي ويُميت ويرزق من يشاء بغير حساب. *_رابعًا:_* قولها (اصفحي عني) إذا أريد بذلك السماح والإباحة والعفو عن الإساءة أو عن المظلمة التي حصلت فلا بأس بذلك لقول الله تعالى: فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا فالصفح يكون عن الظالم إذا ندم وتاب، وأما إذا أُريد الصفح الذي هو غُفران الذنوب، فهذا إلى الله وحده فهو الذي يعفو عن من يشاء ويُعذب من يشاء. *_خامسًا:_* قولها (دُمتِ لي) هذه عبارة يُقصد بها طول البقاء، ولكن معلوم أن الدوام في هذه الحياة لا يُتصور، فلا يدوم إلا الله وحده، ثم أيضًا تخصيصها بقولها (دمت لي) يفيد أنها تطلبها لنفسها حتى تكون هي التي تعتني بها والتي تُمدها بما تحتاجه في هذه الحياة الدنيا، ولا شك أن هذا فيه مُبالغة وزيادة في التوقير والتعظيم. *_سادسًا:_* (الدنيا بدونك لا تساوي شيئًا) هذا كذب؛ فإن الإنسان ليس هو الذي يرفع أمر الدنيا ولا يجعل فيها الزينة والجمال والحياة الطيبة، وأنه بموته تبقى الدنيا لا يُنتفع بها ولا تساوي شيئًا، فكأن هذا الإنسان ذكر أو أنثى هو الذي يُزين الدنيا وهو الذي يُجملها ويمنحها ما بها من الزهرة والسرور والنعم والخيرات وإذا مات انقطعت من تلك الحظوظ وما أشبها، وهذا كذب وزور فلا يجوز استعمال هذه العبارة. *_سابعًا:_* قولهم (أحبك يا نظر عيني رضاك ألزم) هذا تشبيه فيه مبالغة؛ فإن الإنسان لا يُؤثر ببصره أحد، ولا يُقدم رضا إنسان على رضا الله تعالى، وإذا كان هُناك محبة فإنها تكون محبة لله تعالى بسبب الصلاح الديني والعلمي والفضائل المحبوبة عند الله تعالى، وكثيرًا ما يُطلق على بعض الناس هذه العبارة فيقول أنت عيوني أنت شوفي. .. وما أشبهه يُريدون بذلك غلاءه ومكانته، ونرى أن هذا غير صحيح، وأما الرضا فلا يُقدم رضا المخلوق على الخالق فرضا الله تعالى ألزم ثم رضا الوالدين، ثم رضا الزوج ونحوه، فأما رضا المحبوب وجعله ألزم من غيره فلا يجوز استعمال مثل هذه العبارات. *_ثامنًا:_* قولهم (إن تفرقنا ترى موتى دنا) هذا فيه مبالغة وهو أيضًا غير صحيح؛ فإن معناه حصول الموت حُزنًا وأسى بسبب فراق المحبوب وهذا لا يجوز، ولو فعل ذلك كثير من العُشَّاق الذين يتعلقون بالصور وبالأشخاص حتى يُفضلون صُحبتهم والحياة معهم على ثواب الله في الدار الآخرة وفي الدار الدُنيا فيقول أحد الشعراء لمحبوبه: *لقـــــاك أشــهى إلـى فـــؤادي * *مـن رحمـــة الخــالق الجـــليل * وقد يُعتبر هذا كُفرًا فقولهم (ترى موتى دنا) كأنه يفيد أنني سأعذب نفسي وأنقطع عن الملذات لهذه المفارقة وأموت سريعًا، وكأنه يُفضل الموت بعد هذا الفراق على الحياة أو يعمل ما يكون سببًا في وفاته فيدخل فيمن قتل نفسه ـ والعياذ بالله ـ. *_تاسعًا:_* قولهم: (لقد قبلت أن أكون أسيرتك أنت) هذا فيه مبالغة كأنه من شدة العشق لها يُفضل أنها تأسره وتوثقه حتى لا يكون له تصرف في نفسه وإنما معشوقته هي التي تُصرفه وتأمره وتنهاه فيكون عبدًا لمحبوبته، وهذا لا شك أنه مُحرم؛ لأن فيه العبودية لذلك المحبوب فيكون كأنه عبد نفسه لهذا المحبوب، ولا شك أن هذه الألفاظ وما أشبهها يستعملها أهل العشق الذين يُبتلون بالحب الزائد سواءً الرجال في عشقهم للنساء أو في عشقهم للمُردان من الذكور، كما يستعملها أيضًا كثيرًا من النساء في عشقهن للرجال ونحوهن، وفي ذلك يقول بعض الشعراء: *خطت أناملهـا في بطـن قرطــــاس * *رسـالـة بعبيــــر لا بــأنفــاسِ * *إن زُر فـديتك قـف لي غير مُحتشــم * *فـإن حُبك لي قد شاع في النـــــاس * *فكـان قولي لمـن أدى رســــالتها * *قـف لـي لأمشـي علـى العينين والراسِ * وهكذا يكون شأن عشق الصور الذي يتبادله أمثال هؤلاء الذين يستعملون مثل هذه العبارات والواجب نصيحتهم وحثهم على التوبة وعلى أن تكون محبتهم لله وفي الله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاث من كُنَّ فيه وجد بهن حلاوة الإيمان؛ أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يُحبَّ المرء لا يُحبه إلا لله، وأن يَكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنجاه الله كما يكره أن يُقذف في النار والله أعلم. ,


أجاب علي هذه الفتوى: سماحة الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله -

ملخص الفتوى

س ما الحكم في هذه العبارات والتي تتداولها الطالبات في المدارس ويتراسلون بها أنت الوردة التي لن تذبل

عدد المشاهدات

427