فتاوى ابن جبرين » الدعوة الإسلامية والقضايا المعاصرة » قضايا الدعوة الإسلامية » معالم المنهج الإسلامي
نهاية العلوم الإسلامية
س: يوجد في العالم العديد من العلوم، وكل يوم يوجد
تطور في هذه العلوم واستكشاف نظريات جديدة تطرأ عليها، لكن هل الإسلام
موسوعة واحدة؟ ولا يوجد تطور ونظريات جديدة؟ ونرى الآن طلاب العلم كل يوم
يطور في دراسته للإسلام والتوسع فيه، أليس في هذا العلم (الدين الإسلامي)
نهاية؟ وقد قال الله سبحانه: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي
وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا
؟
إن الدين الإسلامي قد أكمله الله على لسان النبي صلى الله عليه وسلم فيما
يتعلق بالعبادات، وفيما يتعلق بالحلال والحرام من المعاملات، والمراد
بإكماله ذكر القواعد والأدلة التي يُحتاج إليها عند العمل بمسألة واقعية
يُحْتَاج إلى معرفة حكمها، فهذا هو الذي بحث فيه العلماء، وذكروا أدلته، وما
فتح الله عليهم من التعليلات، وإظهار الحكم والمصالح، وأما العلوم الدنيوية
فإن الشرع ذكر أنها على الإباحة، كما في قوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي
الْأَرْضِ جَمِيعًا
وذكر أيضًا ابتغاء الفضل، والرزق، والسعي في الأرض، وطلب الكسب من وجوهه،
ولم يُحدد جهة، فما حصل من هذا التطور في العلوم واستكشاف النظريات، هذا من
جملة العلوم التي أباح الله جنسها، ووكل أمرها إلى الإنسان في أفكاره
وتعقله، ونظره واستكشافه، ففتح الله على أهل هذه الأزمنة المتأخرة ما فتح
من هذه المعلومات، وما أقدرهم عليه من هذه الصناعات، التي تمكنوا بها من
تقريب البعيد، والاطلاع على أحوال العالم بواسطة الإذاعات والمكالمات
والهواتف والإرساليات، التي مكنهم الله من معرفة أسبابها، فهي داخلة في قول
الله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا
ولا يدل وجودها في هذا الزمان على نقصانٍ في دين الإسلام الذي هو عبادات
وقُربات وإباحات مما فتح الله به على العباد. فلذلك نقول: إن الأقدمين لم
يتمكنوا من إدراك هذه المعلومات، ولم يفكروا فيها، وليس ذلك لنقص في
عقولهم، وإنما ذلك لانشغالهم بما وصلت إليه أفكارهم، ولكل زمان دولة ورجال.
وهذه العلوم التي فتحها الله على أهل هذا الزمان ليست مقصورة على الكفار من
يهود أو نصارى، بل إنها في متناول المسلمين إذا تعلموا وفكروا، وعرفوا
الأحكام والأسباب، فقد وُجِد الكثير من المسلمين في كثير من البلاد تفوقوا
باختراعاتهم وصناعاتهم على كثير من الكفار، ولم يمنع الإسلام مِنْ تَعَلُّمِ هذه
العلوم وهذه الاختراعات، ولا مِنَ التَّوَسُّع فيها، بل إن العلم الإسلامي والعمل
به قد يكون سببًا في الفتح من الله على أهله؛ لقول الله تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ
وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ
والله أعلم.
,أجاب علي هذه الفتوى: سماحة الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله -