فتاوى ابن جبرين » العقائد » الإيمان » أركان الإيمان » الإيمان بالله » مسمى التوحيد
توحيد الحكم
س: هل يُعتبر إضافة توحيد الحكم
قسمًا رابعًا من أقسام التوحيد من تقاسيم علوم الشريعة التي لم يرد فيها نص،
أو أنه من الأمور المحدثة الضالة؟
اعلم أن التوحيد في اللغة هو الإفراد ويقابله عند النحويين التثنية والجمع.
ثم إنه استعمل اصطلاحًا على توحيد الله تعالى ودليله قول الله تعالى: وَمَا مِنْ
إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ
وقوله وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ
ثم إن العلماء نظروا فيما يجب على العباد في حق ربهم اعتقاده فعرفوا من
الأدلة أن هذا المُسمى يعم اعتقاد أن الله تعالى واحد في ذاته لقوله تعالى:
فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا
فنفى الند عنه يقتضي أنه واحد تفرد بالخلق والرزق والملك والتصرف فسموا هذا
التوحيد توحيد الذات، أو توحيد الربوبية، وقصدوا به الرد على من نفى الخالق
من الدهريين والشيوعيين، وكذا على من أثبت خالقين كالمجوس الثنوية.
ثم عرفوا أن هذا المسمى يعم توحيد الصفات لورود الأدلة أن الله تعالى موصوف
بصفات الكمال التي أثبتها لنفسه مع قوله لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ
فسموه توحيد الأسماء والصفات وهو يتعلق بالعقيدة ويسمى التوحيد العلمي
الخبري الاعتقادي؛ لأن دليله الخبر ومفاده العلم اليقيني الذي يجب اعتقاده،
وبعد أن عرفوا أن الله تعالى له حق على عباده وهو إخلاص الدعاء وجميع أنواع
العبادة لله وحده سموا هذا النوع توحيد العبادة، أو توحيد الإلهية وهو
التوحيد العملي الطلبي الأمري الإرادي، ومن العلماء من أجمل الأقسام فجعلها
قسمين توحيدًا في المعرفة والإثبات وتوحيدًا في الطلب والقصد.
ومنهم من جعل الأقسام أربعة: توحيد الذات وتوحيد الصفات وتوحيد الأفعال
وتوحيد العبادة وكل هذه التقاسيم اصطلاحية ومعلوم أن توحيد الصفات يدخل
فيها الصفات الذاتية والصفات الفعلية بمعنى تنزيه الله تعالى في صفاته عن
مشابهة المخلوقات، فنقول: إن وجهه ويده ونفسه وسمعه وبصره ونحوها من الصفات
الذاتية لا تشبه صفات خلقه، فهو متوحد فيها. ونقول إن غضبه ورضاه وحبه
وكراهته واستواءه ونزوله ومجيئه وأمره ونهيه ونحوها من الصفات الفعلية التي
لا يشبهه فيها أحد من خلقه، ولا شك أن الحكم لله وحده فهو داخل في أفعاله
كما قال تعالى: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ
وقال تعالى وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا
فتوحيد الحكم معناه تقديم حكمه على حكم غيره فهو داخل في توحيد الأفعال فلا
حاجة إلى إفراده باسم يخصه، بل يلزم التقيد بأحكامه ويلزم التقييد بأمره
ونهيه فكلها من توحيد الصفات، والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه
وسلم.
,أجاب علي هذه الفتوى: سماحة الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله -