فتاوى ابن جبرين » الآداب الشرعية » الأخلاق » الأخلاق الحميدة » آداب الخلطة والعزلة
الاعتزال للعبادة
س: يقول أحد الأشخاص: إن العبد إذا
أراد العبادة، يجب عليه أن يعتزل المجتمع كلية، ويتخذ بيتا له في الجبال أو
الصحراء بعيدا عن المجتمع، وهناك يتنزل عليه الأكل من السماء ويأتيه الرزق،
فهل هذا القول صحيح؟
هذا السؤال له إجابة مُشابهة وهي: ـ
س: هناك بعض الصالحين الذين يؤثرون العزلة عن الناس اتقاء شرهم وفسادهم،
فهل هذا منهج صحيح؟ وما توجيه فضيلتكم؟
ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المؤمن الذي يخالط الناس
ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر علي أذاهم ولعل السبب أن
من يخالطهم إذا كان من الصالحين فإنه ينصحهم ويحذرهم ويذكرهم ويمنعهم من
ارتكاب المحرمات قولية أو فعلية، ويحثهم على الطاعات وعلى المحافظة على
الصلوات وعلى أداء الجمع والجماعات، ويمنعهم من تعاطى المسكرات والمخدرات،
سيما إذا كان أكبر منهم سنا أو أمكن منهم في العلم أو أشرف منهم أو أرفع
منهم منزلة فإنهم غالبا يتأثرون به، ويقبلون منه وينتفعون بنصحه وتوجيهاته،
ولو مؤقتا وقد يهتدون على يديه ويتوبون مما أصروا عليه وتعاطوه من الكفر أو
البدع أو المعاصي، وإذا قدر استمرارهم على هذه المعاصي فقد يخففون من الشر
احتراما له وتوقيرا فلا يشربون عنده الدخان ولا يستمعون إلى الغناء والزمر
بحضرته ويغلقون عنده آلات الملاهي التي تتلقى بواسطة القنوات الفضائية
وأجهزة الاستقبال لهذه المحرمات؛ فيخففون من سماعها أو النظر إليها؛ فعلى
هذا تكون مخالطته فيها خير.
وهكذا إذا كثر الناصحون والمصلحون وحضروا تلك الاجتماعات فإن حضورهم يخفف
من الشر، وقد يزول الشر ويحل محله خير كثير من العبادات وأنواع الطاعات
والقربات، فأما إذا علم أنه بحضوره لمجالس اللهو واللعب والباطل سوف يركن
إليها ويتلذذ بسماع الأغاني وآلات اللهو أو يفتتن بنظره إلى تلك الصور
والأفلام الخليعة، فلا يأمن على نفسه الوقوع في المحرمات أو التكاسل عن
الصلوات أو تقليد أولئك العصاة فمثل هذا لا يجوز له الحضور في تلك الأماكن
التي تشتمل على اللهو والباطل وإشاعة المحرمات.
وهكذا إذا علم بأن تلك المجالس يحصل فيها السخرية والاستهزاء بالدين وأهله
والتنقص لحملة العلم وللعباد وعيبهم ولمزهم واحتقارهم والازدراء بأعمالهم،
ولا يتأثرون بنصيحة، ولا يحترمون عالما أو عابدا بل يسمعونه ما يسوؤه من
السباب والعيب والتحقير من شأنه وشأن أهل الخير؛ فلا يجوز له حضور هذه
المجالس لقول الله تعالى: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى
يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ
وقال تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا
وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ
فمثل هذه المجالس يجب هجرها؛ حتى لا يتعدى ضررها عند العجز عن التغيير
عليهم والإنكار لما يفعلونه. والله أعلم.
,أجاب علي هذه الفتوى: سماحة الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله -
أخرى ...
حكم العزلة عن الناس
س ما رأيكم فيمن يفضل العزلة في هذا الزمان حيث كثرت الفتن وكيف يمكن الربط بين ذلك وبين