فتاوى ابن جبرين » الآداب الشرعية » الأخلاق » الأخلاق الحميدة » من الأخلاق الحميدة التفكر » التفكر في مخلوقات الله » التفكر في السماوات
هل في القرآن ما يدل على وجود حياة في الفضاء
س: احتوى القرآن على العديد من
الحقائق العلمية، وقد مررت بآيتين، الآية 44 من سورة الإسراء، والآية 29 من
سورة الشُّورى، وهما يدلان على وجود مخلوقات (دواب) في السماوات، كوجودها على
الأرض، وقد حصلت على هذه المعلومات من الإنترنت، وأرجو أن تؤكد ما إذا كانت
الآيتان تدلان على وجود حياة في الفضاء، أم إذا كان يُراد بهما شيء آخر ؟
نعتقد أن الله تعالى خالق كل شيء، من حيوان، وجماد، وأنه لا يُحصي خلقه إلا
هو، وقد نوَّع المخلوقات، وأعطى كل شيء خلقه ثم هدى، وله التصرف في جميع
المخلوقات، وما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها، وقد أخبر بأنه خلق كل دابة من
ماء، فمنهم من يمشي على بطنه، ومنهم من يمشي على رِجْلَيْن، ومنهم من يمشي على
أربع، وقد أحصى هذه المخلوقات، وأعطاها قوتها، وتكفَّل برزقها، كما قال
تعالى: وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ
ونحن نُشاهد هذه المخلوقات البرية المُتنوعة، كما قال تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي
الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ
وكذلك نُشاهد دواب البحر، فالله تعالى هو الذي خلقها ورزقها، وهي كلها مُسخرة
لأمره، وتُسبح بحمده، كما قال تعالى: وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ
.
فقوله تعالى في سورة الإسراء تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ
دليل على أن الجمادات قد جعل الله فيها حياة تُناسبها، فلذلك تُسبح بحمده،
وقد أخبر تعالى بأنها تسجد له كقوله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي
السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ
وسواء كان سجودها حسيًّا أو معنويًّا، وكذلك قوله تعالى في سورة النحل: وَلِلَّهِ
يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ
وقد أخبر الله تعالى أن السماوات والأرض تتكلم، كما في قوله تعالى: فَقَالَ
لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ
وكذلك قوله في سورة الشورى: وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ
دَابَّةٍ
وكلا الآيتين وما أشبههما دليل على أن في السماوات مخلوقات مُسخرة كالملائكة
وغيرهم، كما أن في الأرض مخلوقات مُسخرة من الحيوان الحي، ومن النبات، ومن
الجمادات، سواء في البر أو البحر، وكل ذلك من خلق الله تعالى، وهو المُتصرف
في الجميع، والله أعلم.
,أجاب علي هذه الفتوى: سماحة الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله -