سماع النصيحة والموعظة

فتاوى ابن جبرين » الآداب الشرعية » الأخلاق » الأخلاق الذميمة » استخدام السمع » سماع النصيحة والموعظة

أسباب عدم التأثر بالمواعظ


صاحب الفضيلة : أعرض عليكم سؤالا حيّر الكثير من الصالحين، وأعيتهم الإجابة عليه إجابةً شافيةً كافيةً، حتى صار أكثرهم يخلط الصحيح بالسقيم، فمنهم مقل ومنهم مكثر. لذلك كتبت لكم للإجابة عن هذا السؤال إجابة مفصلة لعل الله أن ينفع بها المسلمين في كل مكان. س: ما بال أكثر الناس يسمعون المواعظ وتصيبهم الأحداث والمصائب وتلوح لهم الفتن والزواجر وتقام عليهم الحجة بالأدلة من الكتاب والسنة على فساد ما هم عليه من أعمال، ويُحذّرون مما يستقبلهم من فتن إذا استمروا على حالهم وواصلوا انحدارهم، ثم تراهم يخشعون قليلا وقد يبكون ثم سرعان ما يعودون لما هم عليه من المعاصي والذنوب بين مقل ومكثر فما أسباب عدم تأثير المواعظ عليهم ؟ و ما أسباب عودتهم إلى ما هم عليه؟ هل ذلك ناتج عن مرض في القلوب؟ أم بأسباب المأكل الحرام أم ماذا ؟؟؟ أرجو من فضيلتكم الإجابة المفصلة، لتعم الفائدة. وسوف تدرج الإجابة إن شاء الله في كتاب بهذا الموضوع جزاكم الله خيرًا وبارك في عملكم ونفع بكم البلاد والعباد.
فلا شك أن الواقع هو ما ذكر من الخشوع والإخبات عند الموعظة ثم نسيان ما جرى فيها والرجوع إلى الحالة السيئة وقد ذكر ابن رجب في اللطائف أن المواعظ سياط القلوب بمنزلة السياط التي يجلد بها العاصي وأن السوط يؤثر في البدن حالة الجلد فهو يحس بألم الضرب في تلك الحال ثم بعد البرء وعدم الإحساس ينسى ما مر به من ألم السياط فقد يعود إلى ما جلد لأجله وهكذا أثر المواعظ والتذكير والتخويف يظهر في ذلك المجلس منه خشوع وبكاء وأسف وندم وعزم على التوبة والإقلاع عن الذنب ثم بعد زمان يغفل وينسى ما سمعه وما تأثر به ويعود إلى أخلاقه وعاداته التي نشأ عليها وألفها زمنًا طويلا وفي ذلك يقول صالح بن عبد القدوس وإن مـــن أدبتــه في الصبــا كـالعـود يسقى المـاء في غرسـه والشـيـخ لا يتــرك أخــلاقـه حـتى يــوارى فـي ثرى رمسـه إذا ارعــوى عـــاد إلى جهلـه كــذى الضنـا عــاد إلى نكسـه فعلى هذا نقول والله أعلم: إن العادات تتحكم في أهلها وإن من تربى على خلق وألفه ونشأ عليه ثم جاءه من ينصحه ويحذره رأى من المشقة مخالفة ما كان عليه وما ألفى عليه آباءه وأسرته من العقائد والأعمال والعادات ولو كانت مخالفة للشرع والدين ومن أسباب عدم التأثر بالمواعظ ضعف الإيمان المتركز في القلب فمتى قوى الإيمان وتمكن لم يجرأ صاحبه على المحرمات ولم يتأثر بدعاة الضلال، وحيث أن الكثير من الناس يقبلون النصيحة مبدئيًا ثم يتركون العمل بها فإن لذلك أسبابًا عديدة فمنها كثرة الدعاة إلى المعاصي بالقول أو بالفعل فيخيل إلى من سمعهم أو رآهم أنهم على الحق والصواب وأن من المحال إكباب هؤلاء مع كثرتهم على خلاف الشرع والدين ومنها عدم تصور الذنب وعقوبته والغفلة عن الوعيد المترتب على فعل المعصية من الغضب والعذاب الشديد فإن من استحضر ما تضمنته النصوص من الوعيد الشديد لم يجرؤ على المعصية ولو سهل ركوبها ومنها طاعة الهوى والنفس الأمارة بالسوء والتمادي في الغي وإعطاء النفس شهواتها وملذاتها العاجل مع الغفلة عن عاقبتها ونهايتها وما تورثه من العار والشنار والسمعة السيئة على حد قول بعضهم شعر : تفنـى اللذاذة ممن نـال صفوتهـا من الحـرام ويبقى الإثم والعار تبقى عواقب سـوء لا مصير لهـا لا خيـر في لذة من بعدها النار ومنها الاعتماد على نصوص الوعد والمغفرة والرحمة وما ينتج منه تصغير الذنب وتحقيره وعدم استحضار أثر المعصية ونسيان أن الله تعالى حرم ذلك وتوعد عليه وأن الله تعالى رقيب حسيب، لا تخفى عليه خافية وقد قال بعض السلف: لا تنظر إلى صغر الذنب ولكن انظر إلى عظمة من عصيته، وذلك أن الجرأة على المعصية استهانة بنظر الرب سبحانه وتعالى وجرأة على المخالفة ولكن يغيب عن العاصي ما ورد من نظر الله إليه وما توعد به من يعصيه. وأقول في الختام: إن أكبر أسباب معاودة الذنب طواعية النفس على شهواتها ومألوفاتها ومجاراة أهل الزمان وكثرة الدعاة الضلال ونسيان الوعيد في الآخرة ونحو ذلك والله أعلم. ,


أجاب علي هذه الفتوى: سماحة الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله -

أخرى ...

خفض الصوت بالوعظ والتذكير

س أفيدكم أنني أعمل في دائرة حكومية وعندنا موظف يرفع صوته مما يسبب الإزعاج لنا وليس السؤال عن

حكم إلقاء الموعظة مع كل جنازة

س اعتاد بعض طلبة العلم لدينا إلقاء كلمة وعظية قبل كل جنازة في الغالب بين الأذان وإقامة الصلاة