حقيقة الرؤيا

فتاوى ابن جبرين » الآداب الشرعية » آداب المعاملة » الرؤيا » حقيقة الرؤيا

التقييم الشرعي لما يراه النائم


س: بدأت بعض المتنزهات في ترتيب لقاءات يومية لزوارها مع بعض مؤولي الرؤى في خطوة ذكية تجذب العائلة للمتنزه وخصصت صفحات في مجلات وجرائد لاستقبال اتصالات القُراء وعرضها على الشيخ الفلاني، ثم نشرها في أعداد تنفد من السوق بسرعة إلى غير ذلك من أشكال المتاجرة بالأحلام لذا نرغب تسليط الضوء ومعالجة هذا الموضوع من خلال المحاور التالية: 1ـ ما هو التقييم الشرعي لما يراه النائم؟ وفي أي الحالات يُشرع له البحث والتنقيب عن التأويل ؟ 2ـ بماذا يعرف صدق وديانة مؤولي الرُؤى؟ وهل التأويل علم يُدرس أم موهبة مكتسبة ؟ 3ـ متى يصبح تعلّق الناس بتأويل الرُؤى والأحلام مذمومًا ومدعاة للتعلق بالأوهام ؟ 4ـ هل تؤيدون استضافة المؤولين في المنتزهات والحدائق والبرامج التلفازية والفضائيات ؟ 5ـ ينتشر أحيانًا تأويل لرؤى معينة يتعلق بتطور سياسي أو عسكري في القضايا الإسلامية المعاصرة هل يسوغ الأخذ به ؟ وما أثره على إضعاف روح العمل عند المسلم؟
وهذه هي الإجابة عليه: ـ لا شك أن ما يراه النائم قد يُمكن تأويله وقد لا يُمكن، بل يكون أضغاث أحلام من أثر تلاعب الشيطان بالنائم ويكون ذلك إذا نام قبل أن يأتي بالأوراد والأدعية والقراءة التي تحفظه من وساوس الشيطان، وعلامة الأضغاث كونها قصصًا طويلة وتوهمات وخيالات يبعد تحققها، فلذلك لا يُشتغل بتأويلها، وقد ذكر أهل التعبير أن هناك أحلاما لا يجوز الاشتغال بها ولا الاهتمام بها واستدلوا بما رُوي في الحديث: أن الرؤيا من الله والحُلم من الشيطان وذُكر أن رجلا قصّ بعض ما رآه من مثل هذه الخيالات، فقيل له: لا تُخبر بتلاعب الشيطان بقلبك، فلذلك لا يُشتغل بمثل هذه الأحلام التي هي من تخيلات الشيطان وتلاعبه بقلوب النائمين، وقد جاء في حديث: " الرؤيا على رجل طائر حتى تُعبَر، فإذا عُبِرَت وقعت" فلذلك يُكره تعبيرها إذا كانت مخوفة، وجاء في حديث إرشاد النائم إذا رأى رؤيا يكرهها أن يجلس ويتفل عن يساره ثلاث مرات ويقول: أعوذ بالله من شر ما رأيت ثم يضطجع على شقه الآخر فإنها لا تضره، وذكر بعضهم أن أصدق الرؤيا ما يُرى في وقت القيلولة أو في آخر الليل وأن سبب ذلك أن الروح الطيبة تصعد في النوم ويُكشف لها بعض المُكاشفات فتُحدث القلب بما كُشف لها، فيُصبح وقد تذكر أنه رأى كذا وكذا، ومع ذلك فالأفضل أن لا يعرض رُؤياه على كل أحد؛ فقد وقع اختلاف كبير بين المُعبِّرين، فإذا رأى رُؤيا يُمكن أنها رُؤية صحيحة شُرع له البحث عن تأويلها، فقد تكون حقًا كما قال النبي صلى الله عيه وسلم: الرُؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة وجاء في الحديث: أن الوحي قد انقطع ولم يبق إلا المُبشرات وهي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو تُرى له . ثانيًا: الذين يشتغلون بتعبير الأحلام إذا كانوا أهل علم وفهم وديانة وأمانة فإن تعبيرهم يغلب عليه الصدق والصحة، ولا شك أن علم التعبير مشهور عند المُتقدمين والمتأخرين وقد أُلِّفت فيه مُؤلفات كثيرة، وقد ثبت أن النبي- صلى الله عليه وسلم- في أول أمره بُدئ بالرُؤيا الصادقة فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، وكان أيضًا يعبر الرؤيا التي يراها أو تُعرض عليه ولكن ثبت عنه- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: رؤيا الأنبياء وحيٌ وكان يعرف صدق الرؤيا بصدق صاحبها أو بتكررها كقوله صـلى الله عليه وسلم: أرى رؤياكم قد تواطأت في ليلة القدر على السبع الأواخر وقد تكلم المُعبِّرون عن تأويل الأحلام وأنه تارة يُؤخذ من آيات قرآنية وتارة من أحاديث نبوية وتارة من حالة الرائي وما يَحْتَفُّ به، ولا شك أن أكثر ذلك يرجع إلى فطنة وذكاء يكون مع بعض المُعبِّرين، ولأجل ذلك يحتاج المُعبِّر إلى معرفة الرائي وما يقع حوله من المُلابسات وقرائن الأحوال فيُعبِّرها وتقع بإذن الله على ما يُعبِّر غالبًا، وقد لا تقع حيث إن بعضهم يتسرع في التعبير قبل أن يتتبع قرائن الأحوال. ثالثًا: يتعلَّق كثير من الناس بتعبير الأحلام المذموم، وذلك في حالة الذين يعرضون كل حلم وكل خيال على بعض المُعبِّرين مع أن أكثر ذلك أوهام وخطرات لا حقيقة لها أشبه ما تكون بتلاعب الشيطان، فتعلق القلوب بهذا التأويل مذموم ومدعاة للتعلق بالأوهام والتخيلات حيث إنها لا حقيقة لها، وإذا قُدِّر أنها عبرت ووقعت فلعل ذلك من باب المُصادفة. رابعًا: لا يُستحسن اشتهار المُعبِّرين والمُأولين ولا استضافتهم في المنتزهات والحدائق ولا في البرامج التلفازية ولا في الفضائيات؛ وذلك لأن أكثرهم يظنون ظنًا وليس كل من يدَّعي العلم بالتعبير يكون من أهله، ولأن هذا من علم الغيب، وتعلمه والفتيا به تحتاج إلى تقدم معرفة بالأدلة وبالقرائن، فلأجل ذلك من رأى رُؤيا وغلب على ظنه أنها رؤيا صحيحة فله أن يختار من يوثق بعلمه وزُهده وورعه فيعرضها عليه ولا يعرضها على كل من يدَّعي أنه من أهل التعبير مع ما ذُكر في الحديث أن "الرؤيا على جناح طائر حتى تعبر، فإذا عبرت وقعت"، وقد تعبر تلقائيًا من غير تأمل فتقع على أمر مكروه، فلأجل ذلك لا ينبغي للمُعبِّرين أن يُعلنوا عن أنفسهم ولا أن يُشهروا تعبيرهم، لكن إذا أتاهم أو اتصل بهم من يسألهم أجابوه بحسب ما يعرفون دون الجزم بأن هذا يقع حقيقة، فالغيب لا يعلمه إلا الله، والوحي قد انقطع بانقطاع النبوة. خامسًا: لا ينبغي نشر ذلك التأويل الذي يتعلق بتطور سياسي أو عسكري في القضايا الإسلامية إلا إذا تُحقق أن هذا التأويل صدر من أحد المشهورين بهذه الأحلام وتعبيرها، وحينئذ يكون من المُبشرات مع أنه لا يُجزم بوقوعه، فقد لا يكون واقعيًا، وقد يترتب عليه إضعاف روح العمل عند المسلمين، فهذا ما ظهر لنا، وفي الإمكان عرض هذه الأسئلة على بعض المشتغلين بعلم التعبير وإضافة ما لديهم من المعلومات؛ حيث إنهم من أهل الاختصاص، ويُمكن أيضًا مُطالعة ما كُتب في ذلك قديمًا وحديثًا، والله أعلم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فهذه أجوبة تتعلق بصلاة الجنائز، جوابًا على أسئلة جمعها الشيخ الدكتور/طارق بن محمد الخويطر ـ وفقه الله ـ فنُجيب عليها بما يسَّر الله وحسب ما نتذكره ونعرفه، وإن كان في كثير من هذه المسائل خلافات بين العلماء والمشايخ الموجودين، ولكنا نقتصر على ما ترجح عندنا، ولكل مجتهدٍ نصيب، ومن ترجَّح عنده غير ما ذكرنا فلا نلومه ولا نُلزم أحدًا بما نختاره، وقد عُلم أن صلاة الجنائز أمر مشهور تكلم عليه العلماء قديمًا وحديثًا في كتب الأحكام، وغالب هذه المسائل موجود أجوبتها في كتب الفقهاء فمن طلبه وجده، وإنما هذه الأسئلة وأجوبتها تقريب لهذه الشعيرة من شعائر الإسلام. ,


أجاب علي هذه الفتوى: سماحة الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله -

أخرى ...