فتاوى ابن جبرين » معاملات » توثيقات » الأيمان » الشك في اليمين
ماذا يفعل من ابتلي بالوسواس
س: أعاني من كثرة الوساوس، فدائمًا يحاول الشيطان
أن يجعلني أوسوس في ديني، وعبادتي، وفي الطلاق، وفي الطاعات، وفي الطهارة
والنجاسة.
ـ فهل علي ذنب بسبب ما أوسوس فيه؟
ـ في ظل الوضع الذي شرحته، إذا صدرت مني كلمة الطلاق سواء مرة أو أكثر
أثناء حياتي الزوجية، هل تخرج زوجتي من عصمتي؟
ـ يحاول إبليس أن يقول أنك ما فعلت تلك الطاعة إلا من أجل مصلحة دنيوية،
فهل يجب علي أن أنفي بلساني كلما حدث لي ذلك وأنا في طاعة الله؟
ـ هل المسألة التي أفتي فيها بحكمين مختلفين ينطبق عليها وصف (المشتبه فيه)
الذي خبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم؟
ـ أنا أدعو الله بشكل يومي أن يزيل عني هذا البلاء، والشيطان يحاول دائمًا
ويقول مثلًا إنك ما تدعو من قلبك أو إنك لست موقنًا بالإجابة، فهل هذا يؤثر
على دعائي؟
ـ حسب ما أشرت لكم هل صلاتي صحيحة؟ وهل أستطيع أن أصلي أكثر من صلاة بهذا
الوضوء؟
ـ إذا كنت متوضئا وصليت بعد فترة من الزمن، كساعة مثلًا، يحصرني البول بشكل
خفيف، فبعد أن أفرغ من الصلاة أذهب للحمام فأجد كالقطرة الصغيرة ولكنها
داخل فتحة الذكر ولا أحس بخروج شيء أثناء ما كنت أصلي، فهل صلاتي صحيحة؟
ـ ما هي النصائح التي تقدمها لي كي أنتصر على الشيطان بإذن الله؟
قد عرفت أن هذه الوساوس من الشيطان الذي قال الله فيه: مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ
الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ
فهو يوسوس أحيانًا ليُشكك في العقيدة ويوقع الإنسان في حيرة من أمر دينه
ويُشككه في أمر الرسالة وتحقيق هذه الشهادة، وفي أمر البعث والجزاء مع قيام
الأدلة، كما يُشككه أيضًا في النية والإخلاص في الصلاة والصدقة حتى يُحجم عن
العمل ويُوهمه أنه يُرائي، وهكذا يُشككه في الطهارة ويُوهمه انتقاض الوضوء
وخروج ريح أو بول فيُخيل إليه أن عبادته قد بطلت، والقصد أن يمل من هذه
العبادة وتثقل عليه ويؤدي به ذلك إلى تركها، وهذا ما يطلبه الشيطان وهو ترك
العبادة التي تكون ثقيلة على النفس بسبب التخيلات في انتقاض الوضوء لخروج
ريح أو قطرة بول أو بعدم إخلاص في النية، وقد أدى ذلك بكثير من الموسوسين
إلى ترك العبادة، وهكذا يُوسوس في أمر الطلاق ليُفرق بين المرء وزوجه مع
الاستقامة وحسن المُعاملة، وعدم الأسباب التي تُسبب إيقاع الطلاق فيُخيل إليه
أنه أوقع طلقة أو طلقات وأن زوجته خرجت من ذمته بهذا التلفظ وكل ذلك من
وسوسة الشيطان.
فنقول:
_*أولًا:*_ لا ذنب عليك بسبب هذه الوسوسة؛ لأنك مُبتلى فأكمل أعمالك ولا
تلتفت إلى تلك التوهمات.
_*ثانيًا:*_ لا يقع الطلاق إذا خُيِّل إليك أنك قد أوقعته ولا تخرج زوجتك من
عصمتك، فإن هذا الكلام مما لا يُؤاخذ الله به لدخوله تحت الإكراه، وقد قال
النبي صلى الله عليه وسلم: عُفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه .
_*ثالثًا:*_ لا شك أن الشيطان يوسوس للإنسان في الأعمال الصالحة أنه يُرائي
بها أو أنه يقصد مصلحة دنيوية؛ كما إذا ألقى نصيحة أو مُحاضرة أو حضر درسًا
أو أمر بالمعروف أو نهى عن المُنكر، فإذا ألقى الشيطان في روعه أنه لم يُخلص
في هذا العمل فعليه أن يستعيذ من الشيطان، فلا يلزمه أن يتكلم لينفي ما حدث
له ولا ليجزم بأنه في طاعة الله.
_*رابعًا:*_ إذا سألت عالمًا مُعتبرًا وأفتاك بحكمٍ فعليك أن تعمل به وإذا رأيت
فيه شيئًا من التساهل فلك أن تسأل آخر، وإذا اختلف الجواب فعليك أن تتبع
الأسهل، فإن النبي- صلى الله عليه وسلم- ما خُيِّر بين أمرين إلا اختار
أيسرهما ما لم يكن إثمًا أو قطيعة رحم .
_*خامسًا:*_ عليك أن تستمر في دعائك أن يُزيل الله عنك هذا البلاء، وأن
تستعيذ من الشيطان الذي يُخيل إليك أنك لا تدعو من قلبك أو أنك لا تُوقن
بالإجابة فإن هذا من التوهمات، فلا يؤثر عليك في دعائك فادع الله وأنت موقن
بالإجابة، ولا تستعجل وتقول: قد دعوت ثم دعوت فلم يُستجب لي، فلا تستحسر
وتترك مواصلة الدعاء؛ فقد وعد الله أنه يُجيب دعوة الداعي إذا دعاه.
_*سادسًا:*_ صلاتك صحيحة ولو خُيِّل إليك أنه قد خرج منك قطرة بول أو أكثر،
وننصحك بعد التبول أن تغسل فرجك بالماء البارد الذي يُوقف البول، ونقول لك:
إن ما تُحس به من خروج شيء أو بقاء قطرات كل ذلك من التوهمات التي لا حقيقة
لها، وإذا قُدِّر أنه خرج شيءٌ فإن ذلك مما يُعفى عنه ولك في هذه الحال أن تُصلي
بوضوئك حتى ينتقض الوضوء الانتقاض المعروف.
_*سابعًا:*_ صلاتك صحيحة ولو صليت عدة صلوات بوضوء واحد، وإذا حصرك البول
فلك أن تتبول كالمُعتاد ولكن إذا كان هذا شيءٌ يسير كالقطرة التي في داخل
الإحليل ولم يخرج شيءٌ فإن ذلك لا يُعتبر ناقضًا.
_*ثامنًا:*_ ننصحك أن تُكثر من الاستعاذة من الشيطان الرجيم، فتعتصم بالله-
تعالى- وتتحصن به وتلتجئ إليه وتحتمي بحماه وتلوذ به؛ ليطرد عنك الشيطان
ووسوسته؛ لقوله تعالى: وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ
يَحْضُرُونِ
وتُكثر من قراءة سورة قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ
وننصحك ألا تلتفت إلى هذه التخيلات ولا تتأثر بهذه التوهمات، لعل الله أن
يُعيذك من شر الشيطان وشَرَكه، والله أعلم.
,أجاب علي هذه الفتوى: سماحة الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله -