فتاوى ابن جبرين » معاملات » أحوال شخصية » النفقة » أنواع النفقة » نفقة الأقارب » سبب وجوب النفقة » قرابة الولادة سبب لوجوب النفقة
النفقة على الآباء
س: أب له خمسة أولاد وبنت، وأربعة من الأولاد الخمسة هم أقل
حظا في الكسب المادي، وأحد هؤلاء الأبناء غني، فهل تجب عليه هو النفقة على
والده ووالدته أم يتقاسمون النفقة مع العلم أن الأربعة الباقين عندهم ما
يكفيهم ويكفي والديهم؟ وهل لا يحق للأبناء تملّك أي شيء في حياة الآباء بحيث
يكون ما لهم كله لأبيهم؟ وهل يجب على البنت أيضًا أن تتقاسم النفقة مع
إخوتها الذكور على والديها؟ وما معنى حديث: أنت ومالك لأبيك ؟
هل يعني أن الابن مهما عمل من مشاريع وماله من أملاك كلها لوالده إذا أراد
هذا الوالد أن يستولي عليها؟ أم أن الأب لا يحق له إلا الاستيلاء على مال
البنت فقط؟ وهل ينطبق هذا على الأم أيضًا؟ أرجو توضيح نظام الملكية بين
أفراد العائلة ومدى حرية كل فرد في التصرف بأملاكه وكيفية النفقة على
الوالدين من يتولاها: الابن الغني أم جميع الأبناء ذكورًا وإناثًا؟ وإن كانت
الأغنى هي البنت فماذا يكون الحكم؟ وهل الأولى أن أُنفق على أبي وإخوتي أم
على أولادي وزوجتي؟ وإذا لم يكن لدي سوى ابن وأب، فهل أُنفق على أبي ثم ابني
أم العكس؟ وهل يختلف الحكم إذا كان أحدهما أكثر حاجة من الآخر؟ وهل ينطبق
نفس الأمر على المرأة نحو والدها وابنها (إذا لم يكن هناك أحد يملك المال
غيرها)؟
نرى في هذه الحال وجوب النفقة للأب على أولاده ذوي القُدرة على النفقة بقدر
عُسرهم ويُسرهم، ولكن إذا كان أحدهم غنيا ثريا عنده أموال طائلة فالأولى أن
يبر أباه وينفرد بالنفقة عليه أو على أبويه ومن يعولان، فإن امتنع فعلى
الحاكم إلزام الجميع القادرين بالنفقة على أبويهم بحيث يتقاسمون النفقة
ويأمنون لوالديهم ما يحتاجون إليه، ولا شك أن الأولاد يصح أن يتملكوا
أموالهم في حياة الآباء سواء كانوا ذكورًا أو إناثًا، فإن ما يكتسبونه
يملكونه بمجرد الحصول عليه، وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك
لأبيك فإنما يدل على أن للوالد أن يأخذ ويتملك من مال أولاده ما لا يضر
الأولاد ولا تتعلق حاجتهم به، ولا يكون ذلك في مرض موت أحدهما، ولا يأخذ من
أحد الأولاد ويُعطي الولد الآخر، وإلا فإن ما يعمله الابن من مشاريع وأملاك
هو المالك لها؛ لأنها عمله وكسبه، فإن أراد الوالد أن يتملكها فلا بد من
الاستيلاء عليها والقبض لها وإخراجها من ولاية الابن أو البنت.
وتُلحق الأم بالأب أيضًا في أنها تتملك من مال ابنها ما لا يضره ولا يحتاجه
في زمن الصحة، ولا تأخذه من أحد الأولاد وتُعطيه الآخر من غير حاجة، ولا شك
أن الأولاد في حياة آبائهم أحق بملكية ما بأيديهم، فكل منهم له حُرية التصرف
في أملاكه والنفقة منها على أولاده وعلى والديه وأجداده عند حاجتهم وأن
الأب إذا احتاج فله أن يأخذ قدر حاجته من أحد أولاده أو من جميعهم ذكورًا
وإناثًا، ويلزمهم الإنفاق على آبائهم وأجدادهم وسد خلتهم، ولا شك أن الإنسان
يلزمه أولا النفقة على نفسه، فإن فضل شيئًا فعلى زوجته، فإن فضل شيء فعلى
أبنائه ثم على أبويه وأجداده كما جاء في الحديث أن الزوجة تقول بلسان
الحال: أنفق عليَّ أو طلقني، والمملوك يقول: أنفق عليَّ واستخدمني، والأولاد
يقولون: إلى من تكلنا، فإن كان الأولاد على حدّ سواء في الجدة والغناء قُسِّمت
نفقة الآباء عليهم وإن كان بعضهم فقيرًا فليس عليه نفقة لأبويه وأجداده،
وهكذا المرأة تبدأ بالنفقة على نفسها ثم على أبنائها وبناتها ثم على الأبوين.
,أجاب علي هذه الفتوى: سماحة الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله -