فتاوى ابن جبرين » معاملات » أحوال شخصية » النكاح » أركان النكاح » من أركان النكاح الولي » أنواع الولي في النكاح » ولي مجبر على النكاح
الضابط الشرعي بحق اختيار الزوج وهل يجوز إكراه البنت على الزواج
س: هناك أب
يريد أن يزوج ابنته، وتقدم لها الكثير رفِضوا إلا واحدًا منهم وافقت عليه
البنت وهي متمسكة به وترفض غيره، وآخر وافق عليه الأب وهو متمسك به ويرفض
غيره، ولعلي أوقع ما أريده على هيئة أسئلة:
1- ما هو الضابط الشرعي بحق اختيار الزوج؟
2- هل يجوز تزويج البنت من غير إذنها وموافقتها؟ وإذا حصل ذلك فما صحته؟
3- هل يجوز رفض المتقدم إذا كان ذو خلق ودين وقدم لها مهر مثلها لأسباب
قبلية أو عادات مثل قول الأب: ( أنا أعطيت الرجل كلمة ولا تجعلوني طفل
أمامهم )؟
4- إذا رفضت البنت اختيار أبيها بعد أن استخارت الله هل يكون هذا عقوق
لوالدها بحكم أن هذه حياتها التي ستعيشها؟
5- هل يحق للبنت أن تطالب بحقها الشرعي في اختيار زوجها والرفض والقبول؟
6- ما هو خطر مثل هذه المواقف على كل الأطراف من حصول الانحراف:
- قد ترغم البنت على الزواج وترضى بالأمر الواقع، وقد ترغم وتبقى حسرتها في
نفسها وغيظها مما يؤثر على علاقتها بزوجها وأداء حقوقه، وهذا بدوره أكبر
عامل لهدم العلاقة الزوجية.
- قد ترغم على الزواج ويحصل الوفاق بينها وبين زوجها، لكن يبقى بغضها
لأهلها في نفسها، وغير ذلك الكثير مما يحتمل أن يتسبب به هذا الأسلوب في
التزويج.
مع العلم أن الخوف من قطيعة قبيلته له غير واردة، لأن والدة البنت غير
سعودية في الأصل، وأن عم البنت زوج ابنته لغير سعودي.
1- الضابط الشرعي
هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه
إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير فإذا تقدم الخطيب وكان خلقه حسن
وخلقته وديانته وأمانته، وعرف منه عدم الظلم وعدم الشدة والحدة، وعدم
التساهل الزائد، وعرف منه التحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل، ولين
الجانب، والتغاضي عن الهفوات، والبعد عن المحرمات، وصحبة الأخيار وهجر
الأشرار، فإنه أهل أن يقرب، لكن إذا كان هناك عادات متبعة في البلاد وهي
التفريق بين العربي والموالي فيعمل بها بحسب العادة، وإذا وقع التساهل في
ذلك فقد جاء في الحديث: لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى وأما المرأة فقد
قال النبي صلى الله عليه وسلم: تنكح المرأة لأربع: لمالها ولجمالها ولدينها
ولحسبها فاظفر بذات الدين تربت يداك فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن أفضل
خصالها هو الدين عقيدة وعملا، فبه تحفظ المرأة نفسها وتحفظ زوجها، وتعمل
بما لها وما عليها.
2- لا يجوز تزويج البنت بغير إذنها وموافقتها، لقول النبي صلى الله عليه
وسلم: لا تنكح الثيب حتى تستأمر ولا البكر حتى تستأذن وإذنها صماتها وذلك
لأنها هي التي تعيش مع هذا الرجل، فإذا كانت كارهة فإنها تبقى متألمة طوال
حياتها تلاقي ما يسوؤها من الغم والهم والنكد والكمد وهو خلاف ما شرع
النكاح لأجله في قول الله تعالى: وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً
وإذا حصل الزواج بغير الموافقة فللمرأة طلب الفسخ، وقد اشتهر عند الحنابلة
التفريق بن الأب وغيره، فأجازوا للوالد تزويج البكر بغير استئذانها، وعللوا
بأن الوالد أتم شفقة في الغالب على بناته، ولكن إذا كان الواقع خلاف الشفقة
فإنها تطالب بفسخ النكاح.
3- إذا تقدم زوج ذو خلق ودين والتزم بمهر مثلها، ولم يكن فيه عيب وقبلته
المرأة فليس للأب رده لما تقدم في الحديث، لكن إذا كان هناك عادات قبلية
سار عليها أكثر القبائل من عدم تزويج الموالي للعربيات، فإن لهم ذلك، مخافة
الخلافات مع القبيلة.
4- إذا رفضت البنت ما اختاره أبوها بعد الاستخارة، وعرفت أن هذا الزوج لا
يناسبها، واطلعت على عيب فيه في الخلقة أو الأخلاق أو فعل المحرمات، فلها
أن تقنع والدها، ولا يكون ذلك من العقوق، فإن كثيرًا من الآباء يزوجون
مولياتهم لأجل قرابة أو قبيلة أو مصلحة مالية، ولا يهمه ما تلاقيه المرأة
في حياتها من البغضاء والكراهية والعيشة السيئة.
5- الأصل أن المرأة يتولى عليها والدها ويختار لها من يكون كفئًا كريمًا،
وعليها أو توافق والدها لحسن اختياره، ولكن إذا عرفت خطأه في هذا الاختيار
فلها أن تختار من يناسبها، وترفض من لا يناسبها.
6- يترتب على تزويج غير الأكفاء مفاسد من الانحراف والأضرار الواقعية، فقد
يكون الزوج غير مستقيم ويكره المرأة على ما يريد من سماع الأغاني والنظر
إلى صور الرجال في الأفلام الخليعة وإدخال القنوات الفضائية، وقد يكرهها
على السفور والتبرج وإبداء المحاسن لغير المحارم، بل وخدمة أضيافه
والمباشرة لخدمتهم، مع أنهم أجانب، وإذا أرغمت على مثل هذا بقيت حسرتها
بنفسها وأثرت على صحبتها للزوج، فلم تجبه إلى فراشه أو لا تجيبه إلا متبرمة
ممتنعة عن أداء حقوقه، فلأجل ذلك لا يجوز إكراه المرأة وإرغامها على من لا
تريده.و الله أعلم.
,أجاب علي هذه الفتوى: سماحة الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله -