حكم السلم (عقد الذمة)

فتاوى ابن جبرين » معاملات » سياسات » السلم (الصلح) » أنواع السلم » السلم المؤبد (عقد الذمة) » حكم السلم (عقد الذمة)

عقد الذمة


س: كما يزعم المدعو محمد سعيد عشماوي بأن عقد الذمة قد انتهى أمره وزال أثره بحكم ما لحق بالعالم من تطورات سياسية واقتصادية واجتماعية ونشوء الدولة الحديثة التي تقوم على حكم القانون، وتنبني على حقوق الإنسان وعلى مبدأ المواطنة، وأن عقد الذمة لا يكون إلا؛ حيث توجد قسمة للعالم على دار سلام "حيث العالم الإسلامي" ودار حرب "في كل أنحاء العالم الأخرى" وهذه القسمة انتهى أمرها؟
وهذا غير صحيح؛ فإن الكفر موجود ولا يزال الكفار بكثرة يدعون إلى أديانهم ويقاتلون المسلمين، فهؤلاء اليهود لا يزالون يقاتلون المسلمين في فلسطين وفي لبنان ويقتلون من ظفروا به، فبلادهم بلاد حرب، وهم أعداء مشهود بعداوتهم ويطلق عليهم في الإذاعات اسم العدو الإسرائيلي، ولا مانع من عقد الذمة معهم إذا التزموا بذل الجزية والصغار وحكم الإسلام في النفس والمال والعرض وهؤلاء النصارى الصرب والكروات قد حاربوا المسلمين في البوسنة والهرسك وأبادوا من قدروا عليه منهم وظهر منهم الحقد عليهم؛ لأنهم مسلمون فهم محاربون وأعداء لكل مسلم، فمتى قوي المسلمون وعقدوا معهم الذمة وألزموهم بالجزية والصغار فلا مانع من ذلك. وهكذا الحرب في إريتريا قائمة بين النصارى والمسلمين، وفي الفلبين قتال عنيف يشنه النصارى على المسلمين وغير ذلك كثير، ولا يزيل حكم قتال الكفار وجود دول تتسمى بالإسلام ولا تطبقه وإنما تحكم بالقوانين وتوالي الكفار وتتبادل معهم المصالح، ولا شك أن ما حصل من تقسيم البلاد إلى دول وولايات متفرقة وحصول الاعتراف بتلك الدول من أهل الإسلام إنما هو بسبب ضعف المسلمين وقلة إمكانياتهم وعجزهم حسًا ومعنى عن قتال الكفار الذين أمر الله به في قوله تعالى: قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وقوله: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وقول النبي صلى الله عليه وسلم : أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا دماءهم وأموالهم متفق عليه ولا شك أنه متى قوي المسلمون وكثروا وتمكنوا وجب عليهم القتال للكفار إلا لأهل العهد فيوفون عهدهم إلى مُدتهم. والله أعلم. ,


أجاب علي هذه الفتوى: سماحة الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله -

أخرى ...