غسل البراجم

فتاوى ابن جبرين » عبادات » طهارة » سنن الفطرة » غسل البراجم

حكم كل من هذه الخمس في قوله صلى الله عليه وسلم خمس من الفطرة والحد الجائز لإبقائها


س: قال صلى الله عليه وسلم : خمس من الفطرة ... فما حكم كل من هذه الخمس؟ وما الحد الجائز لإبقائها ؟
الفطرة هي الطبيعة والجِبلَّة أي ما تستحسنه الفطر والنفوس الزكية وما طُبعت على استحسانه واستقباح ضِدِّه ولو لم يأتِ نص من الشرع ببيانه، وفُسرت الفطرة بأنها السُنة والشريعة، وذكر في حديث أبي هُريرة خمس من الفطرة: الخِتان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الآباط وجاء في حديث عائشة عشر من الفطرة ... وذكر منها إعفاء اللحية، والسواك، وانتقاص الماء [يعني الاستنجاء]، وغسل البراجم، والاستنشاق، وشك في المضمضة. وهذه الأُمور مما يستحسنها العقل، فأما الخِتان فهو قطع الكُلفة التي في رأس الذكر لتمام الطهارة والنظافة؛ فتركها يُسبب النجاسة ويبقى فيها من أثر البول وسَخٌ وقَذَر، والواجب قطعها من أصلها حتى تبدو الحشفة، ووقت الوجوب البلوغ لأنه سن التكليف ووقت وجوب الطهارة، ولكن يُستحب الختان في الصغر؛ حيث إن الصغير لا حكم لعورته، وأما الاستحداد فهو حلق العانة وهي الشعر الخشن النابت حول الفرج، والأصل حلقه بالموسى ويجوز لكل ما يُزيله كالتنور ونحوه، وقد ورد تحديد ذلك ألا يزيد على أربعين يومًا، ويُستحب إزالته قبل الأربعين إذا نبت بسرعة؛ لأن بقاءه يُسبب خُشونةً ووحشيةً ووسخًا وقذرًا، فإزالته من باب التحسن وإزالة ما يُستقذر، وأما الشارب فهو الشعر النابت على الشفة العُليا ويختص بالرجال وإطالته تشويه للمظهر ويُسبب تلوثه بالأكل والشُرب وانغماسه في الشراب بحيث يستقذر ذلك الشراب بعد صاحبه، وحُدد لقصه أربعون يومًا، ويُستحب كل أسبوع، والأصل أن يُقص بالمقراض وتبقى أصوله، وكُره حلقه بالموسى؛ لأنه مُثْلةٌ ومع ذلك إن استُحسن حلقه جاز ذلك مع الكراهة، وأما نتف الإبط فهو الشعر الرقيق الذي ينبت في الآباط أي منتهى العضُد ومبتدأ الكتف مما يلي الصدر، وهو شعر رقيق لا يحتاج إلى الحلق بل يكفي فيه النتف وهو مُتأكد في كل أربعين يومًا أو أقل، والحكمة في إزالته النظافة وإزالة ما يكون هناك من الصِنان والروائح المُستكرهة التي تصدر عن اجتماع العرق والوسخ، ونتفه يكون بأصابع اليد، والأسهل نتف الإبط الأيمن باليد اليُسرى، والإبط الأيسر باليد اليُمنى، وإن أزاله بغير النتف فلا بأس، وأما الأظافر فهي الموجودة من رؤوس الأصابع من اليدين أو الرجلين والحكمة فيها المُساعدة على حك الرأس أو الجلد عند الحرارة ونحوها وغير ذلك من المصالح، ولا شك أن إطالتها تشويه للخلقة ويجتمع في أصولها الكثير من الوسخ والقذر، لذلك ورد الشرع والعقل لقصها بالمقراض أو نحوه، ويُسمى تقليمًا، وحُدد لذلك أربعون يومًا، ويُستحب تعاهدها كل أسبوع، والناس يختلفون في سرعة نباتها وعدمه، والأصل أخذها بالمِقراض حتى تساوي الأصابع، ويعم ذلك أصابع اليدين والرجلين. فهذه الخمس هي التي ذُكرت في حديث أبي هريرة وغيره. والخمس الأخرى في حديث عائشة منها انتقاص الماء [وهو الاستنجاء] وذلك بعد التبول أو التغوط، وهو من تمام الطهارة ومن إزالة أثر النجاسة، ويُستحب البدء بالاستجمار أي مسح أثر الخارج بحجارة أو مناديل أو نحوها، ثم إتباعه بالماء فيغسله حتى يعود الموضع إلى خشونته وليس لذلك عدد محدود، وأما المضمضة والاستنشاق فتجب عند الوضوء وذلك من تمام غسل الوجه وتتأكد بعد الأكل وما أشبهه، وأما السواك فهو سُنة مُؤكدة ومن خصال الفطرة شُرع لتنظيف الفم وتنظيف الأسنان، وهو مسنون كل وقت ويتأكد عند الوضوء والقيام إلى الصلاة والانتباه من النوم وتغير رائحة الفم واصفرار الأسنان وطول السكوت وما أشبه ذلك، وأما إعفاء اللحية فالمُراد تركها كما هي وعدم الأخذ من طولها ولا من عرضها، وقد وردت أحاديث كثيرة في الأمر بإعفائها مُخالفة للمشركين وتفريقًا بين الرجال والنساء، ولما فيها من الجمال وحُسن المظهر، وما في حلقها من المُثلة والتشبيه بالنساء والكُفار، وأما غسل البراجم التي هي عُقد الأصابع في اليدين أو الرجلين فذلك مسنون إذا اجتمع فيها شيءٌ من الوسخ والقذر، وبذلك يُعْلَمُ فضل هذه الشريعة حيث جاءت بما يوافق الفطر السليمة والعقول المستقيمة . والله أعلم . ,


أجاب علي هذه الفتوى: سماحة الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله -

أخرى ...