بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد..

فقد كنت وضعت عام 1412هـ أسئلة تتعلق بصلاة الكسوف والخسوف وعرضتها على سماحة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين، فتفضل بالإجابة عنها إجابة مفصلة مفيدة مقرونة بالأدلة الشرعية، فصارت رسالة لطيفة في هذا الموضوع يلم به من قرأه ويسهل الرجوع إليه كلما دعت الحاجة، ثم استحسن بعض طلبة العلم أن تكون سلسلة فتاوى متصلة ينتقى لها بعض المسائل والموضوعات التي يمكن أن تنحصر بوضع أسئلة ولو كثرت؛ لتكون قريبة سهلة من كل قارئ.

  وعليه فقد استأذنت سماحة الشيخ عبدالله بن جبرين حفظه الله ورعاه في الإجابة عن أسئلة كثيرة وضعتها في موضوعات مختلفة، فوافق مدعواً له بالتوفيق والعون والسداد، وأجاب عنها رغم مشاغله الكثيرة وأعبائه الجسيمة، ونشرت هذه الفتاوى في أعداد من مجلة الحرس الوطني، ثم صنفت كما ترى أخي القارئ في موضوعات منفصلة متكاملة، وقمت بعزو الآيات وتخريج الأحاديث والآثار باختصار مفيد غير مخل ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، وأرجو من أخي القارئ أن يقرأ سلسلة الفتاوى هذه بعين الإنصاف، ويرسل لي ما يراه مكملاً لهذه السلسلة من أسئلة أو اقتراحات، شاكراً وداعياً لكل من كان هذا همه.

وختامًا أدعو المولى جل جلاله أن يجزي سماحة الشيخ عبدالله بن جبرين خير الجزاء على تفضله باقتطاع جزء ثمين من وقته للإجابة عن هذه الأسئلة، وأسأل الله أن يبارك في عمره وعلمه وعمله، وأن يرزقه السعادة والحسنى وزيادة.

كما أشكر أخي الشيخ فهد بن عبدالله السلمان حفظه الله، فقد كان من المتابعين لهذه الفتاوى سائلاً وقارئاً ومقترحاً بعض الموضوعات والأسئلة، فجزاه الله خير الجزاء، وشكري موصول كذلك للإخوة بدار إشبيليا للنشر والتوزيع، لما بذلوه من جهود مقدرة لطباعة ونشر وتوزيع هذه الفتاوى، وأسأل الله العظيم أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

  وكتبه 

                                                طارق بن محمد بن عبدالله الخويطر

                                                معهد القرآن الكريم بالحرس الوطني

                                                       ص. ب. (26535)

                                                       الرياض (11496)

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الصادق الأمين، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فإن الله سبحانه يبتلي عباده المؤمنين والكافرين، وفي هذا الابتلاء تذكير لهم بحاجتهم إلى ربهم، وعدم استغنائهم عن فضله طرفة عين، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) وقال تعالى: (وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ) فهو سبحانه يبتلي عباده؛ ليتذكروا أنهم لا يستغنون عن فضل ربهم، فيحملهم ذلك على أن يدعوا ربهم، ويتوبوا وينيبوا إليه، ويتذكروا حاجتهم وفاقتهم على الله تعالى، وقد أمرهم الله بدعائه ووعدهم أن يجيبهم، فقال الله تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من لم يسأل الله يغضب عليه". وقد جاء في الأحاديث أن الرب سبحانه وتعالى كريم جواد، عطاؤه كلام وعذابه كلام، إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون، وفي الحديث: "يد الله ملأى لا يغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض فإنه لم يغض ما في يده" وفي الحديث القدسي: "يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر" ومع ذلك فإنه قد يبتلي عباده بالفقر والفاقة وشدة المؤن كما قال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ) فيبتليهم بالقحط والجدب العام أو الخاص مع كمال غناه وقدرته على إغاثتهم، وفي هذا الابتلاء تذكر حاجتهم وضرورتهم إلى ربهم، ولذلك يدعونه ويرفعون إليه أكف الضراعة، حتى أن البهائم ترفع رؤوسها إلى السماء تستسقي ربها، فمتى عرف العباد ضرورتهم على ما عند الله، ودعوه مخلصين له الدين، وألحوا في الدعاء، وتابوا إلى الله من المعاصي والمحرمات، فإن الله تعالى يرحمهم ويقبلهم ويزيل ما بهم من الكربات، ويخفف عنهم المصائب، وأما إذا تمادوا في العصيان، واستمروا على المخالفات وركوب الفواحش وترك الطاعات، وإظهار عدم الحاجة إلى الله تعالى، فإنه يعاقبهم إذا شاء، ولا يجيب دعوتهم، ولا يعطيهم طلبتهم حتى يراجعوا دينهم، ويأخذوا على أيدي سفهائهم ويأطروهم على الحق أطرا، ويقصروهم على الحق قصراً، ويقيموا عليهم حدود الله، ويأخذوا الحق من الظالم وينصفوا المظلومين، ويقيموا شرع الله بينهم، فمتى فعلوا ذلك فإن الله سبحانه لا يخلف وعده، بل يعطيهم ويرزقهم إذا حققوا التقوى؛ لقول الله تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً)، ولأجل ذلك شرعت صلاة الاستسقاء، وفعلها النبي صلى الله عليه وسلم فخرج بأصحابه إلى البقيع وصلى بهم، ودعا ربهم فما رجعوا حتى نزل المطر، واستسقى ربه في خطبة الجمعة فأجاب دعوته، واستمر المطر عليهم أسبوعاً حتى دعا الله بقوله: "اللهم حوالينا ولا علينا".

 وهذه الأسئلة تتعلق بصلاة الاستسقاء وضعها واختارها الشيخ الدكتور طارق بن محمد الخويطر فنقول في جواب هذه الاسئلة

السؤال: متى تشرع صلاة الاستسقاء؟

الجواب: تشرع صلاة الاستسقاء إذا قحط المطر، وتأخر عن وقته، ويبست الأرض وما عليها من النبات، وغارت المياه، فهناك يصلون صلاة الاستسقاء.

السؤال: ما حكم صلاة الاستسقاء؟

الجواب: مستحبة ومؤكدة ، وليست واجبة كوجوب الصلوات المكتوبة ، ولا تلزم كل أفراد أهل البلد ولكن عليهم أن يخرجوا لأداء الصلاة رجاء أن يرحمهم الله.

السؤال: بإذن من يخرج الناس لصلاة الاستسقاء؟

الجواب: يخرجون بإذن الإمام وسلطان البلد ، فمتى قحط الناس وخيف الضرر ، فعلى الإمام أن يؤذن بصلاة الاستسقاء ، ويعمم على البلاد التي تحت سلطته ويحدد لهم يوماً يستسقون فيه رجاء أن تجاب دعوتهم إذا حصل هذا الاجتماع وهذا الدعاء.

السؤال: هل ينادى لها؟

الجواب: لا حاجة أن ينادى لصلاة الاستسقاء ، كما لا ينادى لصلاة العيدين؛ وذلك لأن وقتها محدد، فمتى عرفوا ذلك اليوم الذي هو موعد هذه الصلاة فإنهم يعرفون وقت أدائها وهو أول النهار بعد خروج وقت النهي، فيتوجهون إلى المصلى ويأتيهم الإمام ويؤدي بهم الصلاة جماعة.

السؤال: هل تسن صلاة الاستسقاء في يوم معين؟

الجواب: يستحبون صلاتها في يوم الاثنين أو في يوم الخميس، لفضل هذين اليومين ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: "  تعرض الأعمال في يوم الاثنين والخميس فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم "، مع أنه يجوز الاستسقاء في يوم الجمعة في حال خطبتها ولو استسقى بعضهم في بقية أيام الأسبوع فلا مانع من ذلك.

السؤال: هل يسن قبل الخروج شيء؟

الجواب: نعم، يسن صيام ذلك اليوم؛ فقد روي أن دعوة الصائم لا ترد، ويسن أن يتصدق بما تيسر على الفقراء والمساكين، فإن الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وتطفئ غضب الرب. ويسن أن يخرج إلى الصلاة في حالة خشوع وخضوع وخوف وإخبات، فإن الله يقول في الحديث القدسي: " أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي ".

السؤال: هل يشرع لبس الجديد من الثياب والتطيب لها؟

الجواب: لا يشرع ذلك، بل يخرج إليها بثياب بذلة، ليكون أقرب إلى التواضع والتذلل بين يدي الله تعالى، ولا بأس باستعمال الطيب في الثوب والشعر، فإن ذلك مباح أو مستحب في كل الحالات.

السؤال: هل تشرع صلاة الاستسقاء لجدب أرض المسلمين غير أرض المصلين؟

الجواب: تشرع ذلك، وبالأخص إذا كانوا في دولة واحدة وصدر الأمر من إمام المسلمين، فإن جميع أطراف تلك الدولة يصلون الاستسقاء، ولو كان بعضهم في سعة وخصب وكثرة خير وأرض مربعة ومياه متدفقة، فإن استسقاءهم لبقية المسلمين في أطراف البلاد ممن أصابهم القحط والجفاف الذي يكون من آثاره غور المياه ويبس الأشجار وموت الدواب وحصول الجوع والجهد في بعض المسلمين، فعليهم جميعاً الاستسقاء، ودعاء الله تعالى ليزيل ما بإخوانهم من شدة وعسر وضرر على الأبدان والأموال، ففي الحديث: "ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى"، فالمسلمون يتألمون من آلام إخوانهم في البلاد الأخرى، ويطلبون من ربهم أن يزيل عنهم الشدائد والمحن والضرر في المال والبدن.

السؤال: ما صفة صلاة الاستسقاء؟

الجواب: صفتها كصفة صلاة العيد، فيبدأ الإمام بالصلاة قبل الخطبة، ويفتتح الركعة الأولى بسبع تكبيرات بعد تكبيرة الإحرام، ثم يقرأ جهراً الفاتحة وسورة بعدها، ويكبر في الركعة الثانية خمس تكبيرات بعد تكبيرة القيام، ويقول بين كل تكبيرتين من التكبيرات الزوائد (الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً، وصلى الله على محمد النبي وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً)، وبعد صلاة ركعتين يصعد منبراً أو مكاناً مرتفعاً، ثم يخطب خطبة واحدة ذكر بعض الفقهاء أنه يفتتحها بتسع تكبيرات متتابعة، أو يفتتحها بأول سورة الفاتحة، ثم بعد ذلك بالتكبيرات والتهليلات وما أشبهها، ويكثر في الخطبة من ذلك أسباب رحمة الله تعالى، وأسباب سخطه، ويأمر بالاستغفار ويقرأ الآيات التي فيها الأمر به، ثم يرفع يديه ويدعو بما تيسر من الأدعية النبوية وما يلحق بها، كقول: "اللهم اسق عبادك وبلادك وبهائمك وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت"، ونحو ذلك من الأدعية المأثورة.

السؤال: أين تصلى؟

الجواب: يشرع أن تصلى خارج البلد في أقرب الصحراء، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج لصلاة الاستسقاء في البقيع في أدنى الحرة الشرقية، وهكذا ذكر العلماء أنها تصلى خارج البلد، فإن ذلك أدعى إلى ظهور الخشوع والإخبات والإنابة والتذلل؛ حيث يخرجون من بيوتهم ويبرزون لربهم، ويدعون الله بقلوب حاضرة قد تخلت من الدنيا وتفرغت لعبادة ربها، فإن ذلك كله من أسباب رحمة الله تعالى، كما ذكر بعض العلماء أنهم يخرجون الأطفال والنساء وكبار السن لعل الله تعالى أن يرحمهم، لقوله صلى الله عليه وسلم: "أبغوني الضعفاء فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم" وجاء في حديث آخر: "لولا شيوخ ركع وأطفال رضع وبهائم رتع لصب عليكم البلاء صباً"، واستحب بعض العلماء أن يخرجوا البهائم ويعزلوا أولادها عنها، لعل الله أن يرحم عباده برحمة هذه البهائم.

السؤال: عند صلاة الاستسقاء أو صلاة العيدين إذا كانت في حوش بجوار المسجد الجامع، هل تشرع تحية المسجد قبل صلاة الاستسقاء علماً أنه لا يوجد عندنا كهرباء ولا تبريد ونصلي في أيام الحر العشاء وصلاة التراويح في الحوش؟

الجواب: المعروف أنه لا صلاة قبل صلاة العيد أو قبل صلاة الاستقاء في موضعها، وكانت قديماً تصلى في الخلاء خارج البلد في موضع مهيأ للصلاة فيه، وعلى هذا يلحق به هذا الحوش ولو كان محوطاً وله أبواب ولو كان إلى جانب الجامع، فمن دخل لهذه الصلاة فإنه يجلس حتى يحضر الإمام ولا يسوغ أداء صلاة العشاء والتراويح في هذا الحوش واعتباره كمسجد، حيث أنه لا يصلى فيه كل وقت، وليس فيه تكييف ولا فرش دائمة، فنعتبره شبيهاً بالخلاء. أما إذا أقيمت صلاة العيد أو الاستسقاء في المساجد التي تؤدى فيها الجمعة والجماعة فلا مانع من أداء تحية المسجد عند الدخول؛ لاعتبارها من ذوات الأسباب عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين" مع أن كثيراً من العلماء منعوا من أدائها في وقت النهي ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس"، ونهى عن الصلاة عند طلوع الشمس حتى ترتفع قد رمح، فمن جلس في وقت النهي فلا ينكر عليه، ومن دخل المسجد في وقت نهى وصلى ركعتين فهو مجتهد، ولكل مجتهد نصيب والله أعلم.

السؤال: ما الحكم لو أراد المسلمون الصلاة فأمطروا قبل الخروج؟

الجواب: إذا أمطرت البلاد كلها في أطراف الدولة ووسطها فلا حاجة بهم إلى الخروج، وأما إذا أمطروا في جهة وبقيت الجهات الأخرى لم يمطروا، فإن على الجميع أن يخرجوا ويستسقوا لحاجة إخوانهم إلى المطر والغيث، فإن ذمة المسلمين واحدة.

السؤال: هل يشرع قضاء صلاة الاستسقاء إذا فاتت؟

الجواب: إذا فاتت بعض الأفراد فإنهم يقضونها في المصلى، فمن جاء والإمام يخطب فإنه يصلي ركعتين منفرداً أو في جماعة، ويفعل ذلك في صلاة العيد، فإن ذلك من تدارك ما فات.

السؤال: هل تصلى فرادى في البيوت؟

الجواب: لا يشرع ذلك، ولكن يجوز لكل فرد إذا مست الحاجة فعل هذه الصلاة والدعاء بعدها، فإن كثيراً من الأفراد إذا نزلت بهم شدة وفاقة، ودعوا الله تعالى بإخلاص وصدق، أغاثهم وأنزل عليهم ماءَ ثجاجاً، سواء صلوا في بيوتهم أو خرجوا في المصلى، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى في غزوة تبوك فنزل مطر رويت منه الأرض، وشرب الغزو كلهم وسقوا رواحلهم، وملئوا قربهم، ولم يتجاوز ذلك المطر أماكنهم ومواضع رحلهم، وهكذا استسقى أحد أعمامنا وهم في طريقهم إلى الحج بعد أن كادوا يموتون عطشاً، فأنشأ الله سحابة وأمطرت عليهم فشربوا وسقوا رواحلهم وملئوا قربهم، والوقائع من ذلك كثيرة يفهم منها رحمة الله تعالى بعباده، وإجابته لدعوتهم، وإغاثته للمضطرين، كما قال تعالى: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ).

السؤال: ما حكم التكبيرات في الصلاة؟ وما الحكم إذا نسيها؟

الجواب: التكبيرات الزوائد سبع بعد تكبيرة الإحرام في الركعة الأولى، وخمس في الركعة الثانية بعد تكبيرة القيام وهي سنة، ومن نسيها فلا قضاء عليه، ولا يلزمه سجود سهو كنسيان سنن الصلوات.

السؤال: ماذا يقال بين التكبيرات؟

الجواب: ذكر الفقهاء في كتب الفقه في الروض المربع ومنار السبيل والكافي وغيرها أنه يقول: (الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلاً وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليماً كثيرا) وذكر بعضهم أنه يقول: (سبحان الله والحمد لله والله أكبر) وله أن يقول غير ذلك من الأذكار والأدعية الواردة وما أشبهها.

السؤال: هل يشرع تكرار صلاة الاستسقاء إذا تأخر المطر؟

الجواب: يشرع ذلك، فإن الله يحب الملحين في الدعاء، ويحب من عباده أن يظهروا الافتقار إليه، وكثرة دعائه وذكره، ويستجيب لهم ما لم يعجلوا، يقولون دعونا فلم يستجب لنا، فيتحسرون عند ذلك ويدعون الدعاء وييأسون من روح الله، وقد قال الله تعالى: (وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ)، واليأس هو قطع الرجاء وعدم الرغبة في فضل الله، وهو من كبائر الذنوب مثل القنوط من رحمة الله، قال الله تعالى: (قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ)، فعلى المسلمين أن يكثروا من دعاء الاستسقاء جماعات وفرادى، وألا يملوا من تكرار الدعاء، فإن رحمة الله قريب من المحسنين، وعلى الخطباء أن يستسقوا في خطبة الجمعة، وأن يذكروا المصلين بالتوبة والإقلاع عن الذنوب، فإن الذنوب تميت القلوب، وفي الحديث: "إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه"، فمتى تابوا وأنابوا وتركوا السيئات وعملوا الصالحات وابتعدوا عن أكل المحرمات، فإن ذلك من أسباب قبول دعائهم وإنزال المطر لهم وإنزال البركة.

السؤال: هل يسن قراءة سورة معينة في صلاة الاستسقاء؟

الجواب: مما ذكروا أن صلاة الاستسقاء كصلاة العيد، فإن مقتضى ذلك أنه يقرأ سورة الأعلى والغاشية، ومع ذلك له أن يقرأ السورة المناسبة، أو الآيات التي فيها تذكير بنعم الله عليهم، وحث لهم على شكرها، والآيات التي فيها الأمر بالاستغفار والتوبة، والآيات التي فيها عقوبات تارك الصلاة، وعقوبات اقتراف المعاصي، وله أن يقرأ ما تيسر له، سواء قرأ سورتين أو سورة واحدة.

السؤال: إذا كان جماعة في بادية أو ناحية بعيدة وأجدبوا هل يجوز أن يصلوا صلاة الاستقساء؟

الجواب: يجوز أن يصلوا صلاة الاستسقاء إذا نزلت بهم شدة وخافوا من الهلاك، وقد وقع من كثير من المضطرين استسقاؤهم فرادى، فيجيب الله دعوتهم ويسقيهم وينقذهم ودوابهم من الهلاك، سواء كانوا في بادية وأصابهم الجدب والظمأ أو في قرية نازحة واضطروا إلى السقيا، أو في سفر وخافوا الهلاك فلهم أن يستسقوا.

السؤال: هل تصلى صلاة الاستسقاء ويستسقى في كل وقت في السنة أو في وقت معين من السنة؟

الجواب: نرى أنه تصلى وقت الحاجة والشدة سواء كان في الصيف أو في الشتاء، لكن حيث أن العادة في وسط هذه المملكة أن المطر لا ينزل في زمن الصيف، فنراهم لا يستسقون إلا في زمن الشتاء أو الربيع، ولكن هناك كثير من البلاد في هذه المملكة وفي غيرها ينزل عليهم المطر عادة في الصيف والشتاء، فلهم أن يصلوا صلاة الاستسقاء في كل الأوقات عند اشتداد الحاجة.

السؤال: هل تتعدد صلاة الاستسقاء في البلد؟

الجواب: يجوز ذلك إذا اتسعت البلاد وتباعدت أطرافها، كما تتعدد صلاة الجمعة وصلاة العيد، فإذا احتيج إلى تعداد أماكن الصلاة جاز ذلك بقدر الحاجة، مع أن الأفضل عدم تكرارها، وأن السنة اجتماع أهل البلد في مكان واحد وأداؤها خلف إمام واحد، كما أن ذلك هو الأصل في صلاة الجمعة والعيد، لحكمة اجتماع أهل البلد في موضع واحد وتلاقيهم وتعارفهم وتبادلهم النصيحة والمودة والمحبة، وكل ذلك لأجل جمع الكلمة وتوحد صف المسلمين.

السؤال: هل يجوز إقامتها في المدارس بحجة عدم قدرة الطلاب؟

الجواب: يظهر أن ذلك جائز، فإن الطلاب في المدارس ولو في المرحلة الابتدائية متى صلوا وخشعوا ودعوا وأمنوا على الدعاء رجي إجابة دعوتهم، ومن المشقة تأخرهم عن المدارس لأداء الصلاة المذكورة، فيجوز لهم أداء هذه الصلاة في مدارسهم وجامعاتهم في المصليات التي يصلون فيها الصلاة المكتوبة، ويجب على المعلمين تعليمهم الخشوع والخضوع والإنابة والإخبات في هذه الصلاة، وتعليمهم الإنصات في الخطبة والتأمين على الدعاء.

السؤال: هل يشترط عدد معين لصحة صلاة الاستسقاء؟

الجواب: لا يشترط ذلك، بل تصح ولو من عدد قليل، كثلاثة أو أربعة، وقد وجد من كثير من المسلمين أداء صلاة الاستسقاء وهم دون العشرة ذكورهم وإناثهم وأطفالهم، فيستجيب الله دعوتهم، ولا شك أن كثرة الحاضرين أقرب إلى الإجابة لا سيما إذا كانوا من أهل الديانة والصيانة والصلاح و الاستقامة وأداء الواجبات والبعد عن المحرمات، يحضرون بقلوب خاشعة راغبة في الخير، فيصلون هذه الصلاة بطمأنينة وإخبات، وينصتون للخطبة، ويتواضعون لربهم ويؤمنون على الدعاء، فلعل ذلك يكون أقرب لإجابة دعوتهم وإعطائهم طلبتهم.

السؤال: هل يشترط في الإمام أن يكون مستوطناً؟

الجواب: لا يشترط ذلك، فإن كثيراً من الذين استغاثوا فأجيبت دعوتهم كانوا مسافرين، فقد ذكر عن بعض الصالحين أنه جلب أغناماً كثيرة فورد على ماء فوجد الماء قد نضب، والغنم قد ظمئت، فطلب من أهل الماء قدحاً فيه ماء فتوضأ وصلى ركعتين ورفع يديه ودعا واستسقى ربه وأخلص في دعائه، فنزل المطر حتى استنقعت الأرض وشربت الغنم من تحتها وشرب أهل الحي وارتووا في أوانيهم، ووجدوا المطر لم يتجاوزهم، فمتى احتاج المسافر إلى الاستسقاء فله ذلك ولأهل البوادي أن يقدموا مسافراً طرقهم إذا كان أعلمهم بصفة هذه الصلاة.

السؤال: هل لها وقت معين في اليوم أو تصلى في أي وقت؟

الجواب: وقتها وقت صلاة العيد، فتصلى بعد خروج وقت النهي بارتفاع الشمس قدر رمح، ويستمر وقتها على الزوال إذا نسوا أو لم يعلموا إلا في الضحى فلهم صلاتها، فإن لم يعلموا إلا بعد الزوال فلا يصلونها آخر النهار بل يقضونها في النهار الذي بعده في مثل وقتها.

السؤال: هل يجوز خروج غير المسلمين للاستسقاء؟

الجواب: يجوز ذلك، فإن لهم حاجة كحاجة المسلمين، وإنهم يدعون الله ويؤمنون به، ولكن إذا كانوا في بلاد للمسلمين فلا يخرجون في يوم خاص، بل يخرجون في اليوم الذي يخرج فيه المسلمون، مخافة أن ينزل المطر يوم خروجهم، فيظن العامة أن دعوتهم مستجابة وأن قولهم أولى بالصواب.

السؤال: كم خطبة لصلاة الاستسقاء؟

الجواب: لم يذكوا إلا خطبة واحدة، فإن أطالها وجلس في أثنائها للاستراحة ثم قام فواصل فله ذلك.

السؤال: هل يجب الإنصات أثناء الخطبة؟

الجواب: يستحب الإنصات والإصغاء والاستماع لخطبة الاستسقاء، ومع ذلك لا يلزم فيجوز الخروج بعد الصلاة، كما يجوز التكلم أثناء الخطبة، ذكروا ذلك في خطبة العيد، ولكن الأولى والأفضل الإنصات والاستماع إلى انتهاء الخطبة، لأنهم ما خرجوا إلا للاستفادة، فإذا أنصتوا واستمعوا وخشعت قلوبهم وتابوا وأنابوا وأمنوا على الدعاء، وذكروا الله عند ذكر أسمائه وصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم استفادوا من هذه الخطبة كغيرها من خطب الجمع والأعياد.

السؤال: ماذا يكون الحديث في الخطبة؟

الجواب: يستحب أن يبدأ الخطبة بأول الفاتحة وقيل يبدأها بتسع تكبيرات، ثم يبدأ بعد ذلك بقوله: "لا إله إلا الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد" ويتبع ذلك بأذكار وتهليل وتسبيح وتحميد، ثم بعد ذلك يحرص على أن يذكر الناس بأسباب هذا القحط، ويذكر الأدلة على أن الذنوب والمعاصي سبب للعقوبات ونزع البركات حتى قال بعض الصالحين: (إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وامرأتي)، ويذكر لهم الاستغفار، ويستدل بالآيات التي فيها الأمر به، ويذكر بعض الأدعية التي دعا بها الصالحون من عباد الله وأنبيائه فاستجيب لهم، ثم بعد ذلك يبدأ في الدعاء ويؤمنون على دعاءه.

السؤال: هل لرفع اليدين في الدعاء صفة معينة؟

الجواب: رفع اليدين في الدعاء من أسباب قبوله وإجابة الداعي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفراً"، وقد وردت أحاديث كثيرة تدل على استحباب رفع اليدين عند كل دعاء إذا كان خارج الصلاة، وروي عن أنس رضي الله عنه قال: (لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في شيء إلا في الاستسقاء)، وحمله العلماء على أن المراد المبالغة في الرفع؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في الاستسقاء حتى يرى بياض إبطيه، ومعنى ذلك أنه يرفعها فوق رأسه، وفي بعض الروايات أنه يجعل ظهورهما إلى السماء ولعل ذلك من شدة الرفع، وأما في غير الاستسقاء فإنه لا يبالغ وإنما يرفعها وأما في غير الاستسقاء فإنه لا يبالغ وإنما يرفعها إلى محاذاة الصدر، ويجعل بطونهما  إلى السماء، وهذا هو الأولى، تشبهاً بمن يسأل ربه حاجة ويمد يديه إلى ربه ليعطيه سؤله، فالله أكرم من أن يرد سائلاً.

السؤال: هل يكون الإمام والمأموم حين الدعاء في صلاة الاستسقاء قائمين أو جالسين؟

الجواب: بعد الانتهاء من خطبة الاستسقاء ينزل الإمام ويقوم المأمومون ويقلبون أرديتهم وعباءاتهم ثم يستقبلون القبلة حال القيام، ثم يدعون بما تيسر.

السؤال: هل يجوز تأخير الصلاة بعد الخطبة؟

الجواب: لا يجوز، إنما السنة أن يبدأ بالصلاة ويجتهد بعدها أثناء الخطبة في الدعاء، ويذكر الآيات التي تتضمن الأمر بالدعاء وفضله وإجابة السائلين، ومن قدم الخطبة فقد أخطأ وخالف السنة النبوية وعمل المسلمين.

السؤال: ما الحكمة من قلب الرداء؟

الجواب: الرداء هو الكساء الذي يطرح على الرأس وعلى الكتفين، أو يلف على الظهر والصدر والمنكبين كما في الإحرام، وكان لباسه مشهوراً مستعملاً في العهد النبوي، ولما انتهى النبي صلى الله عليه وسلم من خطبة الاستسقاء قلب رداءه فجعل أسفله أعلاه وجعل ما على الأيمن على الأيسر وعكسه. قال العلماء: الحكمة من تحويل الرداء تفاؤلاً بأن يحول الله حال المسلمين من الشدة إلى الرخاء ومن العسر إلى اليسر، فاشتقاقهم من التحويل أو من القلب تفاؤلاً أن يقلب الله حال المسلمين إلى أحسن مما كانوا عليه.

السؤال: هل قلب الرداء في صلاة الاستسقاء خاص بالإمام فقط أو لكل المصلين؟

الجواب: العمل على أنه ليس خاصاً بالإمام بل يشرع لكل المصلين أن يقلب أحدهم رداءه إذا كان عليه رداء كرداء المحرم أو يقلب مشلحه أو عباءته أو يقلب عمامته، ولا يشرع خلع القميص وقلبه؛ لما في ذلك من التعري، وقلب الرداء تفاؤل بتغير الحال وانقلابها من العسر إلى اليسر، والله أعلم.

السؤال: هل يكون الدعاء قبل قلب الرداء أو بعده، وهل قبل أن يستقبل القبلة أو بعدها؟

الجواب: المشروع أن الدعاء بعد قلب الرداء، وأن يستقبل القبلة كل المصلين ويدعوا كل منهم، ومما يشرع أن يقول: اللهم إنك أمرتنا بالدعاء ووعتنا بالإجابة، وقد دعوناك كما أمرتنا، فاستجب لنا كما وعدتنا يا سميع الدعاء ويا واسع الفضل والعطاء، ثم يدعو بقوله: (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) إلى آخر الآية. والله أعلم.

السؤال: إلى متى يظل الرداء مقلوباً؟

الجواب: يتركه مقلوباً إلى أن يخلعه، فإذا خلع رداءه أو عباءته أو عمامته أو جبته أو نحو ذلك من الأكسية التي قلبها ثم خلعها في منزله، فإنه إذا احتاج إليها مرة أخرى لبسها على حالتها الأولى.

السؤال: إذا صليت صلاة الاستقاء يوم الجمعة فهل تجزئ عن صلاة الجمعة؟

الجواب: لا تجزئ، وذلك لأن صلاة الاستسقاء سنة، وصلاة الجمعة فريضة على الأعيان، فلا تسقط عن المسلم بغير عذر، ويدخل في وجوبها من أدى صلاة الاستسقاء، وإنما الخلاف في صلاة العيد إذا وافقت يوم جمعة، فذهب الحنفية والمالكية إلى أنها لا تسقط صلاة الجمعة عمن صلى صلاة العيد، لأن الجمعة فرض على الأعيان والعيد سنة أو فرض كفاية، وقال الشافعية تسقط صلاة الجمعة عن البعيد وهو الذي بينه وبين الجامع مسيرة ساعتين أو أكثر، وقال الإمام أحمد: تسقط صلاة الجمعة إلا عن الإمام ومن حوله، والأقرب والصواب ما قاله الشافعي.

السؤال: إذا استسقى الإمام يوم الجمعة فهل يشرع رفع اليدين؟

الجواب: يشرع ذلك؛ لأن رفع اليدين من أسباب إجابة الدعاء، كما أنه يشرع رفع اليدين في مطلق الدعاء في خطبتي الجمعة وخطبتي العيدين، لأن رفع اليدين مستحب في كل دعاء ترجى إجابته، فقد ذكره النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، وقد وردت أحاديث كثيرة في رفع اليدين في كل دعاء، وقد جمعها السيوطي في رسالة سماها (فض الوعاء في أحاديث رفع اليدين في الدعاء) وهي مطبوعة مشهورة ذكر فيها أكثر من أربعين حديثاً وذكر من رواها، أما حديث عمارة بن رؤيبة لما أنكر رفع اليدين وقال: (قبح الله هاتين اليدين، إنما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هكذا وأشار بإصبعه السبابة، فلعله أريد بالدعاء الشهادة ورفع اليدين عند ذكر الله تعالى، كما يفعل ذلك بعض الخطباء، فإن المشروع عند الشهادة وذكر الله تعالى الإشارة بالسبابة التي تدل على التوحيد).

السؤال: ما معنى الاستصحاء؟

الجواب: هو طلب تخفيف الغيوم المتراكمة إذا طال زمنها، وأحبوا أن تصحوا السماء وتطلع عليهم الشمس.

السؤال: هل تشرع صلاة للاستصحاء؟

الجواب: لم يرد دليل على أنه يصلى صلاة مستقلة لطلب الاستصحاء، ولكن يدعون في صلاة الجمعة أثناء الخطبة ويدعون الله تعالى جماعات وفرادى أن يزيل عنهم ما يشق عليهم من طول الغيوم وتراكم السحب، فإن في ذلك ضرر علهم.

السؤال: هل يجوز طلب الاستسقاء والاستصحاء من رجل؟

الجواب: يجوز ذلك، وصفته أن يكون هناك رجل فاضل يظن به الخير فيطلب منه أن يستسقي للمسلمين أو لأهل البلد، أو يطلب منه سؤال الله تعالى إزالة السحب إذا طال تراكمها وبقيت مدة طويلة، فيطلب من أحد الأفراد سؤال الله أن يخففها حتى تصحو السماء وتوجد التدفئة، ويزول المطر الكثير الذي يكون سبباً للغرق ونحوه.

السؤال: إذا استسقى الإمام يوم الجمعة أو استصحى فهل يشرع رفع الأيدي؟

الجواب: يشرع للإمام رفع يديه عند الاستسقاء وعند الاستصحاء، فإن رفع اليدين من أسباب إجابة الدعاء، وهكذا يرفع المأمومون أيديهم، وقد اشتهر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مرة يخطب في يوم الجمعة فدخل رجل فقال: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادعو الله أن يغيثنا، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال: "اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا"، فأنشأ الله سحابة وانتشرت في السماء ومطروا، واستمر المطر إلى الجمعة التالية، فدخل رجل من ذلك الباب والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب  فقال: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يمسكها عنا، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه، وقال: "اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظِّراب وبطون الأودية ومنابت الشجر" فانجلت السماء وخرجوا يمشون في الشمس، كما أنه يسن في دعاء الاستسقاء أن يقول: "اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا هدم ولا بلاء ولا غرق"، وغير ذلك من الأدعية.

السؤال: هل هناك دعاء يقال عند سماع الرعد؟

الجواب: قال الله تعالى: (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ) ورد أنه يقال عند سماع الرعد: "سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته" أو ما أشبه ذلك.

السؤال: هل هناك دعاء يقال عند اشتداد هبوب الرياح؟

الجواب: ورد أنه صلى الله عليه وسلم أمر أن يقال عند هبوب الريح: "اللهم إنا نسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، ونعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به"، "اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً" وورد النهي عن سب الريح، لأنها مأمورة، فسبها سب لمن أرسلها.

السؤال: هل ورد تعريض الثياب والبدن عند نزول المطر؟ وما الحكمة من ذلك؟

الجواب: ورد ذلك في بعض الأحاديث، وكذلك أمر بأن يخرج بعض رحله ليصيبها المطر رجاء بركته، فقد قال الله تعالى: (وَنَزَّلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً)، والبركة كثرة الخير، وحيث جعل الله في هذا المطر البركة فإنه يشرع أن يتعرض له ليبل جسده وثيابه من غير مبالغة.

السؤال: ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لأنه حديث عهد بربه"؟

الجواب: لما خرج صلى الله عليه وسلم عند نزول المطر وأخرج بعض رحله ليصيبه المطر، فسأله الصحابة عن ذلك فقال: "لأنه حديث عهد بربه" أي أن هذا المطر حديث عهد أي جديد عهده بربه، حيث خلقه الله وأنزله من السماء وجعله ماء طهوراً وجعل فيه البركة فهو قريب عهد بخلق الله له وإيجاده له ونزوله منه، فلذلك جاز التبرك بما أصابه.

السؤال: ما حكم قول بعض العوام: (إذا طلع سهيل لا تأمن السيل)؟

الجواب: ذكروا ذلك في مطالع المنازل كما في كتب التقاويم، وأن العرب قالوا: إذا طلع سهيل هاج السيل، وطال الليل، ورفع الكيل، وكأنهم يجدون أن وقت طلوع هذا النجم يكثر عادة وجود السيل وكثرة المطر، وليس معنى ذلك أن النجم هو الذي يرسل السيل أو يحدثه، وإنما مرادهم أنه زمن في بعض البلاد لكثرة المطر وسيل الأودية.

السؤال: متى يحرم نسبة المطر لنجم معين؟

الجواب: النجوم مسيرة ومسخرة ومدبرة، وليست تملك شيئاً من أمر الكون، فالتصرف لله تعالى، وقد كان أهل الجاهلية ينسبون المطر إلى النجوم، وذلك كفر لنعمة الله تعالى، وفي الحديث أن الله تعالى يقول: "وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب"، فلا يجوز نسبة المطر على إحداث الأنواء أما إذا قيل: نزل المطر في نجم الثريا أو نجم الزبانا أو نجم السعود أو نجم الإكليل، فلا بأس بذلك إذا أريد أنه نزل في هذا النجم، لا أن النجم هو الذي أحدثه.

السؤال: ما حكم قول بعض الناس: المطر في هذا الوقت من السنة غير مفيد للناس أو للزرع ونحو ذلك؟

الجواب: لا يجوز ذلك، فإن المطر في كل الأوقات فيه بركة، وقد جعله الله تعالى سبباً لنبات الأعشاب والأشجار وجعل فيه البركة، فأينما وقع نفع، فإما أن ينبت النبات الذي تأكله الدواب ويرعاه ما شاء الله من المواشي، وإما أن يبقى على وجه الأرض فيرده الناس ويشربون ويرتوون ويسقون أنعامهم، وإما أن تشربه الأرض وتحفظه في جوفها، ويستخرج بعد ذلك من الآبار لسقي الأشجار والإنسان والحيوان، فهو نافع للناس وللزروع والأشجار، لكل هذا.

السؤال: رأينا من يضع فوق البنايات الشاهقة حديداً أو غيره ويسميه مانعاً للصواعق، ويقول إن الصاعقة تفرغ شحنتها الكهربائية في هذه الحديدة، ثم يمد من الحديدة إلى الأرض سلكاً أو نحوه لإيصال الشحنات إلى الأرض، فهل هذا صحيح؟

الجواب: لا أعرف لذلك أصلاً، وقد قال الله تعالى: (وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ)، فأخبر بأن هذه الصواعق تنزل من السماء من هذه السحب، وقد تحرق وتقتل وتتلف الأشجار ونحوها، وقد ذكروا أن فيها مواد كهربائية، وأنها قد تغيب في الأرض ويحفرونها، وإذا كان وضع ذلك الحديد ونحوه مانعاً من الصواعق، أو أن الصاعقة تفرغ شحنتها الكهربائية في تلك الحديدة، وعرف بالتجربة ذلك فلا مانع من استعمالها، فما أنزل الله داءاً إلا أنزل له شفاء.

السؤال: ما حكم قول بعض الناس إذا سمعت الرعد فأطفئ الراديو، لأنه يجذب الصواعق؟

الجواب: لا أعرف لذلك أصلاً، وقد عرف بأن الرعد سببه اصطدام بعض السحب ببعض، ويحدث من هذا الاصطدام احتكاك قوي يكون من آثاره صوت الرعد وسنا البرق، وإذا كان هذا سببه فليس للراديو ولا لاجتذابه تأثير على الصواعق، هذا ما يظهر لنا، ويمكن أن يكون لعلماء الهيئة والكهرباء اختصاص بذلك.

السؤال: هل وضع الأصابع في الأذنين أثناء سماع صوت الرعد فيه محذور؟

الجواب: لا محذور في ذلك، لأن صوت الرعد عادة يكون شديداً، وقد يؤثر على الأسماع، ولذلك قال الله تعالى: (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنْ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ)، فدل على أن صوت الرعد وصوت الصواعق قد يشتد على الأسماع، فلا بأس أن يسد الإنسان أذنيه حتى لا يتأثر بقوة صوت الصواعق، والله أعلم.

السؤال: ما حكم التهنئة بين الناس بنزول المطر؟

الجواب: يجوز ذلك؛ فإن المطر رحمة من الله تعالى، ويُسمى غيثاً كما قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا)، وذلك لأن به تزول الشدائد والأضرار التي تحصل مع القحط والجدب من يبس الأشجار وغور الآبار وضعف المواشي ونحو ذلك؛ فإذا نزل المطر فرح الناس كما قال تعالى: (فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ)، فالتهنئة أن يقول: هنيئاً لكم هذا الخير. أو ليهنكم نزول المطر، أو بارك الله لكم في رحمته.. ونحو ذلك.

السؤال: ما الأسباب الجالبة لنزول المطر؟

الجواب: لا شك أن الله تعالى رحيم بعباده، وأنه قد تكفل برزقهم بما ينزل عليهم من المطر، ولكن قد يؤخر نزول المطر لبعض الأسباب، وقد يكون هناك أسباب يرحم الله بها عباده فيغيثهم كالدعاء والاستغفار والصدقة وفعل الخيرات وترك المنكرات، وأهم ذلك الإلحاح في الدعُاء.

السؤال: ما الأسباب المانعة لنزول المطر؟

الجواب: قد يؤخر الله نزول الغيث ابتلاءً لعباده أو عقوبة على بعض المعاصي، ومنها أكل الحرام وكثرة الذنوب وترك العبادات ومنع الزكاة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "وما منع قوم زكاة أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يُمطروا" ولقوله تعالى: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ)، وورد في حديث: "إن البهائم تلعن عُصاة بني آدم وتقول: مُنعنا القطر بذنوبهم".

السؤال: هل هناك دعاء يُقال عند نزول المطر؟

الجواب: ورد أنه قال: "اللهم اجعله صيباً نافعاً مباركاً غير ضار، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا هدم ولا بلاء ولا غرق، مطرنا بفضل الله ورحمته".

السؤال: ما حكم نسبة نزول المطر إلى موسم معين أو نجم معين؟

الجواب: لا يجوز نسبة نزول المطر إلى نجم أو برج أو نحو ذلك كقول أهل الجاهلية مطرنا بنوء كذا وكذا؛ فإن فيه أن ذلك النجم هو الذي خلق المطر أو بعثه، وفي الحديث: "من قال مُطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب"، وأما إذا قصد الزمان أو بيان العادة، وعنى أن المطر حصل في شهر صفر أو في نجم الزبانا مثلاً أو في فصل الربيع يريد زمن نزوله فلا بأس بذلك، لأنه ما قصد أن النجم هو الذي أثر فيه أو أحدثه، فهو يعرف أن الله تعالى هو الذي يُرسل الرياح فتُثير سحاباً فيبسطه في السماء كيف يشاء.

السؤال: ما المشروع عند نزول المطر؟

الجواب: يُسن أن يقول: "مُطرنا بفضل الله ورحمته"، ففي الحديث القُدسي: "من قال مُطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب"، ويُسن عند أول نزول أن يخُرج رأسه ويكشف عمامته ليُصيبه المطر، فإن الله تعالى وصفه بالبركة في قوله عز وجل: (وَنَزَّلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً) فلعل من آثار بركته حصول خير وصحة فيما يُصيبه من البدن عند أول نزوله.

السؤال: هل وقت نزول المطر من أوقات إجابة الدعاء؟ وما المشروع أن يدعو في مثل هذه الحال؟

الجواب: ورد الأمر بدعاء الله تعالى في كل الحالات وجميع الأوقات، ولكن جاء في الحديث أن نزول المطر رحمة من الله فيرجى أن تُجاب الدعوة في تلك الحال حيث سماه الله رحمة في قوله تعالى: (فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ)، ويُشرع أن يدعو بما تيسر من خيري الدنيا والآخرة.

 

السؤال: إذا استمر هطول الأمطار وخشي الضرر فما الواجب فعله؟

الجواب: ورد في الحديث أن يدعو بإزالة الضرر كأن يقول: "اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب، وبطون الأودية ومنابت الشجر"، أو يقول: اللهم لا تهلكنا وأنت تملكنا، أو اللهم لا تهلكنا بغضبك، ولا تقتلنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك..وما أشبه ذلك.

السؤال: هل يصح أن يتمسح بماء المطر ويتبرك به؟

الجواب: يجوز ذلك؛ فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم حسر عن رأسه ليصيبه المطر وقال: "لأنه حديث عهد بربه" وقد أخبر الله تعالى بأنه مبارك كما في قوله تعالى: (وَنَزَّلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً)، فيجوز أن يمسح به رأسه ووجهه، وأن يخرج رحله ليصيبه ذلك المطر.

السؤال: ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لأنه حديث عهد بربه" ومتى يقولها؟

الجواب: لما نزل المطر مرة خرج النبي صلى الله عليه وسلم من المنزل وكشف عن رأسه ليصيبه المطر وأخذ يمسح رأسه بما أصابه ويقول: "لأنه حديث عهد بربه" يعني أن هذا المطر حديث عهد بالله، فالله هو الذي أنزله من السماء وهو الذي خلقه وسخره، وهو الذي أمر بإنزاله، فيقول هذه الكلمة إذا خرج إلى المطر وأصابه فابتل رأسه وابتلت ثيابه رجاء بركته، والله أعلم.

السؤال: هل نزول المطر في يوم وفاة شخص صالح تدل على حسن الخاتمة؟

الجواب: لا يدل على ذلك كسائر الحوادث كما جاء في خسوف الشمس حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته"، فهكذا يقال في نزول المطر لا ينزل لوفاة شخص صالح أو غير صالح، ولا لولادة إنسان، ولا يدل على حسن الخاتمة، هذا الذي ظهر لنا، ويمكن أن هُناك أقوال خفيت علينا قد يستدل بها على فضل ذلك اليوم أو نحوه.

السؤال: هل هناك دعاء يقال عند سقوط البرد؟

الجواب: لا شك أن البرد عقوبة شديدة قد تسبب قتل البهائم وهدم المساكن فيدعى برفع البلاء بأن يقال: "اللهم لا تهلكنا وأنت تملكنا، اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك، اللهم اكفنا شر هذا اليوم كما كفيتنا شره بالأمس"... وما أشبه ذلك.

السؤال: هل هناك دعاء يقال عند سماع الرعد؟

الجواب: قال الله تعالى: (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ) ورد أنه يقال عند سماع الرعد: "سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته" أو ما أشبه ذلك.

السؤال: وهل صح وروده عن النبي صلى الله عليه وسلم عند سماع الرعد؟

الجواب: اشتهر عند العلماء وفي كتاب الأذكار والأدعية التسبيح عند سماع الرعد إما أخذا من الآية الكريمة، وإما أنه قد رويت فيه أدلة كما هو الظاهر المتبادر.

السؤال: ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "سبحان من سبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته"؟

الجواب: يبين صلى الله عليه وسلم أن من سمع صوت الرعد فعليه أن يُسبح الله تعالى؛ فإن الرعد يسبح كما قال الله تعالى: (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ)، فإذا كان الرعد يسبح بحمد الله فإن سماع صوته يذكر السامعين بأنه يسبح الله، فعليهم أن يسبحوا ربهم، ويتذكروا أيضا أن الملائكة يسبحون من خيفة الله تعالى أي من خوفه.

السؤال: وهل يؤخذ منه مشروعية الخوف من الله عز وجل عند سماع الرعد وإظهار ذلك؟

الجواب: يشرع الخوف من الله تعالى في كل الحالات، ولكن إذا اشتدت الرعود وتراكمت السحب وخيف من زلازل والصواعق ومن الغرق فإن الإنسان يخشى الله تعالى ويعظم خوفه، فقد ذكرت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا هبت الرياح وتراكمت الغيوم اهتم لذلك، ودخل وخرج وظهر عليه الخوف، فإذا نزل المطر وتجلت السحب زال عنه ذلك الفزع، فقالت عائشة: "يا رسول الله، إن الناس يفرحون إذا رأوا السحاب، وإني أراك تخاف وتحزن وتخشى؟" فقال: "يا عائشة وما يدرينا أنه عذاب" ثم ذكر قول عاد لما رأوا ذلك السحاب: (هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ) ويسن عند حدوث الزلازل وكثرة المطر وخوف الغرق أن يدعو بقوله: "اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك" وإذا كثرت الأمطار وخيف من ضررها أن يقول: "اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر، اللهم لا تهلكنا وأنت تملكنا اللهم اجعله صيبا نافعا مباركا غير ضار اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا هدم ولا بلاء ولا غرق"، وما أشبه ذلك.

السؤال: هل نزول الصواعق يعد نوعا من العذاب؟

الجواب: لا شك أنه من العذاب، ولذلك قال تعالى: (وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ) وقال تعالى: (وَيُنَزِّلُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ) فهذا من أنواع العذاب، وقد ينزل على بعض من أهل الإسلام فيكون كعقوبة أو تكفير أو نحو ذلك.

السؤال: متى يباح الجمع في المطر؟

الجواب: الجمع بين الظهرين يباح إذا اشتد المطر، وتوالى نزوله، وأصبح في الأرض مستنقعات، وأصبحت الطرق طيناً ودحضاً ومزلة أقدام يشق قطعها، ويصعب على المصلين الوصول إلى المسجد، وعلامة ذلك أن تشل حركة السير فيغلق الناس دكاكينهم ومصانعهم، وتقف حركة السيارات بحيث لا ترى سيارة تمشي في أحد الشوارع، ففي هذه الحال يشرع الجمع بين الظهرين لوجود المشقة، وبطريق الأولى الجمع بين العشاءين.

السؤال: هل يباح الجمع للمطر في وقتنا الحاضر؟

الجواب: أرى أنه لا حاجة إلى الجمع في مثل هذه البلاد حتى بين العشاءين؛ فإن الجمع قديماً كان للمشقة، وذلك أن الطرق إلى المساجد ضيقة، فالطريق نحو مترين، ثم هي مظلمة ليس بها أنوار، ثم إنها كلها غير مسفلتة تمتلئ بالمطر ويختلط الطين به فتكون زلقة ومزلة أقدام، من سار فيها فإنه يخوض في الطين إلى نصف الساق أو إلى الركبتين، وكثيراً ما يزل فيسقط في ذلك الحمأ المسنون وتتلوث ثيابه وأجلته، وهذا هو حال المدينة النبوية وغيرها من المدن إلى عهد قريب أقل من مائة سنة، حيث اعتني بالبلاد والمدن والقرى، ونظفت ووسعت الشوارع، وأنيرت بالكهرباء، وسفلتت أرضها، وصرفت مياه السيل أو المطر، فلا تجد في الأرض مستنقعاً إلا قليلاً، ويكون ماء المطر الذي يبقى على الأرض نظيفاً ليس فيه طين ولا تراب، وكذلك وجدت وسائل النقل كالسيارات التي تقرب البعيد، وتوفرت الأكسية التي يحصل مع لباسها عدم التأثر بالماء أو البرد، فنرى والحال هذه الجمع ليس له مسوغ، ومن اجتهد فله اجتهاده.

السؤال: إذا جمع للمطر فهل ينادى للصلاة الثانية؟

الجواب: لا ينادى للثانية بل يكفي للمجموعتين أذان واحد ويقيم لكل صلاة إقامة، ولكن لا يجوز الجمع إلا إذا اشتد نزول المطر، وكثر في الطرق وجود المستنقعات التي يشق معها الوصول إلى المسجد.

السؤال: هل يجمع بين الظهر والعصر لأجل المطر؟

الجواب: وقع ذلك في العهد النبوي؛ ففي حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر وجمع بين المغرب والعشاء من غير سفر ولا مطر، فقيل لابن عباس: ما أراد بذلك؟ قال: أراد ألا يحرج أمته، فدل على أنه لو لم يجمع لكان هناك حرج شديد، فيمكن أن الجمع لأجل الدحض والمزلة التي في الطرق لما يحصل في المشي معه الكثير من الحرج والشدة، ويمكن أن هناك مرض شديد اعتراه وحمله على الجمع، ويمكن أنه أراد بيان الجواز عند الحاجة لشغل شاغل أو ما أشبه ذلك، فأما في هذه الأزمنة وفي هذه المدن فنرى أنه لا يجمع بين الظهرين لأجل المطر، فقد أزيلت الشدائد ودقت العقبات وسهل الإتيان على المساجد بدون كلفة أو مشقة، والأصل أن المقيم يصلي كل صلاة في وقتها لقوله الله تعالى: (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً).

السؤال: إذا جمعوا للصلاتين ومن حين الانتهاء من الصلاة الثانية أو في أثناء الصلاة الثانية توقف المطر فهل يصح جمعهم؟

الجواب: قد ذكرنا أنه لا يجمع إلا إذا كان هناك مسوغ كما كان ذلك في سابق الزمان كضيق الطرق وظلمتها واجتماع ماء المطر فيها وصيرورته دحضاً وحمأ مسنوناً وبقاءه فيها عدة أيام، ونرى إذا جمعوا وزال العذر في وقتها أن يعيدوا الصلاة في وقتها ويعتبروا هذه نافلة؛ حيث أنهم تساهلوا ولا يحق لهم التساهل.

السؤال: إذا جمع الإمام فهل لمن حضر وهم يصلون الصلاة الثانية أن يدخل معهم ثم يصلي منفرداً الصلاة الأخرى، وإذا لم يصح فهل إذا وجد جماعة أخرى يدخل معهم بنية أنها للصلاة الثانية؟

الجواب: المختار إذا جمع الإمام للمطر بين العشاءين، فمن فاتته المغرب وجاء في صلاة العشاء فإنه يصلي وحده صلاة المغرب، ثم يدخل معهم في صلاة العشاء، ويجوز إقامة جماعتين في المسجد؛ فالمتأخرون يصلون المغرب جماعة في ناحية المسجد، وإن أدركوا بقية صلاة العشاء دخلوا مع الإمام وإلا صلوا وحدهم، وقد أجاز بعض العلماء أن المتأخرين يدخلون مع الإمام وهو في صلاة العشاء بنية صلاة المغرب، فإذا صلى ثلاثة انتظروه حتى يصلي رابعة وهم جلوس ويسلمون معه، ثم يصلون بعده العشاء ولهم إذا قام للرابعة أن يتشهد كل منهم لنفسه ويسلم بنية إتمام صلاة المغرب، ثم يدرك معهم الرابعة كأول ركعة من صلاة العشاء.

وأما جمع الظهرين مقصورتين أو تامتين فإنه يصح أن يصلي الظهر خلف من يصلي العصر، وذلك لاتفاق العدد في الصلاتين.

السؤال ما الحكم إذا دخل الشخص المسجد بعد انتهائهم من الجمع، فهل له أن يجمع أو يصلي كل صلاة في وقتها؟

الجواب: من فاته صلاة المغرب والعشاء وجاء بعد الانتهاء من الصلاتين فإن وجد جماعة صلى معهم وجمعوا، وإن لم يجد وصلى منفرداً فله أن يجمع حيث أن الجماعة كلهم قد جمعوا، والأفضل أن يُصلي صلاة المغرب ويؤخر العشاء إلى وقتها حيث أنه سيصليها في وقتها في بيته منفرداً.

السؤال: إذا اتفق جماعة مسجد على الجمع، فهل الأولى أن يصلي معهم، أو يخرج ليصلي الصلاة الثانية في وقتها إذا كان لا يرى مسوغا للجمع؟

الجواب: لا يجوز الجمع للمطر إلا إذا عرف عادة أو بأمارات ظاهرة أنه يستمر إلى وقت الصلاة الثانية، أو أنه يكون بعده في الطرق مستنقعات ودحض ومزلة أقدام بحيث يخوض الناس في ذلك الطين والدحض إلى نصف الساق أو ما أشبهه، لكن كثيراً من الناس صاروا يتساهلون فيجمعون ولو لم يوجد إلا رذاذ أو مطر خفيف، ونرى في هذه الحال ألا تصلي معهم إذا عرفت أن هناك مساجد حولك لا يصلون الثانية إلا في وقتها؛ وذلك للشك في صحة صلاة هؤلاء الذين قدموا الصلاة على وقتها.

السؤال: هل يجمع لأجل الريح الشديدة أو البرد الشديد؟

الجواب: ذكر العلماء أنه يجوز الجمع لريح شديدة في ليلة باردة، وقصدهم إذا وجد بعض الرياح التي بشدتها تثير الغبار والتراب، وقد تقلب الأواني وتقلع الأشجار. فإذا اشتدت هذه الريح وكانت في الليل وصحبها برد شديد وظلمة شديدة جاز الجمع، أما إذا لم يكن هناك بردٌ أو وُجد ما يُقاوم بالبرد من الأكسية واللباس الصفيق، ولم يكن هناك ظلمة في الطرق؛ فنرى أنه لا يشرع الجمع.

السؤال: هل يشرع قول المؤذن حين الأذان "صلوا في رحالكم" ؟

الجواب: يشرع ذلك إذا كانوا في سفر كالغزو والحج ووقع المطر وهم متفرقون، وذلك لقول بعض الصحابة لمؤذنه: قل: صلوا في رحالكم، ثم قال: إني خشيت أن أخرجكم في الطين والدحض، الدحض هو مزلة الأقدام بسبب ما يكون في الطريق من تراكم المياه التي تجعل التُراب كأنه طين أو حمأ مسنون.

السؤال: ومتى يقولها المؤذن؟

الجواب: يقولها بعد الشهادتين، ويكررها ولا يأتي بالحيعلتين.

السؤال: هل هناك دعاء مشروع عند تراكم السحب؟

الجواب: إذا تراكم السحاب وخيف من الغرق يدعو بما تيسر كقوله: "اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك" وما أشبه.

السؤال: بعد الخطبة في صلاة الاستسقاء هل يدعو الإمام باتجاه القبلة أو باتجاه المأمومين؟

الجواب: إذا فرغ من الخطبة ودعائها شرع للإمام ولجميع المأمومين استقبال القبلة ورفع الأيدي، ودعاؤهم سراً، ويشرع أن يقول أحدهم: "اللهم إنك أمرتنا بالدعاء ووعدتنا الإجابة وقد دعوناك كما أمرتنا فاستجب لنا ما وعدتنا يا سميع الدعاء يا وسع الفضل والعطاء"، ويقول: (رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ)، وغير ذلك من الدعاء حال استقبال القبلة فإن قبلة الدعاء هي قبلة الصلاة.

السؤال: هل هناك دعاء يقال عند رؤية البرق؟

الجواب: لا اذكر دعاء خاصاً بذلك، وقد سمعت من بعض الآباء وطلبة العلم قولهم إذا رأوا البرق: عز الله وجل، سبحان واليه، عز واليه وجل، ولا أذكر أثراً لذلك، ويمكن أن يوجد دعاء في كتب الأدعية.