الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد...

فقد كنت وضعت عام 1412هـ أسئلة تتعلق بفتاوى الكسوف والخسوف، وعرضتها على سماحة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين  حفظه الله ورعاه، وجعل الجنة بعد عمر مديد بطاعة الله مثواه، فتفضل بالإجابة عنها، إجابة مفصلة مفيدة مقرونة بالأدلة الشرعية، فصارت رسالة لطيفة في هذا الموضوع، يلم به من قرأه، ويسهل الرجوع إليه كلما دعت الحاجة، ثم استحسن بعض طلبة العلم أن تكون سلسلة فتاوى متصلة ينتقى لها بعض المسائل والموضوعات التي يمكن أن تنحصر بوضع أسئلة ولو كثرت؛ لتكون قريبة سهلة من كل قارئ.

وعليه فقد استأذنت سماحة الشيخ عبدالله بن جبرين أمد الله في عمره على طاعته في الإجابة عن أسئلة كثيرة وضعتها في موضوعات مختلفة، فوافق مدعواً له بالتوفيق والعون والسداد، وأجاب عنها رغم مشاغله الكثيرة، وأعبائه الجسيمة، ونشرت هذه الفتاوى في أعداد من مجلة الحرس الوطني، ثم صنفت كما ترى أخي القارئ في موضوعات منفصلة متكاملة، وقمت بعزو الآيات، وتخريج الأحاديث والآثار باختصار مفيد غير مخل ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، وأرجو من أخي القارئ أن يقرأ سلسة الفتاوى هذه بعين الإنصاف، ويرسل إليّ ما يراه مكملاً لهذه السلسلة من أسئلة أو اقتراحات، شاكراً وداعياً لكل من كان هذا همه.

   وختاماً أدعو المولى جل جلاله أن يجزي سماحة الشيخ عبدالله بن جبرين خير الجزاء على تفضله باقتطاع جزء ثمين من وقته للإجابة عن هذه الأسئلة، وأسأل الله أن يبارك في عمره وعلمه وعمله وذريته، وأن يرزقه السعادة والحسنى وزيادة.

   كما أشكر أخي الشيخ فهد بن عبدالله السلمان حفظه الله، فقد كان من المتابعين لهذه الفتاوى سائلاً وقارئاً ومقترحاً بعض الموضوعات والأسئلة، فجزاه الله خير الجزاء، وشكري موصول كذلك للإخوة بدار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع، لما بذلوه من جهود مقدرة لطباعة ونشر وتوزيع هذه الفتاوى، وأسأل الله العظيم أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه.

   وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

                                               

                                       طارق بن محمد بن عبدالله الخويطر

                                             13 / 11 / 1328 هـ

                                            ص.ب. (26535)

                                             الرياض (11496)

الحمد لله الذي تفرد بالخلق والإيجاد، وأسبغ نعمه على عموم العباد، نحمده ونشكره فلا نحصي لنعمه تعداد، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعالى عن الأشياء والأنداد، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله، وأنه بلغ الرسالة إلى العباد، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه الذين جاهدوا في الله حق جهاده.

   أما بعد فقد قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (8)) [الانفطار: 6-8]، والخطاب لجنس البشر، يعم كل إنسان ذكر وأنثى، صغير وكبير، حر وعبد، غني وفقير، ملك ومملوك، عربي وأعجمي، أي ما الذي غرك وأغواك، ونسيت أن ربك هو الذي رباك، وأولاك عنايته في الرحم وبعد خروجك إلى هذه الدنيا، ورباك بفضله وكرمه، وخلقك أولاً من طين، ثم خلق الجنس من سلالة من ماء مهين، وأخرجه إلى الدنيا سوياً سليماً، وأعطاه السمع والبصر والفؤاد، (لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)) [التين: 4]، فأقامه على القدمين، وأطلق منه اليدين، وأنطقه باللسان والشفتين، وركب خلقه من لحم عظم وعصب، وجلد وشعر وبشرة، وظهر وبطن وأمعاء، وقلب ورئة وكبد ونحو ذلك، حتى تكامل خلقه، وأصبح بشراً سوياً، وجعل لكل عضو وظيفة تناسبه، تتوقف منافع الإنسان على تلك الأعضاء والأدوات، وحيث إن من جملة ما اشتمل عليه بدن الإنسان هذا الشعر الذي أنبته الله في جسده، منه قصير وطويل، ومنه ما يمتد وما يتوقف، وللرب تعالى حكمة عظيمة في إنبات هذا الشعر في جلد الإنسان، فأطوله وأقدمه شعر الرأس في الذكور والإناث، ومنافعه كثيرة، ويتعلق به أحكام وآداب، وبعده شعر الوجه الذي اختص به عادة الرجال، وفيه منافع وحكم ومصالح، وله في الشرع أحكام بينها الشرع وأمر بها، ومنه شعر الحاجبين والأهداب، وهو عام للصغير والكبير، والذكور والإناث، وفيه زينة وجمال ومنفعة ظاهرة، ومنه شعر العانة حول الفرج، وفيه حكمة ويتعلق به أحكام شرعية، ونظراً لكثرة الأحكام التي تتعلق بهذه الشعور، وتفرقها في الكتب والمؤلفات، فالجمع لها وتتبعها من الأهمية بمكان، لذلك تتبع أغلبها الشيخ الدكتور طارق ابن محمد الخويطر، ووضع عليها أسئلة لبيان الأحكام التي وضعت لكل منها، وقد أجبنا عليها باختصار وعن اجتهاد، وعلى ما نفهمه أو نتذكره من الأدلة المشهورة، ولم أتمكن من مراجعة المؤلفات والكتب الفقهية؛ لأنها متوفرة متيسرة لكل طالب عالم، وفي الإمكان الرجوع إليها في أماكنها للتوسع، وللخلاف الذي فيها، ولمعرفة الحكم والحكمة والأدلة، وقد رتبت هذه الأسئلة حسب ورودها من الدكتور، وبالجملة فهذا ما أعرفه في هذه الأحكام، وحسب الاجتهاد ولكل مجتهد نصيب، والله الموفق والمعين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

                                                     قاله وكتبه

                                             عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين

                                                 عضو إفتاء متقاعد

                                                13 / 11 / 1328 هـ

ســـؤال: ما حكم التبرك بشعر الصالحين؟

الجواب: لا يجوز ذلك، كالتبرك بثيابهم وبما مسه أحدهم من الأرض ونحو ذلك، لأن هذا وسيلة إلى تعظيم هذا المخلوق واعتقاد الشفاء في شعره أو أظفاره، أو ثيابه، ونحو ذلك، ويستثنى من ذلك شعر النبي صلى الله عليه وسلم.

ســـؤال: هل يثبت وجود شعرات للرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الوقت؟ وإذا ثبت فهل يستشفى بهن؟

الجواب: الصحيح أنه لا يوجد شيء من شعراته، والذين يذكرون وجودها في بعض المتاحف في تركيا وغيرها ليسوا على يقين، فإن الكذب كثر في تلك الدولة، وما يقرب منها، وكذا ما يذكر من وجود شعرات عند بعض الخلفاء العباسيين المتأخرين، فلعله لا أصل له، وإنما هي دعايات أو ادعاءات لأجل التبرك بها، وقد كانت موجودة في عهد الصحابة، وكانوا يجعلونها في جلجل وهو إناء من زجاج له غطاء يمسكه، فيصبون عليها ماء ويسقونه للمريض، وذلك من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، حيث لم يفعلوا ذلك مع غيره، فلم يحتفظوا بشعور الخلفاء الراشدين، ولا علماء التابعين، ومن بعدهم من العلماء؛ لمعرفتهم أنه لا خصوصية لأحدهم ولو كان من الصالحين، أو من أولياء الله المتقين، وعلى هذا فيكون التبرك خاصًّا بشعرات النبي صلى الله عليه وسلم التي كانت موجودة في حياته وفي حياة بعض الصحابة. والله أعلم.

ســـؤال: كيف يفك السحر إذا كان في الشعر؟

الجواب: علاج السحر الأصل أنه بالرقية الشرعية، كقراءة آيات السحر، وهي قوله تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ) إلى قوله (وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ) [الأعراف: 117-120]، وقوله تعالى: (فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) [يونس: 81] ، وقوله تعالى: (قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى (68) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى) [طه: ٦٨ – ٦٩]، وقراءة آية الكرسي، وقراءة سورتي الإخلاص، وسورتي المعوذتين، وما تيسر من القرآن، سواء كان ذلك السحر في شعر الإنسان أو في غيره من سائر جسده، وكثير من السحرة يجعلون سحرهم في شعر من شعر الرأس، أو شعر العانة، أو نحو ذلك، فإذا عثر على ذلك فإنه يُحرق حتى يبطل أثره، فقد ذكرت عائشة -رضي الله عنها- أن لبيد بن الأعصم اليهودي جعل سحره في مشط ومشاقة، والمشاقة هي ما يقطعه المشط من شعر الرأس إذا سرح، فإذا عثر على عمل الساحر فإنه يحرق، والأولى أن يخمر في ماء ثم يهراق الماء، ويحرق بقية العمل، سواء في شعر أو في خرق أو ما أشبه ذلك.

سؤال: هل يجوز مسح الرأس بيد واحدة، لأنني أمسك الشماغ بيد وأمسح باليد الأخرى؟

الجواب: يجوز مسح الرأس بيد واحدة، ولكن يفضل المسح باليدين كما ورد في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم  مسح رأسه بيديه، وبدأ بمقدم رأسه وذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه، وفي هذه الحال لك أن ترفع عمامتك وتضعها على منكبك ثم تمسح رأسك بيديك، وهكذا تمسح أذنيك، وبعد ذلك تلبس عمامتك أو قلنسوتك، وتكمل الوضوء، ولا حاجة إلى إمساك العمامة بيد واحدة، بل إذا رفعت العمامة أو القلنسوة ومسحت بيديك تحتهما وكملت المسح ووضعت بعد ذلك القلنسوة أو العمامة كما هي عادة الناس . والله أعلم.

ســـؤال : هل يجزئ مسح بعض الرأس في الوضوء ؟

الجواب: لا يجزي مسح جزء من الرأس في الوضوء، فلابد من مسح كل الرأس؛ لقوله تعالى: (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ) [المائدة: 6]، والباء على الصحيح للإلصاق ـ أي ألصقوا المسح برؤوسكم ولا تتركوا منها شيئًا ـ وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم  كان إذا توضأ يبل يديه ويمسح بهما رأسه يبدأ بمقدم رأسه ويذهب بيديه إلى قفاه ثم يردهما إلى المكان الذي بدأ منه ولم يُنقل أنه اقتصر على مسح بعضه مع قوله: "هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به" وقوله: "هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي" ، وأما حديث المغيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم  مسح بناصيته وعلى العمامة والخفين فإنه كان قد شدَّ العمامة على رأسه وأبدى بعض ناصيته فمسح على العمامة تكميلاً للناصية فلم يقتصر على الناصية .

سؤال: هل يلزم مسح شعر الرأس كله إذا كان طويلاً؟

الجواب: الأصل وجوب المسح على الرأس على الصحيح المتبع في ذلك، أما الشعر المسترسل فيستحب المسح عليه ولو كان طويلاً، ولعل الصواب أنه لا يجب تتبعه ومسحه، فقد يطول شعر المرأة إلى الذراع أو أكثر، ويكون جدائل وضفائر، ويصعب تتبع كل قرن، فيكتفى بمسح منابت الشعر.

سؤال: إذا كانت المرأة ذات شعر طويل وضفائر، فهل يلزمها حل الضفائر عند الوضوء؟

الجواب: ثبت في الحديث عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله إني امرأة أشد ظفر رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة؟ قال: "لا، إنما يكفيك أن تحسي عليه ثلاث حسيات"، فدل على أنه لا يلزم المرأة أن تفتح تلك الضفائر وتنقض تلك الجدائل إذا كانت مفتولة، سواء في الوضوء أو الغسل، وإنما عليها في الوضوء أن تمد يديها وتمسح ظاهر الشعر دون باطنه فتمسح ما استطاعت من شعرها دون نقض لضفائرها، وإنما تنقض شعرها عند الغسل من الحيضة.

ســـؤال: كيف تغسل اللحية في الوضوء والغسل؟ وما الحكم إذا كانت طويلة؟

الجواب: ذكر الفقهاء أن شعر الوجه إذا كان كثيفًا يستر البشرة استحب تخليله في الوضوء حتى يغسل أصوله، ولا يجب بل يكتفى في الوضوء بظاهره، وأما الغسل فلا بد من غسل أصوله، لما جاء في الحديث بلفظ: "اغسلوا الشعر وأنقوا البشر، فإن تحت كل شعرة جنابة"، ولقول عليّ رضي الله عنه: (من أجل ذلك عاديت شعري) وكان يجزه، أما إذا كان شعر اللحية خفيفًا لا يستر البشرة، فإنه يكتفى بغسل أصوله، ويلزم تخليله حتى يتحقق أنه غسل البشرة.

ســـؤال: ما حكم وضع الحناء على الرأس واليدين؟ وإذا أرادت الوضوء هل يجب عليها إزالته؟

الجواب: لا بأس بوضعها فوق شعر الرأس، فإن وضعته وهي على طهارة جاز أن تمسح فوقه لاعتباره من الحوائل التي يُمسح فوقها كالخمار والعمامة، وأما وضعه في اليدين فيجوز ولكن عند الوضوء لا بد من إزالة ما له جُرم يُغطي بعض البشرة، فإذا لم يبق إلا الحُمرة أو السواد الذي من أثر الحناء فإنه لا يمنع وصول الماء إلى البشرة فيجوز الوضوء معه.

سؤال: هل صحيح أن المرأة تمسح شعر رأسها ذهاباً فقط، أو أنها تمسحه ذهاباً وإياباً كالرجل؟

الجواب: الواجب في مسح الرأس تعميمه من مُقدمه إلى مُؤخره ومسح جانبيه، والسُنة أن يبدأ بمقدم رأسه ويمر بيديه إلى مؤخره ثم يمدهما إلى المكان الذي بدأ منه، ولا فرق بين الرجال والنساء، وما سمعت أن أحدًا منع المرأة أن ترد يديها بعد المسح من المؤخرة إلى المقدمة؛ فهي مثل الرجل يكون مسحه ذهابًا وإيابًا، وكان النساء قديمًا يُضفرن شعورهن ويجعلنه ذوائب ليكون الشعر مُرتبطًا في تلك القرون فلا ينتشر بالمسح عليه، ولكن في هذه الأزمنة حدث أن النساء لا يضفرن الشعور، بل يتركن الشعر منثورًا وكأن المرأة إذا مسحت عليه وأرادت أن تعود إلى مسحه من المُؤخر إلى المُقدم خشيت أنه ينتفش وينتشر، فنقول عليها أن تعمل بالسُنة ولو حصل انتشار الشعر .

ســـؤال: لو وقعت شعرة من حيوان محرَّم الأكل في ماء قليل هل ينجس؟

الجواب: الصحيح أنه لا ينجس إلا بالتغير إذا ظهرت فيه رائحة النجاسة، أو لونها، أو طعمها، فشعر الكلاب والسباع والحمير ونحوها العادة أنه لا يغير الماء القليل ولا الكثير، فتزال تلك الشعرة أو الشعر الكثير، ويستعمل الماء في رفع الأحداث وتطهير الأخباث.

ســـؤال: إذا سجد المصلي على شعره قصدًا أو عن غير قصد، فهل يجوز؟

الجواب: لا بأس بذلك إذا تهادى على الأرض، فلو تدلى شعر الرأس على الجبهة وسجد عليه، ولكنه اعتمد على الأرض، بحيث يكون ملصقًا وجهه – جبهته وأنفه– بالأرض  فلا مانع من ذلك، كما لو سجد على طرف العمامة، أو سجد على فراش أو سجادة، فكل ذلك لا مانع منه، وإن كان المستحب مباشرة الأرض في السجود في الأعضاء الظاهرة، كالوجه والكفين، وأطراف القدمين.

ســـؤال: هل يحلق بعض شعر الميت قبل دفنه؟

الجواب: الصحيح أنه لا يحلق منه شيء، وبعض العلماء ذكر أنه يحلق شاربه أو يقص، وتقلم أظفاره، وتجعل معه في كفنه، قالوا: لأن ذلك من الزينة، ويستدلون بما روي عن أنس رضي الله عنه أنه طلي بالمسك من أعلى رأسه إلى قدميه، وما وري مرفوعًا أو موقوفًا: "افعلوا بأمواتكم ما تفعلونه بعرائسكم"، ولكن حيث إن الميت لا حاجة به إلى التجمل، فلعل الأقرب أنه يدفن كما مات، لا يُقص شيء من شعر شاربه، ولا ينتف إبطه، ولا تحلق عانته.

ســـؤال: إذا ابتلع الصائم شعرة أو شعرات فهل يفطر؟

الجواب: ذكر العلماء أن كل شيء له جرم يتعمد الصائم ابتلاعه فإنه يفطر، ولكن العادة أن الشعرة أو قطعة منها قد تختلط بماء المضمضة، وتبقى في الفم، ويبتلعها مع الريق، فلا يفطر بمثل هذا، أما إذا تعمد ابتلاع شعرة أو شعرات وأدخلها إلى جوفه، فالغالب أنه يفطر، وإن كانت لا تسمى أكلاً ولا شربًا، ولكن هي شيء يدخل إلى الجوف، فيلحق بغيره.

ســـؤال : رجل اعتمر ولم يحلق رأسه ويقصر بعد أداء السعي فماذا عليه؟

الجواب: هذا الذي ترك الحلق أو التقصير ولبس ثيابه يعتبر ترك نسكًا فإن طالت المدة، يعني لبس الثياب وطالت المدة وباشر امرأته ونحو ذلك فقد انتهت العمرة يعني أعمالها، ويكون قد بقي عليه نسك وهو الحلق؛ فعليه أن يذبح فدية، وأما إذا تذكر في الحال أو بعد ساعة أو نحوها أو بعد يوم وقبل مباشرة امرأته؛ فإن عليه أن يخلع ثيابه ويلبس إحرامه ويحلق أو يُقصر ويُعتبر عمله هذا عملاً بجهالة ـ يعني: لبسه قبل أن يتحلل.

ســـؤال: متى آخر وقت الحلق أو التقصير بالنسبة للمعتمر والحاج؟

الجواب: يترجح أن الحلق أو التقصير نسك في حق الحاج أو المعتمر، ومن تركه ولو لعذر لزمه دم يذبح لمساكين الحرم، وإن لم يجد صام عشرة أيام ثم حلَّ، وعلى هذا فإن المعتمر يحلق بعد الانتهاء من السعي، وله أن يؤخر ذلك يومًا أو أكثر، ويبقى بإحرامه، حتى ولو سافر بإحرامه إلى المدينة أو جدة، أو الرياض، فمتى قدر وتمكن حلق أو قصر، وأما الحاج فإنه يشرع له أن يحلق بعد الرمي والنحر، أو قبلهما أو قبل أحدهما، ولكن إذا رمى وطاف وسعى فقد حل له كل شيء إلا النساء، ويسمى التحلل الأول، فلو أخر الحلق يومًا أو أيامًا جاز له ذلك، ولو لم يحلق إلا في بلده، ولكن لا يحل له النكاح أو النساء حتى يحلق أو يقصر، وإن تركه فعليه فدية.

ســـؤال : ما حكم من أخذ من شعره أو ظفره وهو محرم جاهلاً أو ناسيًا ؟

الجواب: من أخذ من شعره أو ظفره وهو محرم ناسيًا فلا إثم عليه ولا فدية، وهكذا من تطيب أو غطى رأسه أو لبس مخيطًا ناسيًا، فإن الله رفع المؤاخذة على ذلك في قوله: (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) [البقرة: 286]، وفي الصحيح أن الله قال: (قد فعلت)، وقال تعالى: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) [الأحزاب: 5]، وفي الحديث: "إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه".

ســـؤال: هل للشعر عدد بحيث إذا أخذها المحرم وجبت عليه الفدية؟

الجواب: قال الله تعالى: (وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) [البقرة: 196]، فهذا نص في تحريم حلق الرأس، ثم إن الفقهاء عمموا الحكم، فقالوا: لا يجوز أن يحلق أو يقصر من جميع شعر بدنه، كشعر العانة، أو الإبط أو الصدر أو الخد، أو ما تحت الحنك، وأما الفدية فذكروا أنها لا تلزم إلا من حلق ثلاث شعرات أو أكثر، وسواء حلقها بالموسى أو بالمقراض أو نتفها، وفي الشعرة الواحدة إطعام مسكين، وفي الشعرتين إطعام مسكينين، وحيث إن الله تعالى إنما نهى عن الحلق، وأن حديث كعب بن عجرة كان فيه حلق رأسه كله، فالذي يظهر أن ثلاث شعرات أو أربعًا لا يسمى أخذها حلقًا، ولا يظهر لها أثر في البدن، وكذا ما دونها، فلعل الأقرب أنه يعفى عنها، كالشعر الذي يتساقط عند الاغتسال، وعند نقض المرأة شعرها إذا طهرت من حيض ونحوه، فالمغتسل من احتلام ونحوه عادة يتساقط من رأسه شعرات عند دلكه للشعر، قد تزيد على العشر ونحوها، فلعل الأقرب أن الفدية لا تلزم إلا من أخذ شعر يظهر أثره، ويسمى فعله حلقًا أو قصًا، أو نتفًا ظاهرًا.

ســـؤال: ما فدية حلق الرأس أو تقصيره بالنسبة للمحرم؟

الجواب: ترجح عند المحققين أن الحلق أو التقصير نسك، وأنه لا يجوز للمحرم، فإذا حصل عليه أذى فحلق رأسه أو قصره، فإنه يُخيَّر في الفدية كما قال الله تعالى: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) [البقرة: 196]، وجاء في حديث كعب بن عجرة أن الصيام ثلاثة أيام، والصدقة إطعام ستة مساكين، والنسك واحدة من الغنم، أو سُبع بدنة، أو سُبع بقرة.

سؤال: هل يكفي في التقصير بعد العمرة أخذ شعرات من جوانب الرأس؟

الجواب: الحلق أو التقصير في الحج أو في العمرة نُسكٌ من الأنساك، من تركه فعليه دمٌ يجبر به ذلك النُسك، وبه يحصل التحلل الكامل، فبالنسبة للمرأة تُقصِّر من كل ضفيرة قدر أنمُلة، والأصل أن النساء يفتلن رؤوسهن ضفائر (وتُسمى ذوائب وقرونًا)، وأما الرجل فإنه يُفضل له حلق الرأس كُله لقول النبي صلى الله عليه وسلم  : "رحم الله المُحلِّقين" كررها ثلاثًا ثم قال: "والمُقصرين" ، وإذا اختار التقصير فلا بد أن يُقصِّر من جميع شعره، وإن لم يلزم التقصير من كل شعرة، لكن عليه أن يحتاط فيقبض كل شعر في جانب ويُقصِّر منه ولو شيئًا قليلاً، وأما الذين يأخذون شُعيرات من الأمام ومثلها من الخلف ثم اليمين ثم اليسار فنرى أنه لا يكفي؛ فلا بد من الاحتياط على جميع جوانب الرأس مما يناله المِقراض .

سؤال: هل يسقط الحلق على من ليس له شعر عند إرادة التحلل من الحج أو العمرة؟

الجواب: ذكر العلماء أن الأقرع والأصلع الذي تساقط شعر رأسه فلا يوجد به شعر أصلاً، لا في مقدمه ولا في مؤخره، ولا في جانبيه، أنه يمر الموسى على رأسه، ليصدق عليه أنه حلق، وأنكر بعض العلماء هذا الفعل وقالوا: ليس عليه شيء؛ لأن الأمر إنما هو بحلق الشعر، فإذا عدم الشعر فلا حاجة إلى إمرار الموسى على رأسه، وعلى هذا فإن بقي في الرأس شعرات ولو قليلة اكتفى بحلقها، فإن لم يبق فيه شعره فلا حاجة إلى الحلق، ويسقط عنه هذا النسك.

ســـؤال: إذا أخذ المحرم من شعر يديه أو رجليه فهل عليه فدية؟

الجواب: ذكرنا أن الأصل هو شعر الرأس، لقوله تعالى: (وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ) [البقرة: 196]، ولكن العلماء جعلوا الحكم عامًا لكل ما في البدن من الشعر، ومن ذلك شعر اليدين على الذراع ونحوه، أو شعر الرجلين على الساقين ونحوهما، وكذا شعر الوجه على الوجنتين، أو تحت الفك الأسفل على الحلق، فإن كل هذا لا يأخذه المحرم، وإذا حلق منه ما يسمى حلقًا أو قصًا، أو طلاه بالمزيل، فإنه عليه فدية، وتسمى فدية الأذى.

ســـؤال: ما حكم قص شعر المرأة وما حدُّه؟

الجواب: نرى أنه لا يجوز قص شعر رأس المرأة؛ وذلك لأنه من تمام الزينة، ومما يفتخر به العرب قبل الإسلام وبعده، حتى إنهن إذا تمزق الشعر وصلنه بغيره حتى يكون طويلاً، ولذلك حرَّم النبي صلى الله عليه وسلم  وصل الشعر، واعتبره تزويرًا فدل على أن طوله يُعتبر جمالاً فعلى هذا لا يجوز قصه لا من جهة ولا من الجهات كلها، وإنما يجوز عند التحلل من الإحرام أن تأخذ من كل ضفيرة قدر أنملة، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم  : "ليس على النساء حلق، وإنما على النساء التقصير" مع أنه دعا للمحلقين ثلاثًا، لكن يجوز تقصيره للعجوز التي قد يئست من النكاح؛ لما روي أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم  يأخذن من رؤوسهن حتى يكون كالوفرة، وعذرهن عدم الحاجة إلى الجمال لامتناع نكاحهن بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وقد يباح تقصيره إذا كان طويلاً جدًا كالمتر أو فوقه حتى يساوي رؤوس غالب النساء.

ســـؤال: إذا كان شعر المرأة مدرجات فكيف تأخذ منه إذا أرادت التحلل؟

الجواب: اعتاد النساء في هذه الأزمنة القص من شعورهن، ثم زُين لكثير منهن جعل شعر رأسها مدرجات، فبهذه الحالة لا بد عند التحلل أن تقص من جميعه بقدر أنملة، من كل مدرجة، سواء من وسط الرأس أو من قفاه، أو مما امتد منه على الظهر أو نحوه، والأصل أن النساء يجعلن شعرهن ضفائر يفتلنه ويجدلنه، وعند التحلل تأخذ من كل قرن قدر أنملة.

ســـؤال: إذا حج الشخص متمتعًا وأراد أن يضحي، فهل يجوز له أن يحلق شعر رأسه بعد العمرة ولو لم يضح ؟

الجواب: من حج متمتعًا وكمَّل عمرته، فإن عليه أن يقصر من شعر رأسه، ولو كان قد أوصى أن يضحى عنه في بلده، فإن هذا الحلق أو التقصير يعتبر نسكًا، وعبادة يثاب عليها، فإن كان مبكرًا كالذي يؤدي عمرته في شهر شوال، أو أول ذي القعدة، فالأفضل أن يحلق رأسه بعد العمرة، فإن العادة نبات الشعر قبل يوم النحر، فيحلق بعد العمرة ويحلق يوم النحر، أما من جاء متأخرًا واعتمر في ذي الحجة، فالأولى أن يقصر من شعر رأسه، ويترك الحلق للتحلل من الحج يوم النحر، وله أن يحلق يوم العيد ولو قبل أن تذبح أضحيته في بلده.

ســؤال: متى يبدأ المضحي بالتحلل؟ علمًا أن أضحيته قد تتأخر يوماً أو تتقدم يوماً حسب الدولة المضحى فيها ؟

الجواب: يُراد بالتحلل إباحة أخذ الشعر والظفر، فمتى دخل وقت الذبح في البلاد التي فيها المتبرع جاز له التحلل، يعني القص من شعره وبشرته، ولو لم يتحقق ذبح أضحيته في ذلك اليوم، كما يتحلل المحرم إذا رمى وحلق، ولو قبل ذبح أضحيته في بلاده، مع أنه لو تحلل قبل العيد بيوم أو أيام لم يلزمه فدية لعدم الدليل على لزومها.

ســـؤال: هل يجوز للمحرم أن يحتجم وكذلك المضحي لأنه سيزال من شعره؟ وهل يعد هذا نوع من القزع؟

الجواب: يجوز ذلك عند الحاجة، ولو كانت الحجامة تتوقف على حلق بعض شعر الرأس لوضع المحاجم، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم، والعادة أن المحتجم يحلق مؤخر رأسه، وهكذا من أراد أن يضحي ودخل عليه العشر، ومنع من أخذ شعر من رأسه أو بدنه، فله أن يحتجم عند الحاجة، ولا يلزمه شيء، ولا يرده ذلك عن ذبح الأضحية، وهكذا من ابتلي بحلق لحيته كل يوم أو كل يومين، فلا يترك الأضحية لأجل أنه يحلق لحيته في العشر، فيترك سنة وهي الأضحية، ويفعل معصية وهو حلق اللحية، بل لا يرده حلق اللحية عن ذبح الأضحية.

ســـؤال: إذا نوت المرأة أن تضحي، فهل يلزمها الإمساك عن أخذ الشعر من الجسد؟ وهل يلزمها عدم تمشيط الشعر أيام العشر؟

الجواب: إذا عزمت على أن تضحي من مالها عنها أو عن أحد أبويها، فلا تأخذ من شعر الرأس، أو شعر العانة في عشر ذي الحجة، وأما تمشيط الشعر فلا بأس به، ولو تساقط منه شعر في حالة الاغتسال، أو حالة التمشيط، فذلك الشعر الذي يتمزق شعر ميت، فلا يؤثر تمزقه أو تساقطه؛ لأن التمشيط وكذا الاغتسال من لوازم المرأة إذا وجد سببه فهو من الضروريات، أو من الواجبات، كالغسل من الحيض أو من الجنابة.

ســـؤال: إذا تبرع شخص بأضحية لوالدته فهل يلزم والدته أن تمسك عن أخذ شعرها أو يلزم المتبرع؟

الجواب: الذي يظهر أن المتبرع بثمن الأضحية هو الذي يمسك عن أخذ شعره أيام عشر ذي الحجة، ولو نوى الأضحية عن والدته أو عن أبويه، أو عنه وعن أولاده لم يلزم الإمساك إلا المتبرع وحده.

ســـؤال: ما الحكم لو نسي المتمتع حلق شعره للعمرة ولم يتذكر إلا بعد إحرامه بالحج؟

الجواب: في هذه الحال يعتبر لم يتحلل من العمرة، ويكون قد أدخل الحج على العمرة، فيكون قارنًا، فإنه يجوز إدخال الحج على العمرة، كما فعلت عائشة رضي الله عنها، فقد أحرمت بالعمرة ولم تتمكن من إتمامها، فأدخلت عليها حجًا وأصبحت قارنة، لكن إذا كان ذلك المتمتع بعد سعيه للعمرة لبس المخيط وغطى رأسه وتطيب، أو وطئ امرأته، فنرى والحال هذه أنه يعتبر باقيًا على تمتعه، وأن عليه دم جبران، لأنه ترك الحلق وهو نسك، وقد قال ابن عباس: (من ترك نسكًا فعليه دم).

ســـؤال: هل من السنة حلق رأس الطفل والتصدق بوزنه؟ وهل هذا خاص بالذكر أو يشمل الأنثى؟

الجواب: نعم، ويسن عند ولادة الطفل الذكر حلق رأسه أو قصه بمقراض إذا صعب تحمله للحلق، ورد ذلك لما ولد الحسن أو الحسين، قال النبي صلى الله عليه وسلم : "احلقوا رأسه وتصدقوا بوزنه ورِقًا" وهذا يختص بالذكور دون الإناث، مع أنه مستحب وليس بواجب.

ســــؤال: لو قال شخص أنا أتصدق بوزن الشعر من غير حلقه فهل يعد مطبقًا للسنة؟

الجواب: تطبيق السنة يكون بحلق الشعر وبذبح العقيقة، فقد ورد في بعض الأحاديث الأمر أن يماط عنه الأذى أي بحلق الشعر، ولا يلزم مع الحلق التصدق بوزنه فضه، وإنما يُستحب ذلك.

ســــؤال: ما حكم إطالة الشعر؟

الجواب: إطالة الشعر لا بأس به إذا لم يكن على وجه التشبه، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يربي شعره إلى شحمة الأذن، أو إلى المنكبين، ويسرحه ويهدجه، ويغسله ويدهنه، وقد سئل الإمام أحمد عن تربية الشعر فقال: (إنه سنة ولكن له كلفة) وكان يحلق شعره، وجاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في غسل الجنابة "اغسلوا الشعر وأنقوا البشر، فإن تحت كل شعرة جنابة" فقال علي رضي الله عنه: (فمن أجل ذلك عاديت شعري)، فكان يجزه.

سؤال: شخص يجعل شعر رأسه ضفائر، ولكنه يأمره والده بقص الشعر فماذا يفعل؟

الجواب: إطالة الشعر وجعله ضفائر عادة من خصائص النساء، فالمرأة هي التي تُجَدِّل شعرها وتفتله ذوائب، وأما الرجل فإنه إذا تيسر له فإنه يُسرِّح شعره ويُنظفه ولكن إذا كان هناك من يُنكر عليه كأبويه فعليه طاعتهما، فننصحك أن تُطيع والديك، فإن رضا الوالدين من رضا الله تعالى، ويكون ذلك بقص الشعر أو حلقه كما يفعل ذلك غالب الرجال في هذه الأزمنة، والله أعلم .

سؤال: بعض الشباب يحلق جوانب من شعر رأسه ويبقي شعر المقدمة، فما حكم مثل هذا الفعل؟

الجواب: هذه التسريحة الجديدة داخلة في القزع وقد ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم  نهى عن القزع، وهو حلق بعض شعر الرأس وترك بعضه، ورأى النبي صلى الله عليه وسلم  صبيًا قد حُلق بعض شعر رأسه فقال: "احلقوه كله أو اتركوه كله"، فعلى هذا يجب الأخذ على الشباب والأطفال عن استعمال هذه الطريقة الغريبة التي هي حلق جوانب الرأس أو حلق مُقدمه أو مُؤخره؛ فإن ذلك قزع منهي عنه وفيه أيضًا تشبه بالنساء وتشبه بأهل الفساد، وعلى الأبوين السعي في إصلاح أولادهما بالإبعاد عن المحرمات والمكروهات لما يترتب على ذلك من الفساد والتشبه بالمفسدين .

ســـؤال: هل يعتبر تحديد شعر الرأس بالموسى بعد التقصير بالماكينة من القزع أو لا؟

الجواب: نرى أنه لا يجوز حلق أطراف الشعر بالموسى، أو أطراف الرأس وجوانبه دون بقية الرأس، وأن ذلك من القزع الذي فسر بأنه حلق بعض الرأس دون بعضه، فإما أن يحلقه كله بالموسى أو يقصره كله بالماكينة، حتى يبتعد عن مسمى القزع.

ســـؤال: هل وردت صفة خاصة للخوارج في حلق الرأس؟

الجواب: ذكر في بعض الأحاديث عن الخوارج أن سيماهم التحليق، وفي رواية: "سيماهم التسبيد"، حيث تميز الخوارج الذين خرجوا في عهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه بحلق رؤوسهم دائمًا، ولما أحضر أحد المتهمين في عهد عمر رضي الله عنه كشف عن رأسه وقال: (لو وجدته حليقًا لضربت رأسه)، ومع ذلك فإن حلق الرأس نسك في الحج والعمرة، ومباح في غير ذلك، لأن الإنسان قد يتأذى إذا طال شعر رأسه، حيث يتسخ ويتولد فيه القمل والحكة، كما حصل لكعب بن عجرة في عمرة الحديبية.

ســـؤال: متى يكون قص الشعر من التشبه؟

الجواب: قص المرأة شعرها حتى يكون كشعر الرجل هذا من التشبه، فقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال، وكذا قصها لشعرها قصًا متفاوتًا، وهو ما يسمى بالمدرجات، تشبه بنساء الكفار، وكذا جمعها لشعر رأسها، ورد بعضه إلى بعض حتى يكون كالكرة، هذا من التشبه، وبالنسبة للرجل فإن قص أطراف شعر رأسه من التشبه، وكذا تربية شعر رأسه وتوفيره من غير أن يسرحه ويفتله تشبه بأهل الفساد ونحوهم، وحلقه للحيته تشبه بالمجوس وباليهود والنصارى.

ســـؤال: إذا كان هناك قَصة للشعر معروفة مشهورة لكافر أو لكافرة، أو ممثل أو ممثلة، ثم إن هذه القصة للشعر انتشرت في بعض المجتمعات وصارت أمرًا عاديًا، فما حكم فعلها؟

الجواب: نرى أنه لا يجوز فعل هذه القَصة، لأنها ابتدعها كافر أو كافرة، ومن تشبه بقوم فهو منهم، وكذا إذا كان الذي فعلها ممثل أو ممثلة، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التمثيل بالشعر، يعني تغييره بما يخالف طبيعته، بقص بعض جوانبه، أو بتلوين صبغه، ونحو ذلك من العبث به، ولا يبرر ذلك انتشار هذه القصة وصيرورتها أمرًا عاديًا، أو مألوفًا بين الناس، فإن الحرام لا يحلله اشتهاره وكثرته فيما بين الناس، فإن الحق قديم، وانتشار البدع والمحدثات لا يدل على التساهل فيها.

ســـؤال: هل السنة حلق الشارب أو حفه؟ وما معنى الحف؟

الجواب: السنة في الشارب حفه وقصه بالمقراض، فالأحاديث جاءت بلفظ: "حفوا الشوارب"، وبلفظ: "قصوا الشوارب"، فالحف أخذ ما طال منه إلى أن تبدو الشفة، وكذا القص أخذه بالمقراض، وكره بعد الصحابة حلقه بالموسى، وعَدَّوه مُثلة، لأن الأصل بقاء أصوله؛ ليكون علامة فارقة بين الرجل والمرأة.

ســـؤال: ما حكم قص الشارب؟ وما الحد الجائز لإبقائه؟

الجواب: الشارب هو الشعر النابت على الشفة العُليا ويختص بالرجال وإطالته تشويه للمظهر ويُسبب تلوثه بالأكل والشُرب وانغماسه في الشراب بحيث يستقذر ذلك الشراب بعد صاحبه، وحُدد لقصه أربعون يومًا، ويُستحب كل أسبوع، والأصل أن يُقص بالمقراض وتبقى أصوله، وكُره حلقه بالموسى؛ لأنه مُثْلةٌ ومع ذلك إن استُحسن حلقه جاز مع الكراهة.

ســـؤال: ما حكم نتف الشعر الأبيض من الرأس أو الشارب أو اللحية؟

الجواب: ذكر العلماء أنه لا يجوز نتف الشيب من الرأس أو الوجه، وذلك لأن الشيب وقار وهيبة، وذكر أنه لما ظهر في خليل الله تعالى الشيب قال الله: "إنه وقار" فقال: "اللهم زدني وقارًا"، ولأنه إذا نتف فإنه يعود، والذين ينتفونه كأنهم يخافون أن يكون دليلاً على كبر السن، فبعضهم ينتفه مع أنه لا يجوز، والكثير يسودونه وهو أيضًا لا يجوز، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "واجتنبوا السواد"، ثم إن الشيب فسر به النذير في قول الله تعالى: (وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ) [فاطر: 37]، أي الشيب المنذر بقرب الأجل، على أحد الأقوال، ثم إنه يكسب صاحبه احترامًا وتوقيرًا، فإن كل من رآه احترمه وقدمه وخدمه، فيكون فيه مصلحة ظاهرة، فلذلك لا يجوز نتفه ولا صبغه بالسواد.

ســـؤال: ما حدود اللحية؟ وما حكم الأخذ منها وتسويتها؟ وما حكم الأخذ من الشعر النابت على الوجه؟

الجواب: اللحية اسم للشعر النابت على الخدين والذقن، وسُمي بذلك لأنه نبت على اللحيين وهما جانبا الفك الأسفل ومنبت الأسنان السُفلى، فهذا الشعر هو اللحية، والأصل أنه يجب إعفاؤه وتركه وإن طال لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "جزوا الشوارب وأعفوا اللحى" وإعفاؤها تركها وعدم الأخذ منها، وقد رخَّص بعض العلماء في أخذ ما زاد على القبضة لفعل ابن عمر، والأفضل عدم التعرض لها، فإن فعل ابن عمر اجتهاد منه ولا يفعله إلا بعد التحلل من الإحرام، وأما الشعر النابت على الوجه كالوجنة ومُقدم الوجه فلا بأس بأخذه، فليس هو من اللحية. والله أعلم. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم .

ســـؤال : ما حكم اتباع حديث ابن عمر فيما زاد عن القبضة من اللحية؟ وما نصيحتكم حول هذا الموضوع ؟

الجواب: وردت الأحاديث الكثيرة في الأمر بإعفاء اللحية وإرخائها بلفظ: "حفوا الشوارب وأعفوا اللحى" وفي رواية: "وأوفوا اللحى" وفي لفظ: "وأرخوا اللحى" فالإعفاء تركها معافاة دون أن يتعرض لها بحلق أو تقصير، وورد بلفظ: "ووفروا اللحى" وكل هذه الألفاظ دالة على تركها وعدم الأخذ من طولها أو من عرضها، وقد ورد التعليل في ذلك بقوله: "جزوا الشوارب وأكرموا اللحى؛ خالفوا المجوس" وفي لفظ: "خالفوا المشركين" وذلك لأن المشركين من النصارى والمجوس ونحوهم اعتادوا حلق اللحى وإهانتها بدلاً من إكرامها، فلذلك أمر بمخالفتهم وذلك لأن المسلمين يجب أن يتميزوا عن المشركين في اللباس والمظهر والشعور والأعمال، وهكذا شرع الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم  تمييز الرجال عن النساء و"لعن صلى الله عليه وسلم  المتشبهين من الرجال بالنساء"، ولا شك أن في إعفاء اللحية تمييز الرجال عن النساء، فإن اللحية ميزة الرجال وشرف لهم، فأما فعل ابن عمر فهو اجتهاد منه لم يفعله غيره من الصحابة فيما نعلم، وأيضًا ما كان يفعله دائمًا وإنما يفعله بمكة بعد التحلل من العمرة أو التحلل من الحج، وأيضًا فإنه أراد بذلك حصول التحلل بالحلق والتقصير عملاً بقوله تعالى: (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ) [الفتح: 27]، والرأس اسم لما فوق الرقبة، فيحب أن يجمع بين الحلق لشعر الرأس والتقصير لشعر الوجه من باب الاحتياط، وأيضًا فإنه لا يأخذ إلا ما زاد عن قبضة الكف الكامل، فهو يقبض بيده على لحيته فما خرج زائدًا على قبضة اليد وراء الأصابع أخذه بالمقراض وهو في الغالب شيء يسير وليس كالذين يحلقون أطراف اللحية من جانبي الوجه ولا يبقون إلا شيئًا يسيرًا على الذقن، فإن اسم اللحية يعم الشعر النابت على اللحيين والذقن، فاللحيان منبت الأسنان السفلى أي الفك الأسفل، والذقن أسفل الوجه أي مجمع اللحيين، فكل ما نبت على ذلك فهو من اللحية التي يجب إعفاؤها، هذا ما ظهر لي. والله أعلم. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم .

ســـؤال: إذا كان المجوس يرخون لحاهم كما يفعل اليوم مشايخ الرافضة، فهل تنتفي الحكمة من إرخاء اللحية في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "خالفوا المجوس"؟ وهذا يقوله بعض من يرى جواز حلق اللحية؟

الجواب: إعفاء اللحية وإرخاؤها من الشريعة الإسلامية، وليس الحكمة خاصة بمخالفة المجوس، فقد جاء في رواية: "خالفوا المشركين"، وقد كان المجوس قديمًا يطيلون شواربهم ويحلقون لحاهم، مع ما في ذلك من تشويه الخلقة ومخالفة السنَّة، فإذا كان المجوس في هذا الزمان يوفرون لحالهم أو كذلك الرافضة، فإن المسلمين يوفرون لحاهم، وليس ذلك اقتداء وتشبهًا بهؤلاء، ولكنه اتباع للسنة، واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالصحابة، فاللحية زينة الرجال، وفارقة بين الرجال والنساء، وهي هيبة وجمال، فلذلك جاء الإسلام بتوفيرها، وجعل ذلك من خصال الفطرة.

ســؤال: ما حكم حلق العنفقة أو تقصيرها؟

الجواب:العنفقة هي الشعر الذي تحت الشفة السفلى وهو من اللحية ، فالذقن هو أسفل الوجه ويدخل فيه مجمع اللحيين وما نبت فيه، فهو من اللحية فلا يجوز حلقه أو تقصيره. والله أعلم.

ســـؤال: إذا أجري لشخص عملية في جانب من لحيته فزال الشعر عنها، فهل له أن يزيل الشعر من الجانب الآخر؟

الجواب: قد يجوز ذلك إذا كان فيه تشويه لخلقته، وتقبيح لمظهره، أن يكون نصف اللحية محلوقًا والنصف الثاني غير محلوق، فإنه يسبب نفرة، وهذا إذا رأى استنكار الناس لذلك، أما إذا لم يبالِ بالناس، واعتذر بأنه حلق ذلك لإجراء عملية، فإنهم يعذرونه إلى أن يعود الشعر وينبت كما هو.

ســـؤال: ما حكم الاستهزاء باللحية؟

الجواب: اللحية من شعائر الإسلام ومن سنن المرسلين ،كما حكى الله عن هارون أنه قال: (لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي) [طه: ٩٤]، فاللحية زينة الرجال والفارقة بين الرجل والمرأة، ومن استهزأ بها نقص دينه وخيف عليه الوقوع في الإثم والذنب الكبير، فعليه التوبة وعدم العودة، فمن لم ينته وجب تعزيزه وعقوبته بما يرتدع به أمثاله.  والله أعلم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ســـؤال: ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "فأخبر الناس أن من عقد لحيته فإن محمدًا بريء منه"؟

الجواب: فسر عقد اللحية في هذا الحديث بما كان يفعله بعض الأعاجم الذين يطيلون لحاهم، ثم يعقدون أطرافها تكبرًا وتجبرًا، ولما كان هذا من فعل الأعاجم سواء من البوذيين أو الهندوس، كان الذي يفعل ذلك متشبهًا بهم، ومن تشبه بقوم فهو منهم، وقد فسر بعضهم هذا الحديث بأن عقد اللحية معالجة شعرها حتى يتجعد، أي تلتوي كل شعرة إلى أصلها، وذلك من فعل أهل التأنيث والمتشبهين بالنساء، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء. والله أعلم.

ســـؤال: ما حكم النمص ؟

الجواب: النمص هو نتف الشعر من الحاجبين أو تخفيفه أو نتف ما بينهما، وهو محرم لورود الوعيد عليه في قول النبي صلى الله عليه وسلم : "لعن الله النامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله" ولدخول ذلك في قول الله تعالى: (وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ) [النساء: 119]،  ولا شك أن الوعيد باللعن يدل على التحريم، وأن النمص المذكور من كبائر الذنوب، فعلى المرأة أن ترضى بخلق الله، وأن تقنع بما أعطاها الله، وأن لا تتجمل بما ليس فيها، ولا تظهر ما ليس له حقيقة من كل تجمل غير موجود كتحمير الوجه والشفتين وعمل ما يسمى بالمكياج ووشر الأسنان وتفليجها، وعمل الوشم في الوجه، أو غيره، حتى لا يدخل من فعل ذلك في الوعيد باللعن ونحوه. والله أعلم.

ســـؤال: ما السنة في ابتداء حلق الشعر؟

الجواب: جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد حلق شعر رأسه يبدأ بالشق الأيمن، ثم ينتقل الحلاق إلى الشق الأيسر، ومع ذلك فإن هذا من العادات لا من القربات، فلا مانع أن يبدأ بمقدمه، أو بمؤخره، أو بوسطه، أو بأحد جانبيه حسب ما تيسر، من غير التزام بجانب محدد.

ســـؤال: ما حكم استعمال مزيل الشعر؟

الجواب: المزيل الذي إذا طلي به الموضع تساقط الشعر منه، ويستعمل في حلق العانة والآباط، لأنه أسهل في إزالة الشعر، وأما في الرأس فإن الأصل فيه الحلق بالموسى أو ما أشبهه.

ســـؤال: هل يجوز أن تزيل المرأة أو الرجل الشعر بأدوية خاصة، بحيث لا ينبت معها الشعر مرة أخرى؟

الجواب: نرى أنه لا يجوز معالجة الشعر بحيث لا ينبت أبدًا، فقد ذكر أن بعض الذين يعادون شعر اللحية عالجوا البشرة حتى لا ينبت الشعر في أسفل الوجه، فنبت الشعر في داخل الفم، لأن هذا الشعر لا بد من نباته، لحكمة عظيمة يعرفها أهل الاختصاص، ويعم ذلك الرجل والمرأة، ويعم ذلك شعر الرأس وشعر الوجه وشعر العانة، وغير ذلك، وإنما يتعاهد بحلق العانة مثلاً وقص الشارب، وحلق الرأس أو تقصيره، ولا يجوز معالجته حتى لا ينبت.

ســـؤال: هل يجوز تسليط الأشعة القاتلة لبصيلات الشعر قبل ظهور اللحية؟ أو تسليطها على الخدين حتى لا يظهر الشعر على الخدين؟

الجواب: يظهر أن ذلك لا يجوز، وذلك لأن هذا الشعر أنبته الله زينة وجمالاً في حق الرجال على الخدين والذقن، فعلاجه حتى لا يظهر مضادة لحكمة الله، وفي ذلك ضرر واقع أو متوقع.

ســـؤال: ما حكم إزالة الشعر غير المرغوب فيه بالموسى للمرأة فقط؟ وهل حلاقة السيقان بالموسى محرم؟ علماً بأني لا ألبس ملابس عارية ولا قصيرة؟

الجواب: لا بأس بإزالة المرأة الشعر غير المرغوب فيه بالموسى كشعر العانة ونحوه وأما الوجه فلا يجوز إزالة شعر الحاجب ولا الأهداب فإن نبت شعر في الخد أو الذقن جاز لها إزالته بالموسى أو النير، فأما شعر الرأس فلا يجوز لها إزالته ولا تقصيره إلا بعد التحلل من النسك، وأما شعر الساق فلها تخفيفه وإزالته عند الحاجة. والله أعلم.

ســـؤال: ما حكم الذهاب إلى الكوافيرة لإزالة الشعر الذي في العورة وغير العورة؟

الجواب: لا يجوز للمرأة ولا للرجل كشف عورته لغيره من الرجال والنساء، والأصل أنه يتولى حلق عانته بنفسه، سواء باستعمال الموسى، أو النورة، واستثني من ذلك الزوج مع زوجته، فلكل منهما النظر في عورة الآخر مع الكراهة، فقد قالت عائشة رضي الله عنها: (ما رأيت فرج رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وقالت أيضًا: (ما رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا رآه مني)، وأما الكوافيرة فهي شيء حادث جديد لم يكن معروفًا فيما سبق قديمًا، ونرى أنه لا يجوز الذهاب إلى هذه الكوافيرة، التي تعبث بالشعر، وتسدله، تقص منه، وتأخذ على ذلك مالاً كثيرًا، وبعد يوم أو نحوه ينتقض هذا الشعر، وتحتاج المرأة إلى عملية أخرى، ودفع مال كثير قد تكلف أهلها، وعادة النساء قديمًا أنها تتولى شعر رأسها بتسريحه ومشطه وترجيله، أو تتولى ذلك أمها أو أختها.

ســـؤال: أيهما أفضل في غير النسك حلق شعر الرأس أو تقصيره؟

الجواب: كان النبي صلى الله عليه وسلم يترك شعره حتى يصل إلى شحمة الأذن وربما إلى المنكب، وكان يعتني به بغسله وفرقه وتسريحه ودهنه وترجيله، سواءً كان يتولى ذلك أو يأمر زوجته أن ترجله، وكان يحلق رأسه في الأنساك بعد التحلل من الحج أو العمرة، ودعا للمحلقين بقوله: "رحم الله المحلقين" وكرر ذلك ثلاثاً، ثم دعا للمقصرين، مما يدل على أن الحلق بعد النسك أفضل من التقصير، وأما الحلق في غير النسك فلم ينقل أنه فعله، ولا شك أنه كان يقصر من شعر رأسه إذا تجاوز المنكبين، وقد استحب بعض العلماء تربية شعر الرأس ولكن نقل عن الإمام أحمد أنه يقول: (إن له كلفة) بمعنى أنه يشغل كثيراً بغسله وتسريحه عن طلب الحديث ومذاكرته وتعليم العلم ونشره وتأليف الكتب، مع القيام بالواجبات لله تعالى كالعبادات فرائض ونوافل كذلك بواجبات الأهل والأولاد، فمع ذلك يصعب تربية الشعر والعناية به، فأبيح حلقه عند الحاجة، وإذا تيسر حلقه بعد عمرة فهو أفضل، وقد كان ابن عمر رضي الله عنهما كلما جمم رأسه -أي صار جمة- ذهب إلى مكة معتمراً وحلق رأسه، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بحلق رؤوس أولاد جعفر بعد موته، فدل ذلك على إباحة حلق الرأس للحاجة، ولا فرق بين حلقه أو تقصيره، حيث إنه لا يتخذ قربة إلا إذا كان في نسك وإلا فالأصل الإباحة.

ســـؤال: هل يجب على المرأة أخذ إذن زوجها إذا أرادت قص شعرها؟

الجواب: نرى أنه لا يجوز لها قص شعرها وتقصيره إلا في نسك حج أو عمرة، فتقص من كل قرن قدر أنملة، ولو منعها زوجها لأن هذا التقصير نسك وعبادة، وإذا أمرها زوجها أن تقص من شعرها، واعتبر ذلك من الزينة فلا تطيعه فإنه معصية، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

ســـؤال: هل للمرأة أن تحلق شعرها لعلة تجديده وتحسينه؟

الجواب: لا يجوز لها ذلك، فإن حلقه يعتبر مثلة وتشويهًا، ولو كان جائزًا لحلقته بعد التحلل من الإحرام، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس على النساء حلق إنما على النساء التقصير"، كما لا يجوز لها زرع الشعر حتى لو تساقط بمرض أو قرع أو حكة، فكذلك لا يجوز لها حلقه بعلة تجديده وتحسينه، بل ترضى بما قسم الله.

سؤال: ما حكم حلق شعر الساعدين والساقين للرجال بقصد التخنث؟

الجواب: معلوم أن الوسائل لها أحكام المقاصد، فإذا كان هذا الحلق يفعله هؤلاء المتخنثون ليعرفهم أهل الشر فيثيرونهم لفعل فاحشة اللواط عياذاً بالله، فإن فعلهم هذا حرام، وقد ذكر العلماء أن سيماء الرجال الخشونة والوقار، ولهذا منع من حلق لحيته وعارضيه لتظهر منه هذه الخشونة التي تنافي سمة أهل الميوعة والتأنث، ونهي عن كل سيماء يعرف بها أهل هذه الفاحشة كحلق جوانب الرأس أو مؤخره مما يسمى بالخنفسة، فالواجب منع شباب المسلمين من كل فعلة تكون دعاية لأهل الشر إلى اقتراف الفواحش وارتكاب المنكرات التي تقشعر منها الجلود. والله أعلم.

سؤال: ما حكم إزالة شعر الوجه بالنسبة للرجل؟

الرجل يقص الشارب مثلاً ويزيل الشعر الذي في الوجنة تحت العينين، وأما شعر الخدين وشعر الذقن فلا يجوز إزالته لأنه من اللحية. والله أعلم.

ســـؤال: هل يجوز للرجل إزالة شعر ظهره وصدره؟

الجواب: الأصل جواز ذلك، ولكن لم تجر العادة بحلق هذا الشعر، إلا إذا تأذى منه، فقد يطول شعر الصدر في بعض الناس ويحتاجون إلى تخفيفه، والعادة أنه إذا بلغ حدًا معروفًا توقف ولم يطل، فيترك كشعر اللحية.

ســــؤال: أين يوضع الشعر بعد حلقه أو قصه؟

الجواب: معروف أن الشعر بعد حلقه أو قصة أو تمزقه من الشعر كالمشاقة لا يبقى محترمًا لانفصاله عن محله، فلا مانع من وضعه مع القمامات، ولا مانع من إحراقه أو تفريقه في الريح حيث لم يبق له حرمة، ولا يجوز الاعتقاد بأن وضعه في ذلك يسبب مرضًا أو صدودًا أو نشوزًا أو إعراضًا، فإن الاعتقاد في ذلك لا أصل له، ولا يغتر بما يذكره أهل الشعوذة من الخرافات التي يشيعونها، أو من أعمال السحر والكهانة التي يستعملون فيها هذا الشعر وسيلة إلى عمل السحر بمن يريدون إضلاله أو ضرره، فمتى حصل منه ذلك بطل عمله بالقراءة والذكر والرقية الشرعية. والله أعلم.

سؤال: ما حكم بيع الشعر الطبيعي والباروكة؟ إذا كان أكثر المشترين غير مسلمين؟ وإذا كان لا يجوز فكيف يتوب من فعل ذلك؟

الجواب: اعلم أنه لا يجوز بيع كل شيء محرم في الإسلام، لأن ذلك من التعاون على الإثم والعدوان الذي نهى الله عنه، ولو كان المشتري كافرًا، وقد ثبت أن الخمر لما حرمت أراد أناس أن يبيعوها فمنعهم النبي صلى الله عليه وسلم، وأمرهم بإتلافها، ولو كان المشتري كافرًا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : "قاتل الله يهود، حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها، وإن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه"، وقال صلى الله عليه وسلم: "لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه"، وعلى هذا فلا يجوز بيع الشعر طبيعياً أو غير طبيعي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم "لعن الواصلة والمستوصلة"، أي: التي تصل الشعر بغيره؛ لأنه تدليس وإيهام أنها طويلة الشعر، مما يزيد في جمالها، وهو كذب، وكذا الباروكة لا يجوز بيعها؛ لأنها شعر يوضع على الرأس فيدخل في الوصل المحرم، أما الصبغات فلا يجوز منها الأسود الخالص للشيب، فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم  قومًا يصبغون بالسواد وقال: "لا يريحون رائحة الجنة".

ثم إذا بعت هذه الأشياء سابقًا ثم بقي الثمن عندك فعليك التوبة، ولا يلزمك رد شيء من المال إلى المشتري لقول الله تعالى: (فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ) [البقرة: 275]، فالتوبة تكفي ولو كنت في شك من أول فتح المكان، وعليك أن لا تعود إلى بيع مثل هذه المحرمات، والله يعفو عما سلف. والله أعلم.

ســـؤال: هل يجوز لبس الباروكة للمرأة سواء كان لبسها لحاجة كما لو تساقط شعرها أو لغير حاجة؟

الجواب: أرى أنه لا يجوز؛ فقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم  لعن الواصلات والمستوصلات، ويعني بذلك أن يوصل الشعر بما يزيد في طوله كما إذا تمزق الشعر أو تساقط شعر المرأة، فليس لها أن تصله بشعر صناعي أو غيره، وعلى هذا فإذا تساقط شعرها اعتنت بما بقي من الشعر وأصلحته وجدلته وقامت بعنايته ولو كان قليلاً ولو كان قصيرًا، فعلى هذا نرى أن هذه الباروكة محرمة لأنها شبيهة بوصل الشعر بغيره سواءً كانت لحاجة أو لغير حاجة.

ســـؤال: إذا قلنا بتحريم (الباروكة) فهل يجوز لبسها عند زوجها؟

الجواب: لا يجوز لبس هذه الباروكة التي هي شعر صناعي يُوضع على الرأس يُوهم أنه شعر طبيعي، فلا يجوز لبسه عند الزوج ولا عند غيره؛ فقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم  الواصلة والموصولة وهي التي يُوصل شعرها بشعر غيره، وذلك من التدليس وإيهام حُسن الشعر وطوله.

ما حكم تركيب الرموش الصناعية لمن كانت رموشها قصيرة؟

الجواب: الرموش هي الأهداب أي الشعر النابت على الأجفان، وقد خلقه الله تعالى لحماية العينين من الأتربة والأقذار، ولذلك يوجد في العين منذ الولادة، كما يوجد في أغلب الدواب، وهو شعر ثابت لا يطول ولا يقصر، وإذا نتف فإنه ينبت، لكن بعض الناس قد تتألم أجفانه فيحتاج إلى نتف الشعر منها ليخف الألم، وإذا كان كذلك فأرى أنه لا يجوز تركيب هذه الرموش على العينين، لدخوله في وصل الشعر، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم  لعن الواصلة والمستوصلة، فإذا نهى عن وصل شعر الرأس بغيره فكذلك رمش العين، لا يجوز وصله، ولا تركيب الرموش لقصر الأهداب الأصلية، بل على المرأة أن ترضى بما قدر الله، ولا تفعل ما فيه تدليس أو جمال مستعار، فالمتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور، والله أعلم. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

ســـؤال: هناك بكلات كالريش فهل يدخلن في الوصل المحرم؟

الجواب: إذا كانت تلك البكلات من جنس الشعر وفي لونه، وربطت في أطراف الشعر إذا كان جدائل، فإنها تكون داخلة في الوصل المحرم، أما إذا كانت البكلات من حديد أو ربل، تجعل في أطراف القرون، حتى تمسكها فلا تنقض الشعر بعد تجديله، فلعل ذلك لا بأس به.

سؤال: ما حكم زراعة الشعر للأصلع سواء كان رجلاً أو امرأة؟

الجواب: قد ورد النهي عن وصل الشعر، وهو ما تفعله النساء للزينة لإطالة الشعر وذلك لأن فيه تزويرًا وتلبيسًا وإظهارًا لشيء لا حقيقة له، وأما زراعة الشعر فأرى أن ذلك جائز إذا كان في الإمكان ولم يترتب على ذلك ضرر في الرأس ولا في البشرة، فقد ذكروا أن معالجة الوجه حتى لا يخرج الشعر يترتب عليه مضرة ظاهرة، ومع ذلك فإن على الإنسان أن يرضى بما قسم الله، فإذا لم يكن في رأسه شعر فإن ذلك بقضاء الله تعالى فلا يغير خلق الله، ولكن الله جعل هذا الشعر زينة في الرأس للرجال والنساء، فإذا أمكن زراعته بدون مرض أو ضرر فلعل ذلك جائز بلا محظور.

سؤال: بعض النساء يقمن بفرق شعر رؤوسهن من منتصف الرأس بطريقة متعرجة غير مستقيمة كما هو معروف، فما حكم هذا الفعل؟

الجواب: الطريقة المتبعة عند نساء المسلمين فرق الشعر من نصف الوجه والرأس، وجعل الشعر نصفين يمينًا وشمالاً، ثم تسريحه وجعله ذوائب تفتل من أعلاها المتصل بالرأس، كما قالت أم عطية في غسل بنت النبي صلى الله عليه وسلم، وقبل التكفين، قالت: فضفرنا شعرها ثلاثة قرون وألقيناه خلفها، وذكر ابن عباس رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسدل شعره، وكان المشركون يفرقون رؤوسهم، وكان أهل الكتاب يسدلون رؤوسهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء، قال: ثم فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه)، فأما هذه الفَرقة المتعرجة فأرى أنها لا تجوز، وأنها تشبه بالكافرات، أو من فعل الجاهلية الأولى، أو جاهلية هذا الزمان المقلدات لنساء الغرب، ولهذا يكثر منهن التغيير، ففي زمان تحدث موضة جديدة، يتركون معها ما سبق من العادات، فأرى هذا من التقليد الأعمى، وأن الاتباع في الفرقة والتسريح هو ما عليه نساء المؤمنات سابقًا من تربية الشعر، والعناية بمشطه وتسريحه وفتله ونحو ذلك، والله أعلم. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

سؤال: ما حكم جعل الشعر مجعداً مدرجاً بدل أن يكون مسترسلاً؟

الجواب: نرى أنه لا يجوز، فقد ذكر الفقهاء أن من الغش ومن التدليس تجعيد شعر الجارية عند عرضها للبيع، وذلك بمعالجة الشعر حتى تنعقد كل شعرة إلى أصلها، ليوهم أنها لا تزال شابة كما هي العادة في شعر بعض الجواري، فكذلك كل امرأة تسرح شعرها فإنها تجعله مسترسلاً، والأولى أن تفتله ضفائر كما كان ذلك عادة أمهات المؤمنين، قالت أم سلمة: (يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي) – أي تفتله قرونًا وذوائب – فعلى هذا لا يجوز محاولة جعله مجعدًا لأن في ذلك تدليسًا وغشًّا وتكلفًا للزينة بما ليس صحيحًا.

ســـؤال: هل يجوز للمرأة أن تجعل شرائط في شعر رأسها أو بكلات؟ وهل يجوز لبس البكلات أو الشرائط التي فيها صور؟ وهل يجوز المسح على الرأس وفيه هذه الشرائط والبكلات؟

الجواب: كان النساء قديمًا يستعملن حلقات من صفر ونحاس أو فضة تربط في أصول الشعر خمس أو ست حلقات، وتفتل الشعر بعده، وأحيانًا تتجمل المرأة بحلقة كبيرة تربطها في مقدم رأسها أصغر من الكف، فمثل هذه الحلقات لا بأس بها للزينة، لكن في هذه السنوات ترك النساء هذه الحلقات واستعملن هذه الشرائط التي فيها صور، ونرى أنها لا تجوز لما فيها من صور الحيوانات، وأما البكلات فلا مانع من استعمالها لربط رؤوس الشعر عند فتله حتى لا ينتقض، وكذلك ما يسمى بالتوكات التي يربط بها الشعر حتى لا ينتقض، لكن لا يجوز وصل الشعر بشعر زائد، لأن ذلك داخل في الوصل المحرم، فقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة، وهي التي تصل شعرها بشعر آخر، وقد يلحق به الخرق التي تربط بها رؤوس الضفائر، وإن كانت أخف من الوصل، وإذا توضأت المرأة وفي رأسها تلك الشرائط أو البكلات أو التوكات أو الحلق، فإنها تمسح على رأسها وتمر يدها على هذه البكلات ونحوها.

ســـؤال: هل وردت صفة في كيفية تسريح شعر الرأس بالنسبة للرجال والنساء؟

الجواب: ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره، وفي شأنه كله، والترجل هو تسريح الشعر، سواء كان هو الذي يرجله أو ترجله إحدى نسائه، فإنه يبدأ بالجانب الأيمن، وذلك دليل على شرعية البداءة بالجانب الأيمن عند تسريح شعر الرأس بالنسبة للرجال والنساء.

ســــؤال: ما حكم حلق شعر الإبطين أو قصه لمن لا يقوى على نتفه؟

الجواب: لا بأس بذلك، فإن القصد إزالته لئلا يعلق به العرق والوسخ، ويحصل منه النتن والصنان المضر لمن شمه بخبث رائحته، وحيث إنه يقع في موضع رقيق، فإن الأصل نتفه، وذلك سهل ومعتاد، لا يشق ولا يستصعب، فإن لم يقو على النتف جاز القص بالمقراض والإزالة بالنورة، والحلق بالموسى ونحوه، والله أعلم.

ســـؤال: هل يجوز صبغ الشعر الأبيض الذي في الرأس بواسطة الحناء أو أي صبغة أخرى؟

الجواب: يجوز بالحناء ونحوها، ويحرم بالسواد، والدليل قصة أبي قحافة والد أبي بكر الصديق فإنه لما جيئ به يوم الفتح ورأسه أبيض كالثغامة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "غيروا هذا واجتنبوا السواد"، رواه مسلم وغيره، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغير شيبه بالحناء والكتم حتى يكون أحمر أو أسمر، والأحاديث كثيرة في تغيير الشيب بالحمرة، وأنه من مخالفة اليهود، ويجوز تركه إذا كان له كلفة ومشقة. والله أعلم.

ســـؤال: هل يجوز صبغ بياض الحاجبين؟

الجواب: يجوز ذلك، كما يجوز صبغ اللحية بالحمرة والكتم والحناء، ولا يجوز ذلك بالسواد، مع أن الأصل عدم ظهور الشيب في الحاجبين إلا قليلاً. والله أعلم.

سؤال: ما حكم صبغ جزء من الحاجب إذا كان كثيفاً باللون الأشقر؟ وما حكم قص الجزء المصبوغ من الحاجب؟

الجواب: أرى أن هذه الأصباغ وتغيير الألوان لشعر الحواجب لا تجوز، فقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم النامصات والمتنمصات، والمغيرات خلق الله، الحديث، والنمص هو نتف الشعر من الحاجبين، ويعم أخذه بالمقص، أو بالموسى، أو بمزيل الشعر، فإن هذا الشعر أنبته الله تعالى لحكمة عظيمة، وهي أنه يقي العينين من الغبار والأتربة التي تتساقط من الجبين أو الرأس، مع كونها زينة وجمالاً في المظهر، ولهذا توجد في الطفل من حين ولادته، ومتى حلقت أو نتفت فإنها تعود كما كانت، وقد جعل الله من حكمته وجود الاختلاف فيها، فمنها كثيف ومنها خفيف، ومنها الطويل ومنها القصير، وذلك مما يحصل به التمييز بين الناس، ومعرفة كل إنسان بما يخصه ويعرف به، فعلى هذا لا يجوز الصبغ لأنه تغيير لخلق الله تعالى، ولا يجوز القص لأنه داخل في النمص المنهي عنه. والله أعلم. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم .

ســـؤال: هل يجوز صبغ الشعر باللون الأسود وخلطه بالحناء؟

الجواب: إذا كان شعر الرأس للرجل أو المرأة قد ابيضَّ من الكبر جاز صبغه بالحناء الأحمر، أو مع الحناء شيء قليل من الكتم، ولا يجوز تغييره باللون الأسود، أما إذا كان الشعر أسودًا، فإنه يترك على سواده، ولا يجوز تغييره.

ســـؤال: هل من السنة تغيير بياض اللحية بالكتم أو هذا من المباحات؟

الجواب: لعل الأصل أنه سنة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حق والد أبي بكر: "غَيروا هذا الشعر واجتنبوا السواد"، ولما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يخضب بالحناء والكتم شعر وجهه ولحيته، ولكن إذا لقي من ذلك مشقة فله تركه، حيث يكون له كلفة.

ســـؤال: ما حكم صبغ أجزاء من الشعر كأطرافه مثلاً أو أعلاه بالسواد؟

الجواب: نرى أنه لا يجوز لأن فيه تلوينًا وتغييرًا لبعض أجزاء الشعر، بل الحكم أنه يترك على سواده ويغير الشعر الأبيض بالحناء والكتم.

ســـؤال: ما حكم صبغ شعر المرأة بالألوان بقصد الزينة؟

الجواب: لا يجوز ذلك، فإذا كان الشعر باقيًا على سواده لم يجز تغييره فإنه أكمل زينة وأبلغ جمالاً، أما إذا انقلب شيبًا وابيض الشعر من الكبر فإنه يجوز صبغه بالحناء والكتم، ويستحب تغييره بالحمرة أو السمرة بلون واحد، أما تغييره بألوان متعددة كالحمرة لبعضه والسمرة للبعض الآخر والخضرة والبياض والسواد بما يسمى بالميش، فلا يجوز ذلك، ويدخل في قول الله تعالى: (وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ) [النساء: 119]، وقد ورد لعن (الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله)، كما ورد لعن  (المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال)، ولا شك أن هذا التغيير تقليد للكافرات والعاهرات، وقد ورد في الحديث: (من تشبه بقوم فهو منهم)، ومن ادعى أنه زينة وجمال فقد انخدع بما رأى وانقلب فكره فاستحسن القبيح واستقبح الحسن وذلك غاية الخذلان.

ســـؤال: هل يجوز للمرأة أن تطيل شعر رأسها إطالة ملفتة للأنظار وهل لطول الشعر حد بحيث لا تخالف الطول المعتاد؟

الجواب: الأصل أن المرأة تترك شعرها ولا تقصه ولا تقصره، وهذا هو المعتاد، وذلك لأن هذا الشعر له حد ينتهي إليه، والنساء تختلف طبائعهن، فمنهن من يتوقف شعرها إلى نصف الظهر، ومنهن من يزيد على ذلك، فعلى هذا تتركه كما هو، وقد كان النساء يفتخرن بطول الشعر، ولو زاد على المتر أو نحوه، وفي هذه الأزمنة ابتليت النساء بتقليد نساء الغرب الكافرات والنصرانيات في التمثيل بالشعر، وفي قصه أو جعله مدرجات، فلذلك رخص بعض العلماء المعاصرين في تقصيره إذا كان يكلفها بالمشط والتسريح، والدهن والتنظيف، وتوسع في ذلك الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تفسير سورة الحج، من كتابه أضواء البيان، عند قوله تعالى: (ثُمَّ لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) [الحج: 29]، ورجح أن المرأة لا تأخذ من طول شعرها ولا من عرضه، والذين رخصوا في ذلك استدلوا بما ذكر عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان نساء النبي صلى الله عليه وسلم يأخذن من شعورهن حتى يكون كالوفرة)، لكن هذا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، وبعد أن يئسن من الزواج، فيلحق بذلك كبيرة السن التي لا ترجو نكاحًا فيجوز لها أن تأخذ من شعرها، حتى يكون إلى المنكب، أو إلى نصف الظهر، مع كراهة ذلك.

ســـؤال: هل يجوز للمرأة أن تصف شعرها بطريقة عصرية، لرغبة الزوج بذلك؟ علمًا أنها لا تقصد تشبهها بالكافرات؟

الجواب: نرى أنه لا يجوز لها عمل هذه الطريقة العصرية ولو رغب الزوج في ذلك، كإمالة فرق الشعر، وجمع بعضه إلى بعض خلف الرأس ليكون كالحدجة، وقص بعضه كمدرجات، وتلوينه بأصباغ متعددة، ولو لم تقصد تشبهًا بالكافرات، فيخاف عليها التشبه بمن يتشبهن بالكافرات، فإن هذه الصفات جديدة لم تعرف إلا بعد وجود الكافرات أو المتشبهات بهن.

ســـؤال: هل أحكام البنات الصغار في الشعر عمومًا كأحكام البنات البالغات؟

الجواب: على أولياء البنات الصغار تربيتهن حتى يألفن الأحكام الشرعية، ومن ذلك توفير الشعر في حقهن، وتسريحه وتضفيره، لتعرف وهي صغيرة احترام هذا الشعر وتألف ذلك، وتكره من يمثل بالشعر أو يقصه، لكن الصغيرة التي قبل الفطام قد يجوز قص جوانب شعرها أو مقدمته حتى لا يتدلى على الوجه، إلى أن تفطم، فبعد ذلك تدرب على جعله ضفائر وقرونًا، كالكبيرة البالغة.

ســـؤال: إذا صُنع من شعر الإنسان لباسًا فهل يجوز لبسه؟

الجواب: لعل ذلك جائز، فإن الإنسان طاهر، فلو أخذ شعر الرأس وخلط بشعر الماعز أو بصوف الضأن أو بوبر الإبل، وعمل أكسية أو فرشًا، فإنه يجوز استعماله، ولكن العادة أنه يتلف، كما في حلق الرؤوس في منى، أو بعد العمرة عند باب المروة، ونحو ذلك، ولم يعتادوا أن ينشزوا منه كسوة أو لباسًا.

ســـؤال: هل يجوز لبس الثياب المصنوعة من شعر بعض الحيوانات كالخنزير؟

الجواب: يظهر أن شعر الخنزير وشعر الحُمر نجس، لأنه نبت على حيوان نجس محرم الأكل، وإن كان بعض العلماء أباحوا استعماله بعد غسله وتنظيفه، وكذا شعر الثعالب وما أشبهها من الحيوانات المحرمة، مع أن الأولى عدم نشز الثياب منه

ســـؤال:ما حكم الامتشاط بعظم الميتة؟

الجواب: رخص في ذلك بعض العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية، فرخص في قرن الميتة أو قرن العنز إذا كسر وهي حية، وكذا أظلافها، والجمهور على نجاسة عظام الميتة، لأنه تدخلها الحياة، وتتألم إذا ضربت، وفي وسطها المخ الذي يتنجس بموتها، فلذلك على هذا القول لا يعمل منه أمشطة، ولا ما يشبهها.

ســـؤال: ما صفة الشعر في قول الرسول صلى الله عليه وسلم  : "رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة"؟

الجواب: يراد برؤوسهن شعر الرؤوس، فيظهر أنهن يجمعن شعورهن ويلبدنها فيجتمع الشعر كله لُمة خلف الرأس، وتعقده خلفها بخيط أو نحوه فإذا مشت خيل إلى الناظر أن لها رأسين؛ حيث إن الشعر كأنه رأس ثان، فتكون شبيهة بأسنمة البخت التي هي نوع من الإبل لها سنامان أحدهما أكبر من الآخر، وهذا دليل على تحريم جمع الشعر خلف الرأس كأنه كرة، والأصل أن المرأة تضفر شعرها وتجدله قرونًا خلفها، وعن جانبي رأسها كما هو المعتاد عند نساء المؤمنين. والله أعلم.

ســـؤال: ما حكم جمع شعر الرأس إلى فوق أو خلف؟

الجواب: نرى أن ذلك لا يجوز بالنسبة إلى النساء، وأن المرأة عليها أن تُجدل رأسها وتجعله ضفائر، فهكذا كان حال النساء في العهد النبوي وما بعده إلى زمن قريب، وبعد أن توافد نساء الكفار إلى البلاد الإسلامية قلدتهن بعض النساء ظنًا منهن أن ذلك تقدمًا ورقيًا وجمالًا، ولا شك أنه تقبيح للمنظر، وتشويه للشعر، وقد ينطبق الوصف المذموم في حديث: "رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة" على بعضهن وهي التي تجمع شعر رأسها حتى تكون كاللمة وتلم بعضه على بعض وتربطه من خلفها، وتلبس الخمار فوقه أو لا تلبسه فكأن لها رأسين، وذلك يُشبه أسنمة البخت وهي نوع من الإبل لها سنامان، ومن أسماء هذا العمل سفح المرأة لشعرها إلى الخلف وهو السدل، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسدل شعره لما كان المشركون يفرقون، فخالفهم وسدل شعره وراء رأسه لأن اليهود كانوا يسدلون وهم أقرب إلى الشرع من المشركين، ولما أسلم العرب فرق بعد ذلك وترك السدل مخالفة لليهود. والله أعلم.

ســــؤال: ما حكم القُصة المائلة في مقدمة الشعر وليست في جميعه وهي منتشرة في أوساط النساء وما الحكم إذا كانت مناسبة جدًا لوجه المرأة ولا تجدي معها تسريحه أخرى؟

الجواب: هذه القصة لا تجوز فإن زينة المرأة في شعرها فليس لها قصه ولا قص بعضه لا من مقدمه ولا مؤخره، ولا يجوز أيضًا للرجل قص بعض شعره ولا حلق بعضه، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن القزع، وقال: "احلقوه كله أو اتركوه كله"، ولا شك أن هذه التسريحة جديدة غير معروفة عند نساء المسلمين، وإنما حدثت في الوقت المتأخر إما تقليدًا لبعض نساء الغرب وإما تعمدًا وقصدًا للشهرة ومحبة لميزة وتسريحة شاذة تلفت الأنظار، وكل ذلك لا يكون مسوغًا لهذه الفعلة. والله أعلم .

ســـؤال: هل يجوز للمرأة أن تسرح شعرها أمام محارمها؟

الجواب: يجوز ذلك، كما يجوز لها أن تكشف شعر رأسها أمام النساء وأمام المحارم، للحاجة إلى ذلك كالوضوء.

ســـؤال: هل يجوز للمرأة أن تكشف عن بعض رأسها عند الأجانب؟

الجواب: المرأة عورة، شعرها وسائر بدنها، فلا تكشفه إلا لمحارمها، أو لنسائها، لقوله تعالى: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ...) [النور: 31] إلى آخر الآية، والشعر من الزينة.

ســـؤال: هل يجوز للمرأة المسلمة أن تكشف شعرها أمام المرأة غير المسلمة؟

الجواب: الصحيح أن المرأة لها أن تكشف شعرها عند النساء المسلمات وغير المسلمات، وإنما تحتجب عن الرجال الأجانب مسلمين أو غير مسلمين، وقد ذهب بعض العلماء أن المرأة تتحجب عن النساء الأجنبيات الكافرات، وفهموا ذلك من قوله تعالى: (أَوْ نِسَائِهِنَّ)، والأقرب أن المراد النساء اللاتي من جنسهن كبيرات مكلفات، فيدخل في ذلك غير المسلمات.

ســـؤال: ما حكم كشف المرأة لشعرها للمسلمة إذا كانت تصفه لأقاربها؟

الجواب: نرى أنه يجوز لها أن تكشفه، ولكن لا يجوز لتلك المرأة التي رأت شعرها أو وجهها أو زينتها أن تفشي ذلك لرجال أو لنساء، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم المرأة أن تصف امرأة لزوجها حتى كأنه يراها، ولعل المراد من يريد أن يتزوجها، إلا إذا كان هناك مناسبة ورغبة ظاهرة، فهكذا إذا رأت امرأة أختها متكشفة فعليها أن تستر ذلك ولا تفشيه أمام الرجال ولا أمام النساء.

ســـؤال: هل يجوز أن تكشف المرأة المسلمة شعرها أمام امرأة غير مسلمة، وخاصة أنها تصف المرأة المسلمة أمام الرجال من أقاربها وهم غير مسلمين؟

الجواب: المرأة تكشف للمرأة كافرة أو مسلمة، لظاهر قوله تعالى: (أَوْ نِسَائِهِنَّ)، فكما أنها تكشف للمسلمة وجهها وشعرها وكفيها وساعديها وقدميها وثدييها، فإن ذلك لا يمنع أن تكشفه لغير المسلمة، ولكن إذا علمت أن هذه المرأة سوف تصفها للرجال من المسلمين أو غير المسلمين، وتكشف سترها، وتفشي أسرارها، فإنها لا تكشف أمام أية امرأة تكون بهذه الصفة، مسلمة أو كافرة، فلا يجوز للرجل أن يصف امرأة نظر إليها للرجال بمدح أو قدح، ولا يجوز للمرأة المسلمة أو الكافرة أن تفشي سر النساء المسلمات عند الرجال الأجانب أو عند النساء.

ســـؤال: ما حكم ذهاب المرأة إلى الكوافيرة (امرأة متخصصة بتزيين شعر المرأة)؟

الجواب: لا يجوز؛ فإن في ذلك دفع مال لهذه المرأة بدون حاجة، فإن كل امرأة تستطيع إصلاح شعرها المعتاد، وذلك بدهنه وكده ومشطه وغسله وتنظيفه ثم فتله جدائل قرونًا من الجانبين ومن الخلف، وذلك لا يكلف شيئًا، فلا حاجة إلى تلك المرأة التي تتخصص بتزيين الشعر؛ فإنها قد تقص بعضه، وقد تعكفه وتجمعه من الخلف بما هو مخالف للعادة المتبعة عند النساء في إصلاح شعورهن.

ســـؤال: هل يجوز للرجل أن يجعل له لحية من جلد الغنم أو غير الغنم لقصد التمثيل؟

الجواب: نرى أنه لا يجوز، لأن ذلك يعتبر كذبًا، وقد يتخذ للسخرية بأهل اللحى، حيث يمثل إنسانًا معينًا أو غير معين أمام الحاضرين، لقصد التعجب والضحك، وقد علم أن السخرية والاستهزاء بأهل الدين حرام شرعًا، لقول الله تعالى: (قُلْ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ) [التوبة: 64]، وإذا كان لا بد من التمثيل الذي فيه ترغيب في بعض الأعمال الخيرية، أو ترهيب من بعض المنكرات، فلا يكون فيه تنقص وعيب للمسلمين المتمسكين بهذا الدين.

ســـؤال: إذا احتجم الشخص وحلق موضع الحجامة، فهل يلزمه حلق جميع رأسه أو لا يلزمه؟ وهل يكون ذلك مُثلة؟

الجواب: إذا كان محرمًا فإنه يقتصر على حلق موضع الحجامة، كقفا الرأس، وعليه فدية من صيام أو صدقة أو نسك، أما غير المحرم إذا حلق مؤخر الرأس لأجل الحجامة فالأولى أن يحلق بقية رأسه حتى لا يكون شبيهًا بالقزع، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التمثيل بالشعر.

ســـؤال: إذا لم يطل الشعر خلال أربعين يومًا فهل تركه يعد مخالفة للسنة؟

الجواب: جاء في بعض الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم وقَّت للمسلم في (قص الشارب، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط، وحلق العانة، أن لا يترك أكثر من أربعين ليلة)، ومع ذلك لو طال هذا الشعر قبل الأربعين فإن عليه قصه أو تقصيره، ولو لم يطل الشعر خلال أربعين يومًا فلا بأس بتأخيره أكثر من أربعين يومًا، شهرين أو نحوها، لأن العلة طول الشعر، بالأخص شعر الشارب حتى لا يكون مُثلة ويشوه الخلقة الظاهرة.

سؤال: بعض الشباب يطيل شعر رأسه بحجة أن هذا اقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم فما رأيكم؟

الجواب: تربية الشعر من العادات لا من العبادات، فلا بأس به، ولكن نرى كراهيته للشباب في هذه الأزمنة، لأنه يصبح ملفتًا للنظر، وقد يكون لمقصد سيئ، فلذلك الأولى حلقه، أو تقصيره، حتى لا يكون فيه تشبه بالنساء ولا بالسفهاء ونحوهم. والله أعلم.

ســـؤال: ماذا يجوز للخاطب أن يرى من المخطوبة فمثلاً هل تنزع الخمار أم يرى الوجه فقط؟ وهل يجوز الكلام معها مع وجود محرم؟

الجواب: الخاطب يجوز له أن ينظر من مخطوبته إلى ما يظهر غالبًا كالوجه والكفين والشعر وينظر إليها قائمة وجالسة، ويسمع كلامها ويكون ذلك بحضور أحد محارمها، ويكون بقدر الحاجة، ولا تجوز الخلوة بها قبل العقد، ويجوز التحدث معها هاتفيًا بعد الركون إليها فيما له تعلق بالنكاح والبحث معها في أمور تختص بالزوجين والسؤال عن الحاجيات المهمة وما إلى ذلك. والله أعلم.

ســـؤال: هل يجوز للمحادة أن تأخذ من شعرها أو أن تسرحه؟

الجواب: المرأة المحادة كغيرها من النساء بالنسبة لتسريح الشعر، أو ترجيله، أو مشطه، أو غسله، فإنها تحتاج لذلك فتفعله كل أسبوع مرة أو مرتين، إلا أنها تمنع أن تمشطه بما فيه طيب له رائحة عطرة، وإنما تدهنه بزيت الزيتون ونحوه، والأصل أن المرأة تربي شعرها ولا تقص منه إلا إذا كان طويلاً، بحيث يصل إلى الخاصرة، أو إلى أسفل البطن، وتتأذى بطوله ومشطه ودهنه، فلها أن تقصر منه حتى يكون كعادة النساء.

  ســـؤال: ما دية الشعور التالية: اللحية والشارب وشعر الرأس وشعر اليدين والرجلين وشعر الصدر؟

الجواب: ذكر العلماء أن من جنى على لحية إنسان فأذهب جمالها، ولم تنبت كما كانت، فإن عليه دية كاملة وهي مائة من الإبل، وهكذا ذكروا أن الدية في شعر الرأس إذا لم يعد بسبب الجناية، وكذلك تدفع الدية في شعر الحاجبين، وتدفع الدية كاملة في شعر الأهداب، أي أجفان العينين، إذا لم ينبت بسبب الجناية، وأما شعر الشارب ففيه حكومة، وكذا في شعر اليدين والرجلين وما ينبت في الصدر، والحكومة أن يقدر ذلك المجني عليه كأنه مملوك، وينظر ماذا نقصه هذا العيب، ويحكم به على الجاني، فلو كان ثمنه عشرة آلاف وهو كامل، وبعد الجناية على شعر الشارب أصبح يساوي ثمانية آلاف، فإن فيه الخمس من مجموع الدية. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.